ثلاثة مصممين شباب مغاربة يستلهمون أعمالهم من الصناعة التقليدية
بيت الفن
تحت شعار “الصناعة التقليدية والتصاميم العتيقة”، افتتح رواق هولماركوم”، أخيرا، معرضه الجديد، الذي يشكل فرصة لعشاق التصميم (الديزاين) لاكتشاف إبداعات ثلاثة شباب مصممين موهوبين، قدموا ما صنعت أياديهم بروح استيعادية تذكر بالماضي، وتدعو المشاهد إلى السفر في رحلة مذهلة عبر الزمن الجميل.
وفي هذا السياق صرح محمد حسن بنصالح، الرئيس المدير العام لمجموعة “هولماركوم”، إلى أن المجموعة المعروضة إلى غاية 26 أبريل 2019 تطمح بهذه المناسبة “إلى تقاسم عشقها للتحف القديمة والأيقونات الخالدة التي تعكس تراثنا الثقافي الزاخر ومدى مهارة واحترافية أجدادنا وأسلافنا”.
وعرض كل من محسن بوصفيحة، وياسين حميشان، ومعاذ محسن، إنتاجاتهم التي تنهل من الصناعة التقليدية المغربية وتمزج بتصاميم معاصرة خلاقة ومبدعة، حيث زاوجوا بين الجمع وإعادة الاشتغال على الأثاث والإكسسوارات عبر العديد من الحقب والعصور، وللحفاظ على جوهر الصناعة التقليدية وظفوا مجموعة من المواد من خلال ألوانها ورموزها، وهي تحديات رفعها المصممون الثلاثة بنجاح وتفوق.
واقترح كل مصمم تبعا لأسلوبه وتعبيره الذاتي مجموعة من المواد، التي ترجع بنا إلى موجات التصميم المتداول عبر عقود خلت، مع الحرص على إضفاء لمسة عصرية عليه ليتماهى مع أذواق العصر الحالي.
من جهة أخرى تؤكد مجموعة هولماركوم بتنظيمها لهذا الحدث، أنها واصلت دعمها اللامشروط للإبداع والتصميم بالمغرب، بيد أنه منذ إحداث رواق هولماركوم يساهم في ازدهار قطاع الصناعة التقليدية وهو المسعى المندرج ضمن رهان مزدوج يجمع بين البعدين الفني والسوسيواقتصادي، وقد فسحت هذه الدورة مرة أخرى المجال لاكتشاف تثمين ودعم موهبة المصممين المغاربة.
على مستوى آخر يرسخ المصممون الثلاثة المشاركون في هذا الملتقى ثقافة الاجتهاد، ويعد المصمم محسن بوصفيحة، خريج مدرسة الهندسة الداخلية والتصميم ” آرت كوم سوب” واحدا من الذين وجدوا طريقهم الأول من خلال ابتكاره فضاءات الحياة للخواص إلى جانب فضاءات للاشتغال لفائدة المحترفين، وساهم تعاونه مع الشركة البلجيكية المتخصصة في إعادة إصدار أثاث كبار المصممين الذي يعود إلى سنوات الثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي في صقل ذوقه بمجال تصميم الأشياء وإبراز مهاراته بالرسم التقني.
وانطلاقا من ولعه بالمصمم الدنماركي هانس ويجنر، يلاحظ أن عالمه يتميز في غالبيته بالمزاوجة بين المواد التي لا تظهر عليها ذلك المزيج على غرار الخيزران والنحاس الأصفر، أو حتى الزجاج المنفوخ والخشب، فالإبداع بالنسبة إليه، هو أولا وقبل كل شيء عملية التواصل وتمرير بعض الأفكار والرسائل، وهو يحب استغلال الإمكانيات الكامنة في كل مادة، تلك التي تشكل تحديا ويصعب الاشتغال عليها.
في حين لا يتردد المصمم ياسين حميشان في تحدي الكبار بإبداع نموذج خاص به على شاكلة طاولة كاندنسكي، التي لقيت نجاحا كبيرا لدى جمهور المتتبعين، يستلهم حميشان أفكاره من ثقافته الخاصة، إذ يبدع في تطوير تعابير منحيات الحرف اليدوية المغربية بإبداعات ذات أشكال هندسية بسيطة من خلال تنقله من إنشاء تحف حقيقية، انطلاقا من الخيال. في بداية اهتمامه بالمشغولات اليدوية، التحق ياسين حميشان، الذي يتحدر من أسرة مكونة من مصممين ومبدعين، بمدرسة الفنون الجميلة بالدارالبيضاء، قبل أن يلتحق بالمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان سنة 2015، وشارك في العديد من المعارض والورشات الفنية بتطوان، وقادته تجاربه وعشقه للفن إلى المشاركة في تأسيس وتنظيم أول تظاهرة للتصميم بتطوان.
قاد مسار معاذ محسن المهني لشغل منصب مسير إداري لأزيد من 10 سنوات بصناعة الحبوب، ورغم المسؤوليات الملقاة على عاتقه، دأب معاذ محسن على إعطاء أهمية قصوى للإبداع. واليوم تفرغ هذا المصمم، خريج المدرسة السويسرية للأعمال، لموهبته الفنية ليخصص بذلك كل وقته لإبداع مواد وتحف الصناعة التقليدية بروح مختلفة ومغايرة، فهو مهووس منذ طفولته بالأثاث القديم المثقل بالذكريات، وهذا ما حدا بمقاربته إلى إعادة الاشتغال على المواد الأصلية المستعملة في الحياة اليومية، والنهل من ذكريات طفولته، سعيا منه إلى ضخ روح جديدة بها وإعطائها بعض الوهج أو حتى الابتعاد عن استعمالها الأول. وتظل المواد التراثية التقليدية المغربية مفضلة لديه، على غرار النسيج المخرم “المكرامي”، والدوم المنسوج والنحاس والأواني النحاسية بالنسبة للمعادن، كلها مواد يعتبرها عناصر زاخرة بمؤهلات إبداعية متعددة ووافرة، سواء كانت صلبة أو قابلة للتمدد، فهي تفسح المجال أمام المبدع لابتكار أعمال فنية، وفي الوقت نفسه مواد عملية وقابلة للاستعمال.