مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط يطلق دورته الـ30 في أجواء احتفالية وطنية دالة حضرها سينمائيون ونقاد ومهتمون بالفن السابع في كل أنحاء المتوسط…
بيت الفن
في أجواء احتفالية وطنية دالة، حضرها سينمائيون ونقاد ومهتمون بالفن السابع في كل أنحاء المتوسط، انطلقت، مساء اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025 بتطوان، فعاليات الدورة الـ30 لمهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط، الذي يحتفي هذا العام بـ40 سنة من السينما المتوسطية، حيث قدم منذ تأسيسه عام 1985 روائع بصمت تاريخ الفن السابع في العالم.
وتميز حفل افتتاح هذه التظاهرة التي تنظمها جمعية أصدقاء السينما تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل والمركز السينمائي المغربي، بتكريم المخرج نبيل عيوش والممثل الفلسطيني الأردني إياد نصار لما قدماه للسينما من أعمال متميزة.

30 دورة و40 سنة سينما
وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس مؤسسة مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط، أحمد حسني، أن المهرجان يشكل منصة للسينما تجمع بين الثقافات، وتعكس قيم الحوار والتضامن.
وأبرز حسني أن المهرجان، الذي تتميز دورته لهذا العام بحضور وازن لسينمائيين من العالم العربي وأوروبا، سيستمر في إشعاعه عبر الأجيال القادمة، لأن المهرجان ليس ملكا لجمعية أصدقاء السينما فقط، ولا لإدارة المهرجان، التي واجهت على مدى 40 سنة مختلف التحديات والصعاب بالصبر والمثابرة والإصرار، بل إن المهرجان ملك لمدينة وديعة ولمملكة عريقة جذورها في جنوب المتوسط وفروعها في شماله.
من جانبه ألقى الأكاديمي نور الدين أفاية كلمة عن المهرجان، الذي اعتبره حدثا مفصليا في مسار هذه التجربة الاستثنائية على خريطة اللقاءات السينمائية المغربية، وهو حدث بلوغ مهرجان تطوان للسينما المتوسطية سنه الـ40 ودورته الـ30، حيث أكد رئيس المهرجان أحمد الحسني إلى أن المهرجان، الذي بدأ سنة 1985، سبقته سنوات من التحضير والتهيئة والأنشطة المكثفة حول السينما،.
وكشف أفاية أن علاقته بأصدقاء السينما في تطوان تتجاوز الثلاثين سنة، وفي وقت كان فيه المغرب المتوسطي شبه منسي لأسباب متعددة، انتبه أصدقاء السينما إلى الحاجة إلى إعلاء البعد المتوسطي للمغرب، وجعلوه، بفضل مهرجان تطوان السينمائي، في قلب الأحداث السينمائية في حوض البحر الأبيض المتوسط. بل حولوا تطوان إلى قبلة لعدد لا يحصى من السينمائيين المتوسطيين ومن مختلف الجنسيات والتخصصات، الذين تركوا في هذه المدينة آثارا لا تقدر على الشباب والطلبة والجمهور الواسع.
ورغم وجود عشرات المهرجانات السينمائية المتوسطية، يرى أفاية أن مهرجان تطوان للسينما المتوسطية استطاع، ومنذ بدايته، أن يفرض نفسه كأحد أبرز المهرجانات في فضاء البحر الأبيض المتوسط. ولربما لا يضاهيه في التنظيم والبرمجة إلا مهرجان مونبلييه الذي يعَد صاحب الفضل في إطلاق هذه الدينامية والحركية السينمائية المتوسطية.
وإذا كان مهرجان تطوان للسينما المتوسطية في طليعة من يصنع هذه الجمالية ويمنح لتطوان هذا البعد الثقافي الواسع، ويكسبها مكانة متميزة على الخريطة السينمائية المتوسطية، فإن هذا المهرجان، بما راكمه من خبرة ومنشورات وعلاقات، يستحق كل الدعم والإسناد من طرف من يملكون القرار محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا. وحتى يظل المهرجان تجسيدا حيا ومتجددا للروح الأنوارية التي تسكن هذه المدينة، ومنارة للمغرب المتوسطي في أبعاده الإبداعية.
ويكفي النخبة التي أطلقت هذا المهرجان وما تزال تصر على استمراره فخرا أنها انتصرت في بلوغ دورته الثلاثين، وهو سبق لم يبلغه أي مهرجان مغربي آخر حتى ولو سبقه في التأسيس، مثل مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية أو المهرجان الوطني للفيلم، اللذين بلغا هذا العام دورتهما الخامسة والعشرين.
فالمهرجان ليس مجرد نية أو حدث عابر، بل هو تصور لدور السينما والثقافة في الحياة الوطنية، وتجسيد لإرادة جماعية في البناء، والتعبئة، والاستمرار، والإبداع.
“سارق الأطفال” للمخرج الإيطالي جياني أميليو مسك ختام حفل الافتتاح
اختتم حفل الافتتاح بعرض فيلم “سارق الأطفال” للمخرج الإيطالي جياني أميليو (1992)، الفيلم تدور أحداثه في أوائل التسعينيات بمدينة ميلانو، “روزيتا” فتاة في الحادية عشرة من عمرها، تجبر على ممارسة الدعارة مع والدتها. عند إلقاء القبض على والدتها، تسلم روزيتا وشقيقها لوتشيانو إلى ضابطي كارابينيري لإرسالهما إلى دار أيتام في تشيفيتافيكيا، قرب روما. لكن أحد الضابطين يغادر للبحث عن عائلته، تاركا الطفلين مع أنطونيو في محطة قطار ميلانو. يتولى أنطونيو رعايتهما، حين ترفض الإدارة استقبالهما لعدم وجود شهادات طبية، يتصل أنطونيو برؤسائه، فيقررون إرسال الطفلين إلى دار أيتام في صقلية، لكن أنطونيو يغادر معهما إلى كالابريا، حيث تعيش والدته ويكونون عائلة لفترة وجيزة.
يصور جياني أميليو الوجوه عن قرب، ويجوب إيطاليا التي تغمرها الفوضى الحضرية يتفي “رود موفي” يلامس مشاعر المشاهد دون أن يبكيه.

لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لفئة الأفلام الطويلة
شهد حفل الافتتاح، تقديم أعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لفئة الأفلام الطويلة، التي يترأسها المخرج الإيطالي، ليوناردو دي كوستانز، وتضم اللجنة في عضويتها كل من المخرجة والسيناريست المغربية، أسماء المدير، والممثل والكاتب المسرحي الفرنسي، سيرج باربوتشيا، والمنتجة البرتغالية، إيزابيل ماتشادو، والمخرج والسيناريست المصري، أمير رمسيس.

أعضاء لجنة مصطفى المسناوي للنقد و”محترفات تطوان”
كما تم تقديم أعضاء لجنة مصطفى المسناوي للنقد، المكونة من الصحافية المغربية، فاطمة الإفريقي والناقد السينمائي الفرنسي سيدريك ليبين والصحافي والناقد الإيطالي فرانشيسكو بونتيجيا. وأعضاء لجنة تحكيم “محترفات تطوان” في دورتها الثالثة، برئاسة الكاتبة الفلسطينية الأردينية، ليالي بدر (والكاتب والأكاديمي المغربي، محمد نور الدين أفاية، والمنتج الألماني، كريستوف توكه، والمخرج والمنتج الإسباني، إينياشيو فيويلتا.

أفلام روائية ووثائقية حديثة في المسابقة الرسمية
ويتنافس في إطار المسابقة الرسمية لهذه الدورة عشرة أفلام روائية ووثائقية حديثة من ثمانية بلدان متوسطية، وهي “موسيقى تصويرية لانقلاب” لجوهان كريمونبري من فرنسا/بلجيكا، و”حيوان ثدي” للييانا طوريس من إسبانيا، و”فكرة” لطيفون بيرسيليموكلي من تركيا، و”المملكة” لجولياتن كولونا من فرنسا، و”لعبة منزلية” لأوميت أونال من تركيا، و”غيتار يراي كورطيس الفلامنكو” لأنطون ألفاريس من إسبانيا، و”عروسة الجبال” لماورا ديلبيرو من إيطاليا/فرنسا/بلجيكا، و”سوناتة ليلية” لعبد السلام الكلاعي من المغرب، و”الوقت اللازم” لفرانسيسكا كوميشيني من إيطاليا/فرنسا، و”المرجا الزرقا” لداود أولاد السيد من المغرب.

عروض “خفقة قلب” وندوات ولقاءات وورشات…
بالإضافة إلى المسابقة الرسمية، تشتمل برمجة هذه الدورة على فقرات منها عروض “خفقة قلب”، وأفلام التكريم، إضافة إلى عرض مجموعة من الأعمال السينمائية “ذات هالة شكلت لحظات بارزة في تاريخ المهرجان”.
كما سيتم تنظيم ندوات ولقاءات وورشات حول قضايا الإبداع، والجماليات، ونقل المعرفة، يؤطرها مخرجون، نقاد، جامعيون وفنانون مرموقون.
ويعمل المهرجان، منذ تأسيسه سنة 1985 من طرف جمعية “أصدقاء السينما بتطوان” على التعريف بالسينما المتوسطية، حاملا قيما سينيفيلة متطلبة ومتجددة، كما ظل دائما موعدا تتلاقح فيه التجارب والحساسيات الفنية بمدينة عرفت باحتضانها لمختلف الحركات والتيارات الفنية التأسيسية والرائدة.
بيت الفن المغربي فضاء للتلاقي، للتفاعل، للتآلف، للحوار، ولتبادل الأفكار بيت الفن فضاء للتلاقي، للتفاعل، للتآلف، للحوار، ولتبادل الأفكار، للانفتاح على الآخر، إنه حيز مشترك غير قابل لأن يتملكه أيا كان، الثقافة ملك مشاع، البيت بيتك، اقترب وادخل، إنه فسيح لا يضيق بأهله، ينبذ ثقافة الفكر المتزمت بكل أشكاله وسيظل منحازا للقيم الإنسانية، “بيت الفن” منبر للتعبير الحر، مستقل، مفتوح لكل التيارات الفنية والأدبية والفكرية.