ظل الشريط شاردا من وراء حجاب الخوف والحشمة وسطحية جدار ضبابية الشاشة المفتعلة…
هشام الودغيري
في إطار برنامج “خميس السينما وحقوق الإنسان”، تم مساء الخميس 19 دجنبر 2024 بسينما النهضة بالرباط، تقديم العرض ما قبل الأول للفيلم الوثائقي “شجرة الرنج”، لمخرجته مريم عدو.
ويتطرق هذا الفيلم القصير (18 دقيقة)، الذي أنتجته جمعية لقاءات البحر الأبيض المتوسط وحقوق الإنسان على إثر إعداد “استراتيجية للدعوة لإصلاح القانون الجنائي بشأن مسألة الإنهاء الإرادي للحمل في المغرب”، إلى المحنة النفسية والجسدية لامرأة حاولت إنهاء حمل غير مرغوب فيه.
الإجهاض السري لحمل العازبات (الإنهاء الطوعي والقسري للحمل) موضوع طابو اجتماعي متعدد التداعيات النفسية والصحية والمجتمعية جد مركب. لم تفلح كاتبة ومخرجة العمل عكس هول الظاهرة، القديمة تاريخيا قدم مأساة المرأة، وتقريبها لمعاناة الضحايا.
ظل الشريط شاردا من وراء حجاب الخوف والحشمة، وسطحية جدار ضبابية الشاشة المفتعلة (بتبرير إخفاء وجه الشاهدة)، خارج دائرة الدراما والدراماتورجيا dramaturgie المفروضة في مثل هاته المقاربة النوعية.
نظرة من ثقب باب موصد على موضوع شائك ومتشعب، عولج بخشيبات بئيسة، في قالب تشكيلي باسطيلي بارد، غاب عنه هول أحمر الدماء (الإجهاض يرادف الدم)، مع أداء جسدي عشوائي، تعبيرا عن ألام البطن والرحم، يذكر بتمرغ حيوان أكثر منه إنسان على الأرض، حتى البساط الذي تتمرغ فيه الضحية (تمثيلا)، به شكل فروة نمر لا علاقة له بالموضوع (نوع معروف من الأغطية الصينية)، وهو أنموذج عن عدم إلمام صانعة العمل برموز وأيقونات شريطها.
عموما، ذكرتني بتجربتها الأولى في شريط “المعلقات” (إنتاج 2021)، حيث لم تقبض المخرجة على روح موضوعها، فلم تطأ الكاميرا ردحات المحاكم، فضاء “التعليق” المسطري، حيث تعلق مصائر النساء المطلقات، واكتفت المخرجة بمقاربة، خارج الإطار، عبر تبرير مَشاهدي من خلال شخصية “الكاتب العمومي”.
ما يحجب/يخفف طرح “راديوفونية” شريط “شجرة الرنج” (الشريط هو سرد صوتي أكثر منه بصري)، هي تلك الرسومات المتحركة، التي تلعب في ملعب الشاعرية (عبثا)، وهي ربما مشروع عمل آخر بعيدا كل البعد عن المراد الدرامي في العمل المعروض.
تجربة أخرى لمريم عدو، مع الأسف، hors sujet خارج الموضوع، إلى درجة الشك الراجح في أداء تمثيلي للشاهدة بسردها لتجربتها في الإجهاض القسري (قالت المخرجة بالشريط، وهي تظهر به بوجه مكشوف، بأن شاهدتها هي الوحيدة التي قبلت التصوير من بين العديد من وعود ضحايا أخريات).
كما هي تجربة إنتاجية أخرى جد متواضعة وهاوية لـ”جمعية لقاءات البحر الأبيض المتوسط وحقوق الإنسان ARMCDH”.
باختصار: فيلم وثائقي هاوي، على طعم برتقالة مرة متعفنة، كما أتت صورة بإحدى الرسومات بالشريط..مع الأسف.