الاشتغال على عرس الدم كنص عالمي هو مساءلة للإنسان بأسئلة جوهرية حول الصراع الأبدي بين الحرية والقدر، بين العاطفة والقيود الاجتماعية، وبين التوق الفردي والذاكرة الجماعية…
بيت الفن
بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الثقافة، افتتحت مؤسسة أرض الشاون للثقافات مشروع التوطين الخاص بالموسم الجديد 2025/2026 بالمركز الثقافي الزمامرة، من خلال العرض الأول لمسرحية “عرس الدم” للشاعر الإسباني فيديريكو كارسيا لوركا، إقتباس وإخراج ياسين أحجام، وتشخيص كل من الممثلة جميلة الهوني، قدس جندل، والممثل رضا بنعيم ومنصف القبري.
ويندرج العرض، الذي يتم تقديمه اليوم السبت 13 شتنبر 2025 أمام جمهور غفير، في إطار رؤية المؤسسة التي تسعى إلى ربط التراث المسرحي العالمي بالراهن المغربي، بما يمنح المسرح طاقة مضاعفة ليكون فضاء للتفكير الجمالي والحوار الإنساني.
وإذ تستحضر المؤسسة النص اللوركي بكل زخمه التراجيدي والرمزي، فإنها تراهن على مقاربته من زاوية الخصوصية الثقافية المغربية، عبر لغة مسرحية تنبض بالإيقاع، وصور بصرية مشغولة بالبساطة الدالة: باب بدفتين، ومساحات فارغة تتسع للتأويل وتكثيف المعنى. بهذا التوظيف، يظل العرض وفيا للروح الكونية للنص، وفي الآن نفسه مغروسا في التربة المحلية.
وقد أُسنِدت أدوار هذه التجربة إلى ممثلين متمرسين في مسعى لخلق انسجام حي بين الأداء الفردي والجماعي، حيث يتحول الممثل إلى حامل للذاكرة الفردية والجماعية معا.
إن الاشتغال على “عرس الدم” كنص عالمي هو مساءلة للإنسان بأسئلة جوهرية حول الصراع الأبدي بين الحرية والقدر، بين العاطفة والقيود الاجتماعية، وبين التوق الفردي والذاكرة الجماعية. وهو ما يجعل العرض امتدادا لمشروع مؤسسة أرض الشاون للثقافات الهادف إلى ترسيخ جماليات مسرحية حديثة، منفتحة على المتخيل الكوني، دون التفريط في الروح المغربية الأصيلة.
هكذا، يرسم هذا العمل الجديد بصمة خاصة في مسار المؤسسة، ويؤكد أن المسرح هو فعل إبداعي مقاوم، يربط بين الإرث الإنساني والراهن المحلي في رحلة بحث دائم عن المعنى المشترك للحياة والفن.
وتواصل أرض الشاون للثقافات عروضها بتقديم مسرحية “جدار، الضوء نفسه أغمق”، تأليف قدس جندول وإخراج ياسين أحجام، بعد تتويجها بمهرجان المسرح الحر الدولي بعمان (ذهبية أفضل ممثلة، وفضية أفضل عمل متكامل).
وقد تم تصوير العرض الذي احتضنه أمس الأحد المركز الثقافي ابن أحمد وسط حضور جماهيري مكثف، لفائدة القناة الثانية (2M).
وترسخ البرمجة الجديدة النجاحات التي حققتها المؤسسة في الموسم الماضي، حيث برمجت أكثر من 20 نشاطا ثقافيا متنوعا جمع بين عروض مسرحية وورشات تكوينية وندوات فكرية ولقاءات مفتوحة مع نجوم ورواد الساحة الفنية.
وقد بلغ عدد المستفيدين من الأنشطة التأطيرية أكثر من 280 مستفيدا، كما تم تقديم العروض المسرحية للجمهور بشبابيك مغلقة بالمركز الثقافي الزمامرة.
وتم اختيار “الفن كأداة للوعي البيئي” تيمة لمشروع توطين مؤسسة أرض الشاون للثقافات بخميس الزمامرة. ويضم المشروع 29 متدخلا من مختلف المجالات الفنية، منهم نجوم التمثيل وأساتذة التعليم الفني المكلفين بالورشات التكوينية، ومخرجين وسينوغرافيين وكتاب ودكاترة محاضرين.
ويمتد البرنامج على مدى ستة أشهر، ابتداء من شهر شتنبر 2025 إلى شهر مارس 2026، حيث سيتم تنظيم سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية التي تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي والثقافي في المجتمع.
ويسهر على تنظيم هذا المشروع فريق من المحترفين، يتألف من ياسين أحجام حامل المشروع، وعبد الله عدوي المدير الفني المكلف بالتواصل، وياسين البوقمحي المدير التقني، وندى جندل مديرة التسويق الإعلامي والرقمي.