الراحل المبشور قد اجتمعت فيه خصال تفرقت في غيره.. فقد كان خدوما لكل الناس بلا حدود.. بشوشا وسباقا لفعل الخير والسؤال عن أصدقائه…
أحمد سيجلماسي
توفي صباح الإثنين 20 يناير 2025، بإحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء، الصديق المتعدد القبعات عبد الحق المبشور. وقد ووري جثمانه الثرى بمقبرة الشهداء بعد صلاة الظهر في موكب جنائزي مهيب ضم العديد من أصدقائه وزملائه ومحبيه وأفراد من عائلته وغيرهم.
ومعلوم أن الراحل المبشور قد اجتمعت فيه خصال تفرقت في غيره.. فقد كان خدوما لكل الناس بلا حدود.. بشوشا وسباقا لفعل الخير والسؤال عن أصدقائه..وبارا بوالديه وعطوفا على أسرته وإخوته وأخواته وأبناءهم.. نشيطا وحيويا ومعطاء على أكثر من صعيد: في عمله داخل القناة الثانية “دوزيم” (قبل تقاعده) وفي المجالات الجمعوية والنقابية والسياسية والثقافية والإعلامية والفنية وغيرها… كان يحب الجميع ومحبوبا لدى الجميع… لم يكن يفكر في نفسه ومصالحه بقدر ما كان يفكر في الآخرين ومصالحهم، خاصة من كانوا في وضعية هشاشة.. الكل يشهد على كرمه وسخائه وإنسانيته.
عشق المبشور السينما وقاعاتها الشعبية منذ نعومة أظافره واشتغل في الإنتاجات السينمائية الأجنبية المصورة ببلادنا منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي قبل أن يلتحق بقناتنا التلفزيونية الثانية عند تأسيسها سنة 1989 ويصبح أحد أطرها البارزين في مجال الإنتاج وتدبيره بعد مراكمته لتجربة وخبرة معتبرتين. لقد ظل يدافع نقابيا عن حقوق العاملين بها ويسهل المأمورية على العديد من الفنانين المتعاونين معها ويساهم في حل مشاكل الإنتاج بالنسبة لبعض المسلسلات وغيرها من الأعمال التلفزيونية التي اعتراها التعثر أو التوقف في التصوير لسبب من الأسباب.
ومنذ التحاقه ككاتب عام بالمكتب المسير للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب (جواسم) فتح، بخبرته وشبكة علاقاته وحلاوة لسانه ودماثة خلقه، كثيرا من الأبواب أمام هذه الجمعية السينمائية الوطنية العتيدة وسهل مأموريتها في تنظيم لقاءاتها وتظاهراتها السينمائية المختلفة (الجامعة السينمائية، مهرجان السينما والمدينة بالبيضاء، مهرجانات الأندية السينمائية التابعة لها…) وجموعها العامة ومجالسها الوطنية (بالدار البيضاء والمحمدية) وغير ذلك. كما ساهم في تأسيس وإدارة مهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية بالدار البيضاء، الذي نظمت دورته العاشرة من 9 إلى 12 أكتوبر 2024، وسهر على تطويره من دورة لأخرى عبر وقوفه على كل التفاصيل.
في هذا المهرجان تم الإحتفاء بالكثير من رموز الإبداع السينمائي الوطني. كما فتح في وجه الشباب ورشات تكوينية في تقنيات السينما وشجع السينمائيين الشباب بجوائز تحفيزية عبر مسابقة مخصصة لأفلامهم القصيرة وأصدر سلسلة كتب توثيقية للتعريف بالفاعلين في حقول السينما المختلفة من مخرجين وممثلين ونقاد وكتاب سيناريو وموضبين وغيرهم.
رحم الله الصديق عبد الحق المبشور وألهم زوجته وإبنه وباقي أفراد أسرته الصبر الجميل.. إنا لله وإنا إليه راجعون.