عبد المجيد سباطة

عبد المجيد سباطة: “الملف 42” رواية من كارثة الزيوت المسمومة

الرواية المرشحة للقائمة القصيرة لـ”البوكر” كتبت بتقنيات سردية ما بعد حداثية

بيت الفن

قال الروائي المغربي عبد المجيد سباطة إن فكرة كتابة روايته “الملف 42” المرشحة للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، التي سيجري الإعلان عنها يوم 29 مارس 2021، شهر أكتوبر من سنة 2017، ولدت من بضعة أسطر قرأها في مقال على شبكة الإنترنت، عن كارثة الزيوت المسمومة التي عرفها المغرب سنوات قليلة بعد استقلاله.

وأمام جهله بالموضوع عزم سباطة على جمع وتوثيق كل ما له علاقة بالموضوع ووضع تصور أولي للحبكة، دون كتابة حرف واحد في المسودة، مشيرا إلى أن المسألة كانت في غاية الصعوبة، نظرا لمرور سنوات طويلة على وقوع الكارثة، ووجود ما يشبه الرغبة الدفينة في نسيانها، مع وفاة أو كبر سن معظم ضحاياها.

ورغم صعوبة الموضوع  واصل سباطة البحث والاستعانة ببعض المراجع والشهادات، إلى غاية شهر مارس من سنة 2019، عندما شعر بأن الخطوط العامة للعمل قد اكتملت في ذهنه ومفكرة ملاحظاته الصغيرة، وهكذا ابتعد عن كل وسائل التواصل الاجتماعي، ودخل ما يشبه العزلة لكتابة الرواية على مدى 9 اشهر، متنقلا بين مكتب غرفته الصغيرة في منزله بمدينة سلا، وقاعة المطالعة بمكتبة المعهد الفرنسي بمدينة الرباط، ما عدا بضعة أيام كان “يهرب” خلالها إلى مدينة طنجة، التي يعلم كل من زارها أو أقام فيها من الكتاب (مغاربة وأجانب) بأنها تملك قدرة قوية على تحفيز الخيال الإبداعي، وبشكل غامض يصعب تفسيره.

وصدرت الرواية بالتزامن مع المعرض الدولي للنشر والكتاب بمدينة الدار البيضاء شهر فبراير من سنة 2020، وقد كان الإقبال عليها جيدا من لدن القراء، منهم من أثار موضوعها انتباهه لسماعه به لأول مرة، ومنهم من كان شاهدا على فصول المأساة فأراد قراءة الواقع بمنظار الخيال، كما وجد فيها عدد من النقاد محاولة لتقديم رواية مغربية وعربية جديدة، تتحرر من السرد الخطي المباشر شكلا وتطرق أبواب المسكوت عنه مضمونا.

ورغم التأثير السلبي للجائحة التي حرمت الرواية من حقها في الانتشار، بعدما ألغيت المعارض واللقاءات وحفلات التوقيع، ولكن أجمل ما في الأدب، حسب سباطة، هو “قدرته القوية على تحدي وتجاوز كل حدود المكانية والزمانية التي تكبلنا”.

وعن جديده الروائي، أكد سباطة قرب صدور ترجمته لرواية “مناورة الملكة” (The Queen’s Gambit) للكاتب الأمريكي والتر تيفيس، عن المركز الثقافي العربي، كما أكد عمله على ترجمات أدبية أخرى.

أما بخصوص التأليف، فقال إنه يفضل التركيز حاليا على المطالعة، باعتبارها الجدار الذي يستند إليه أي كاتب يرغب في صقل تجربته وتطويرها وتجنب فخ الإشباع والتكرار، وهذا سواء تعلق الأمر بالمجال الفكري، أو الأدبي، قصد التعرف على المزيد من التجارب الإبداعية المغربية والعربية العالمية، الكلاسيكية منها والمعاصرة.

عبد المجيد سباطة كاتب مغربي من مواليد الرباط 1989. حصل على ماجستير في الهندسة المدنية من جامعة عبد المالك السعدي بمدينة طنجة. نشرت له مقالات وترجمات تناقش عددا من المواضيع الأدبية والثقافية والتاريخية بمواقع وصحف ومجلات مغربية وعربية. صدر له “خلف جدار العشق” (2015)، “ساعة الصفر00:00″ (2017) التي فازت بجائزة المغرب للكتاب سنة 2018 ، و”الملف 42” (2020). كما نشر ترجمتين لروايتين للكاتب الفرنسي ميشيل بوسي.

“الملف 42” رواية بحبكة مربكة، كتبت بتقنيات سردية ما بعد حداثية، تسير في خطين متوازيين، الخط الأول بلسان كريستين ماكميلان، روائية أمريكية ناجحة، تتعاون مع رشيد بناصر، الباحث المغربي الشاب في سلك الدكتوراه، في تحقيق أدبي الطابع، للبحث عن المؤلف المجهول لرواية مغربية مغمورة صدرت عام 1989.

وتضم بين أحداثها المتخيلة شخصية والد الروائية، الجندي ستيف ماكميلان، الذي عمل في إحدى القواعد العسكرية الأمريكية المتمركزة بالمغرب خلال وبعد الحرب العالمية الثانية. تحقيق سيقودهما إلى ملامسة خيوط كارثة الزيوت المسمومة لسنة 1959، وهي واحدة من أفظع الكوارث المنسية، سنوات قليلة بعد الاستقلال.

والخط الثاني من الرواية، بلسان زهير بلقاسم، مراهق مغربي عابث من عائلة غنية، يغتصب الغالية، خادمة المنزل القاصر، فتستغل والدته المحامية نفوذها لإغلاق القضية وإرساله لمتابعة دروسه الجامعية في روسيا، ليواجه هناك أهوالا لم تكن في حسبان أحد. في قالب تشويقي “شبه” بوليسي، تناقش “ملف 42” القراءة وتقنيات الكتابة الحديثة، ولكن تبقى قضيتها الكبرى والأبرز سؤال القيمة عند المغاربة، وبحثهم الطبيعي عن الكرامة، كأبسط حق من حقوقهم الإنسانية.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

عيسى ناصري

عيسى ناصري يتطلع للقائمة القصيرة للبوكر بـ “الفسيفسائي”

عيسى ناصري: رواية الفسيفسائي استغرقت ما يزيد عن العامين ونصف العام من العمل وتمت كتابتها …