يوسف فاضل

يوسف فاضل يواصل مشروعه الروائي بـ”حياة الفراشات”

بيت الفن

صدرت حديثا عن منشورات المتوسط- إيطاليا، الرواية الجديدة للروائي المغربي يوسف فاضل “حياة الفراشات” في 384 صفحة من القطع الوسط.

يشيد يوسف فاضل في روايته “حياة الفراشات” التي قدمها بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء المنظم في الفترة من 6 إلى 16 فبراير 2020، حياة بأكملها، وإن بدت ناقصة، إلا أنه نقصان مقصود تكشفه أيام الرواية الخمسة: السبت وهو يوم الانقلاب، الأحد وهو يوم عيد الميلاد، الاثنين وهو يوم الحب، الثلاثاء وهو يوم النكسة، والأربعاء وهو يوم السفر، وقبل اليوم الأخير، سنجد أنفسنا وقد عشنا هامش الهامش، ولامسنا بأيدينا أقصى القاع في مدينة الدار البيضاء، وما من بياض إلا لسيارات نقل الموتى والنعوش وخيم الأعراس التي تتحول إلى مآتم، لنتساءل: كم هي خاسرة صفقة الحياة؟ وهل كل شيء نختاره سيكون الشيء الخطأ؟

وتزعم منشورات المتوسط في كلمتها على غلاف الكتاب، أننا ما أن نشرع في قراءة الرواية حتى تنطلق من حولنا الموسيقى، تداهمنا من النافذة، من الجدران الصماء، من ذاكرتنا المنهكة. نتتبع خطى شخصيات يتقمصها الراوي، بل نتشابك مع مصائر تلك الشخصيات وهي تمضي وتتقاطع وتنتهي على أرض غير صلبة، حيث الحب المشتعل، والمدينة الملتهبة، والجنون المتقد، حيث الحكايات والأنغام والمقطوعات الموسيقية الصاعدة مع دخان نادي “دون كيشوت” المحترق، والمتناثرة هنا وهناك كجثث متفحمة.

من أجواء الرواية “اليوم أقدمت على خطوة حاسمة. بدل السير خلفها، كما دأبت على هذا منذ شهرين وزيادة، انتقلت إلى المرحلة الثانية. دنوت منها، شيئا فشيئا. حابسا أنفاسي. متنصتا على حذائي. إنه لا يحدث صوتا. وعرفت في هذه اللحظة أنني إنسان محظوظ. لأنني في هذا الصباح انتعلت حذائي الرياضي. ذلك أن لي خطتي. وأعرف أنها لن تقدر على مقاومتها. خطتي:

أسير إلى جانبها، كما لو أن الأمر حدث بالصدفة.

لا أنبس بكلمة، منتظرا رد فعلها أولا.

ألتصق بها مسافة معينة.

ثم أمسك بيدها. أو تمسك بيدي. على حسب. وخطر على بالي هذا الصباح أن أحمل مظلتي. أليس هذا أمرا عجيبا؟ نحن في الصيف ولن ينزل مطر حتى لو استجديناه. هذا ما قلت، وحملت المظلة مع ذلك. حتى وأنا أدرك أن للمظلة منطقها الذي يخالف منطقي. للأشياء حياتها الخاصة. هذا ما قلت. وهذا ما يجعلني أفهم السبب الذي جعل المطر ينزل في تلك اللحظة. ويفاجئنا معا بشكل لا يخطر على البال. هل ترين أنني أحمل مظلة؟ واندهشت. وتعجبت. إنني أملك مواهب خارقة. كأن أحمل مظلة في الوقت الذي نكون فيه بعيدين عن الاعتقاد بأن السماء قد تمطر. إنها تنظر إلي الآن بعين جديدة. وتتساءل من هو هذا الشاب المبهر؟ وهذا ليس اعتقادا. هذا واقع الحال. ولا أحد يستطيع حياله شيئا. الأمر هكذا والسلام. أن أبهر الناس هو جوهر ما ظللت أتطلع إليه.

نسير جنبا إلى جنب. حسب الخطة التي وضعت. لا صوت غير صوت المطر الذي ينزل عنيفا. في هدوء الليل وفراغ الشارع. عاصفة المطر المفاجئة دفعها للاحتماء تحت مظلتي. هذا هو الحظ. إنها فعلا التصقت بي. جذبتها تحت مظلتي، ممسكا بأصابعها برفق. وهذا دليل آخر على ما أحدثته المظلة في نفسها. كأنها احتمت تحت جناحي. إنه المطر، غريب الأهواء، الذي يأتي في غير وقته. الذي يأتي تارة ليخرب المدن، وتارة ليبني العلاقات. يجب على المرء أن يتعلم من المطر. ويحمل مظلة عندما يرى أن السماء صافية. تمكنت، إذن، أن أمسك بيدها. بأصابعها الخمسة. طيلة عشر ثوان طويلة شعرت فيها بقلبي يضرب بشدة. وحتى عندما سحبتها بقي أثر ملمسها سارحا على كفي. حارقا كأثر قنديل بحر وهو يمر على جلدك. أكتشف أن كتفها أعلى من كتفي. إنها أطول قامة مما كانت عليه وهي بعيدة. تنفست عميقا، وتركت هواء الصباح ينعش كل حيز في رئتي. لقد أعددت العدة المناسبة لهذا الاقتحام الحاسم.

يشار إلى أن يوسف فاضل روائي ومسرحي وسيناريست مغربي مواليد عام 1949 في مدينة الدار البيضاء. يتوزع إنتاجه الأدبي بين الكتابة المسرحية والروائية والسيناريو، وانضم إلى اتحاد كتاب المغرب عام 1982، وهو العام الذي تحولت فيه مسرحيته الأولى “حلاق درب الفقراء” إلى فيلم أخرجه الراحل محمد الركاب. أصدر 11 رواية هي: “الخنازير”، 1983. “أغمات”، 1990. “سلستينا”، 1992. “ملك اليهود”، 1996. “حشيش”، 2000. “ميترو محال”، 2006. “قصة حديقة الحيوان”، 2008. “قط أبيض جميل يسير معي”، 2011. “طائر أزرق نادر يحلق معي”، 2013، وصلت إلى القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2014 في دورتها السابعة. وهي الرواية التي حازت على جائزة المغرب للكتاب للعام نفسه. صدرت له كذلك رواية “فرح”، 2016. ورواية “مثل ملاك في الظلام” 2018. وتوج بجائزة الأطلس الكبرى التي تنظمها السفارة الفرنسية في المغرب عام 2001 عن رواية “حشيش”.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

المهرجان الوطني للفيلم..نوفل براوي يسقط الأقنعة عن رفاق الأمس في”كأس المحبة”

عمل سينمائي جديد يعزز الفيلموغرافيا المغربية المبنية على نصوص أدبية… الفيلم يرتكز على سيناريو لـ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by Spam Master