زكية المرموق..عبدالدين حمروش..حسن الوزاني
بيت الفن
ضمن فقرات البرنامج الشعري لدار الشعر بمراكش، الذي لازال متواصلا، في سعي حثيث لمزيد من الإنصات الى التجارب الشعرية المغربية على مختلف رؤاها وأنماط الكتابة وتجاربها وحساسيتها، التأم يوم الخميس 27 يونيو 2019 بمقر الدار، 3 شعراء كي ينشدوا ذواتهم الجريحة.
عبدالدين حمروش وحسن الوزاني، شاعران من رموز الحركة الشعرية المغربية، ورواد الحساسية الجديدة نهاية التمانينات من القرن الماضي، استعادا معا من خلال قصائدهما بعضا من ملامح سيرة نص شعري مثقل بانجراحات وانكسارات الشاعر اليوم، وهو يحاول لملمة المشهد الذي أمامه.
وانضمت إليهما الشاعرة زكية المرموق، أحد الأصوات الشعرية النسائية الجديدة اليوم، كي تؤثث “دفاتر من ديوان” “نوافذ شعرية”. بتجربتها النابعة من عمق أسئلة الشعر وأسئلة الكينونة.
ورافق الفنان أمين الشرادي، العازف على آلة العود، الفنانة وصال حاتم، في مصاحبة موسيقية أضفت المزيد من ألق الشعر على اللقاء، من خلال استدعاء مقاطع غنائية “أصيلة” لازالت تسكن وجدان المتلقي.
واعتبر الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش أن “العودة الى (نوافذ شعرية) لا للإطلالة منها على الشعر، بل ليحلق الشاعر بجناحيه بعيدا.. نوافذ دار الشعر بمراكش إطلالات دائمة على تجارب شعرية وحساسيات وأجيال وأنماط على اختلاف رؤاها..”.
واليوم اختارت دار الشعر بمراكش، يضيف ميفراني “ديوان خاص، ثلاث تجارب تقترب من روح الشعر وكينونة الإنسان.. وكأنه إنصات الى الذات”.
وقرأ الشاعر عبدالدين حمروش، “الشاعر الذي ظل رفيقا لجيل العبور، الجيل الذي حمل القصيدة بعيدا وحررها من براثن “الأسطرة” والتعاليم.. وفتح نافذة للوردة، مند البداية وأعادنا لتأمل هذا الزمن الملتبس، الهارب بين أصابعنا.. الشاعر الذي كتب عن سيرة الراقد ها هنا المعتمد بن عباد..”، قرأ عبدالدين حمروش، نصوصه القصيرة في إصرار على تعريف البداهة.
“ما درى أن انكسار القلب تفضحه الحروف
ولا درى أن اشتعاله قد تواريه السجون.
يد تؤم يدا،
رأيت بأم عيني كيف تمسح ظلها.
ما قلت شيئا،
غير أني كلما الفيت أزهار الخريف يضيق بها الفراش،
أسر في اذن:
صباح الريح يا شباكها..”
أما حسن الوزاني، صاحب “هدنة ما” و”أحلام ماكلوهان”، الشاعر الذي ظل موزعا بين هموم وأسئلة القصيدة، وقضايا الكتاب والقراءة والبحث العلمي (دليل الكتاب المغاربة، الأدب المغربي الحديث: دراسة ببليومترية، قطاع الكتاب بالمغرب..)، وظل حريصا على صوته الخاص، لغة تنساب عميقا في ثنايا ووجدان القارئ بنفس حكائي متدفق. الشاعر حسن الوزاني والذي حفر للقصيدة مكانا قصيا داخله استعاد صوت الشاعر داخله، وقرأ بعضا من أحلام ماكلوهان، وأهدى لنساء العالم “نساء المترو”.. يقول الشاعر في أحد نصوصه..
“ثم إني لم أنتبه كثيرا للحياة
لم أجالس طويلا الصبي الذي كُنْتُ
قرأتُ كتاب الرمل
ونَسِيتُ أن أقرأ خطوط الموت على كفي
زرت عدن، الأطلسَ، الصحراءَ، مغاراتِ الأرض
ونسيت أن أزورَ نَفْسي…
أنا سليل برج الدلو
أقيم ككائن أليف بقرية الكون
حيث الأشياء صديقة لأضدادها
أستند
إلى جبل العدم
كي أطل على أحلامي
وهي تخفت كغيمة شاردة…”
الشاعرة والمترجمة زكية المرموق، صاحبة دواوين “أخرج الى النهار” و” أمشي على الماء وأكثر” و “في الغياب… أمشي فيك” والتي ترى في القصيدة “رسم لواقع آخر ولوحة تحتاج لإعادة تشكيل”، هذا الصوت النسائي الذي انضاف الى هذا الحراك للقصيدة والمنجز الشعري النسائي القوي والخصب السنوات الأخيرة، اختارت من نصوصها وشذريتها القصيرة، ما يوازي هذا الصراخ لأنا مثقلة بانجراحات ترى في العالم جزء من بقاياها، والبعض الآخر تخطه في القصيدة.
“وأنت تركض كأرنب بري
داخل اللوحة
تذكر بأن الإطار مقصلة
والألوان متاهة
كفكرة لا تجيد القفز عبر سياج القصيدة”
يشار إلى ان فقرة “نوافذ شعرية” لدار الشعر بمراكش، نافذة مفتوحة على الشعر والشعراء المغاربة، تحاول الإنصات لمختلف التجارب الشعرية الممثلة للقصيدة المغربية المعاصرة. وهي محطة ضمن البرنامج الشعري الفصلي الثالث لهذا الموسم، في مواصلة حثيثة لفتح المزيد من الآفاق على التجارب الشعرية وأنماط الكتابة بمختلف تجلياتها.