“غيتار  الفلامنكو”.. عندما تصبح السينما وسيلة للشفاء وإضاءة الظلام الكامن فينا

فيلم يتجاوز النمط الوثائقي التقليدي والشخصي ليكشف تعقيدات العلاقات الإنسانية بأسلوب يجمع بين سحر السينما وسحر الموسيقى تاركا للمتلقي صورا لا تنسى…

بيت الفن

من أقوى الأفلام المنافسة على جوائز مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط، الطي تختتم فعالياته يوم السبت 1 نونبر 2025، الفيلم الإسباني “غيتار الفلامنكو ليراي كورتيس” LA GUITARRA FLAMENCA DE YERAI CORTÉS وهو أول تجربة إخراجية للمخرج سي. تانغانا.

يتناول الفيلم معاناة عائلة، متجاوزا بذلك النمط الوثائقي التقليدي، ليلتقط الجمال والألم اللذين غالبا ما يتعايشان في العلاقات الإنسانية، إنه فيلم ذو روح، يجمع بين سحر السينما وسحر الموسيقى، تاركا للمتلقي صورا لا تنسى.

عندما التقى المخرج أنطون ألفاريز المعروف سي. تانجانا عازف غيتار  الفلامنكو ييراي كورتيس، أعجب بموسيقاه وأسلوبه الفريد، سأله عن مشاريعه، فأخبره كورتيس عن ألبوم جديد، ورغم أنه يتألف فقط من موسيقى “الفلامينكو”، إلا أنه يتحدث عن حياته وعائلته، وبشكل أكثر تحديدا، عن حزنه، حزن أراد مشاركته مع العالم، من هنا جاء فيلم La guitarra flamenca de Yerai Cortés وهو أول فيلم لأنطون ألفاريز (المعروف باسم سي. تانجانا في عالم الموسيقى)، بطولة كورتيس نفسه، الذي اختير لافتتاح قسم المخرجين الجدد في الدورة الثانية والسبعين لمهرجان سان سيباستيان السينمائي.

بعيدا عن الأسلوب الوثائقي التقليدي، يروي فيلم “غيتار الفلامنكو ليراي كورتيس” قصة عائلة الموسيقي علاقاتهم المعقدة، ماضيهم وحاضرهم، معاركهم معا، منفردين أو ضد بعضهم البعض، تخيلاتهم، جراحهم ونقاط ضعفهم التي لا تزال مفتوحة، صمتهم، أحزانهم، وأفراحهم السرية.

أثناء تسجيل الألبوم، ينغمس المخرج في مسعى فني يجبر كورتيس على مواجهة تاريخه الشخصي، المليء بالظلال، والذي يحاول من خلاله استعادة علاقته بوالديه.

النتيجة فيلم يتجاوز الشخصي ليكشف تعقيدات العلاقات الإنسانية، ومخاطر الحب، وكيف يمكن لشخصين أحبا بعضهما أن يصبحا غريبين بعد سنوات، والرغبة في الحب والمحبة وصعوبتهما، وكل ما يشكل هويتنا، وكيف نصبح ما نحن عليه والثمن الذي ندفعه مقابل ذلك، والجروح والإحباطات التي نحملها معنا طوال حياتنا، ومرور الزمن، واستحالة النسيان، والماضي الذي يسكننا.. كما يتحدث الفيلم عن الفن كوسيلة للشفاء واقتحام الظلام الكامن فينا، وما يحفزنا على رواية قصصنا.

إن أسلوب المخرج في سرد ​​هذه القصة العائلية مؤثر، إذ ينغمس في تفاصيلها الحميمة، ويرويها من خلال شهادات من عاشوها وأحبائهم، من خلال أصواتهم، وأسلوب حديثهم، وذكرياتهم المتراكبة، وصور تظهر من كانوا آنذاك ومن هم الآن، كما تصبح الموسيقى المصاحبة راوية قصص بطريقة آسرة ومؤثرة. لكن هذه الطريقة في سرد ​​القصة تعكس أيضا رؤية المخرج وشخصيته، ورغبته في سردها بواقعية، وإضفاء طابع مميز وفريد ​​على فيلمه، (ساهم تصوير بعض المشاهد الموسيقية بتقنيي 16 و35 ملم بشكل كبير في نجاح الاختيارات الأسلوبية للمؤلف) وهذه إحدى نقاط قوة الفيلم.

لقد نجح المخرج أنطون ألفاريز في أول فيلم روائي طويل له من امتلاك أسلوب مبهر وقوي بحساسية شديدة ونبرات ولمسات وألوان تمنح الجانب المظلم والمفجع من الحياة جمالا، ولحظات قوية بصريا وعاطفيا، ومضيئة ومشرقة رغم الألم.

يشار إلى أن هذا الفيلم يمثل إسبانيا في المسابقة الرسمية للمهرجان إلى جانب فيلم “حيوان ثدي” للمخرجة ليليانا طوريس.

وقد تم عرض فيلم “غيتار الفلامنكو ليراي كورتيس” لأول مرة في مهرجان سان سيباستيان السينمائي الدولي، وحصد جائزتين في حفل توزيع جوائز السينما الإسبانية “غويا” GOYA ويتعلق الأمر بجائزة أفضل فيلم وثائقي وأفضل موسيقى.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

أصدقاء السينما يحتفون بـ 40 سنة من الفن السابع المتوسطي في تطوان

مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط يطلق دورته الـ30 في أجواء احتفالية وطنية دالة …