المجلس الإداري للمركز السينمائي المغربي

سايكو دراما.. “لوبي الفساد” يطالب بتجويد القوانين المنظمة للقطاع السينمائي وشفافيتها

بيت الفن   :   

ما الذي يجعل مشروع إصلاح القطاع السينمائي المغربي متعثر الخطى؟

مر ما يفوق عقد من الزمن على تنظيم المناظرة الوطنية الثالثة لتطوير القطاع السينمائي المغربي، التي توجت بإصدار “الكتاب الأبيض”، وما تمخض عنه من توصيات، لتوضع في آخر المطاف على الرف، حتى لا نقول ذهبت مع أدراج الرياح.

ألا يعد ذلك هدرا للجهد والمال والوقت، ونعني بهذا الأخير هدر الزمن السياسي، فهل كل حكومة جديدة مطالبة بمسح ما تراكم لتنطلق من الصفر، ألا يعنيها تفعيل المكتسبات السابقة عنها، مع العلم أن تنظيم المناظرة الوطنية للسينما جسدت إرادة ملكية للنهوض بالقطاع، وهو ما عبرت عنه الرسالة السامية لجلالة الملك الموجهة للمناظرة، والتي أعطت أفقا جديدا للصناعة السينمائية ببلادنا عبر دعوتها إلى بلورة سياسة عمومية مندمجة وتشاركية، تنخرط عموم القطاعات الحكومية المعنية بتدقيق أهدافها وإجراءاتها ومراحل تطبيقها… كما ورد في تقديم الكتاب الأبيض.

ألا يعتبر فعل التجاهل، بوعي أو بدون وعي فعل خيانة لثقة أهل القطاع والمشاركين في تنظيم المناظرة وإجهازا على حقوق المواطنين في تملك الثقافة والسينما أحد أدواتها؟ ألا يعبر ذلك عن ضعف الإرادة والنية الغير الصادقة للمشرفين على إدارة القطاع؟ من جهة أخرى ألا يعكس ذلك ضعف أجهزة الرقابة التشريعية، وكذا مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات المهنية، فضلا عن تقصير لدور الإعلام في فضح الفساد الصغير، الناجم عن عدم تنفيذ المخططات الوطنية في المجالات المختلفة وما يترتب عنها من إلحاق الضرر بما صرف حولها من مال عام، ومن آثارها السيئة على تدبير الشأن العام، ومن إخلال بمبدأ الحكامة الجيدة، باعتباره مفهوما تبناه المجتمع الدولي لتجاوز حالة الخلل القائم في مجال التنمية، حين تنعدم فيها الجودة والفعالية والنجاعة، المرتكزة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والتنسيق والمراقبة، تلافيا لهدر المال العام والجهد والوقت.

ما خلصنا إليه جسده بالملموس، مقالا نشرته بعض المواقع الإلكترونية ردا على المبادرة الأخيرة لجمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، في سياق تقديمها أمام الصحافة والمشتغلين في مجال السينما لتقرير يتناول موضوع السياسة العمومية في مجال السينما وارتباطها بالتزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، حيث أشار الموقع ومن خلال عنوان مستفز “هل استغل” لوبي الفساد بالقطاع جمعية حقوقية لمهاجمة إدارة المركز السينمائي الجديدة؟، هاته الأخيرة ادعت على لسان محرر المقال، الذي أشار إليها كمصدر دون أن يذكرها بالاسم والصفة، وهو ما لم تكذبه وزارة الثقافة والاتصال باعتبارها الجهة المشرفة على إدارة المركز من خلال أحد أطرها بشكل مؤقت، حيث لم تقم بتعيين مدير جديد أو كاتب عام، بعد أن ذهب من كان يعتلي المنصب ولم يعد، هذا مع العلم وكما جاء على لسان الجمعية وفي ردها على افتراءات الموقع أن التقرير أنجز بتعاون مع المركز السينمائي، ويمكنكم العودة إلى البلاغ الصحفي للجمعية.

فهل يعقل أن يطالب “لوبي الفساد” كما وصفه المقال، بـ”تحديد مبادئ ومعايير منح صندوق الدعم، سواء على مستوى نظامه الداخلي أو دفتر تحملاته”، و”تحديد المؤهلات المهنية وكفاءة أعضاء لجان صندوق الدعم الضرورية لفحص المشاريع المرشحة للحصول على الدعم”، وتلافيا لما يمكن أن يعتبر تجريحا أو مسا ببعض أعضاء اللجان، فإننا سنغض الطرف عن سيرتهم المهنية، وهل هم بعيدون عن شبهة الفساد؟

كما يدعو التقرير إلى الحرص على أن تكون محاضر اللجان شاملة ومكتملة، بحيث تسجل المناقشات التي تمت بين الأعضاء وتوثق مواقفهم بخصوص منح الدعم، مع تدوين مفصل للتقييم الفني لمختلف المشاركين والتقدير المالي للمبالغ المخصصة، وذلك لضمان الشفافية في اختيار المستفيدين، مع إحداث شبكة للتنقيط انطلاقا من معايير تقييم كل لجنة.

أليست هاته المقترحات وما هو من قبيلها محاولة لترسيخ القواعد الشرعية، بدل التلاعب بها وتعطيلها ومنع إنتاجها، لفسح المجال للفساد الصغير، كالرشوة العينية أو المقنعة “عطيني نعطيك”، أو المحاباة والترضية بفتح المجال للوسطاء والنافذين بالإدارة وخارجها كلما كانت القوانين غير صارمة لأن النوايا لا تكفي والضمائر الحية قد تحضر في هذه اللجنة وتغيب في أخرى.

فحين نتحدث عن معايير الاستفادة من الدعم، فإنه يبدأ من أصالة الفكرة أو زاوية معالجتها وفق رؤية جديدة إلى جانب مدى تماسك بناء الشخصيات ووضوح خلفياتها الاجتماعية والثقافية وصدقيتها ومحفزات فعلها وانسجامه مع سلوكها في سياق مع تعيشه من أحداث في الزمان والمكان، فضلا عن تشابك العلاقات فيما بينها صراعا والتحاما، من بداية ظهورها إلى نهاية السيناريو، فضلا عن بنية السرد وحبكاته، وصولا إلى الرؤية الإخراجية على مستوى التصور الجمالي وأسلوب الإخراج وأجواء الفيلم، وانتهاء بعناصر المشروع التنافسية التجارية والفنية وإمكاناته التقنية والمالية… وهي قضايا لا يتم غالبا الخوض فيها، حيث كثيرا ما يتوصل المتنافسون بملاحظات عامة، وبالتالي يتم الإخلال بجانب المسؤولية والمحاسبة، حول ما تقترفه بعض لجان الدعم في حق السينما المغربية. وهو ما يستوجب شبكة القراءة بالنسبة للمشاريع.

وعلى ضوء هذه المسؤولية حاول التقرير، ضمن توصياته التأكيد على تقديم مختلف لجان الدعم لحصيلة عملها، وبأن تنجز في كل دورة محاضر شاملة ومكتملة.

كما لم يغب عن واضعي التقرير، التوصية بوضع آلية رصد لضمان التزام الأفلام، الفائزة بجوائز في المهرجانات المنظمة بالمغرب وخارجه أو التي تم تسويقها هناك، بتسديد حصة الإيرادات المتعلقة بالجوائز الفائزة ومن حصة مداخيل شباك التذاكر…

ومن أهم مقترحات التقرير، الدعوة إلى تنويع مصادر التمويل للإنتاجات السينمائية تشريعا وتنظيما على مستوى الجهات الترابية، مهمتها إزالة حواجز التدفق الثقافي وسهولة الإنتاج، وتكريس حق المواطن في الثقافة السينمائية.

ويعد هذا المطلب وجيها، لكون السينما والإنتاج السمعي البصري عامة، هو استثمار اقتصادي، ويساهم في إنعاش الدورة الاقتصادية (نقل، لوجيستيك، إقامة، أكل، صناعة تقليدية الخ)، فضلا عن خلقه لفرص الشغل على مستوى مختلف الجهات، كما يؤدي دورا أساسيا في عملية التسويق السياحي والثقافي لمناطق التصوير، ويشكل عنصر جذب للاستثمارات الخارجية، ومن ضمنها الإنتاج السينمائي الأجنبي، وهنا يمكن الاستئناس بالتجربة الفرنسية، حيث تضع مختلف الجهات الترابية دفاتر تحملات لهذا الغرض، وآليات لاستقبال ودراسة المشاريع…

تلكم قراءة في عينات من توصيات تقرير السياسة العمومية في مجال السينما وحقوق الإنسان بالمغرب، التي لا يتسع المقام لتناولها في تفاصيلها، ولعل ما أوردناه يكشف تهافت خطاب سياسي شعبوي تغول من موقع السلطة على الثقافة والسينما إحدى مكوناتها. يسوق من تجاربه الشخصية ( سايكو دراما) عنوانها : “لوبي الفساد”، فكلما تأخر الإصلاح يقول لهذا الأخير، Bienveillance، أي تربية المشاعرالطيبة، وتكريس فكرة التسامح، ويا للمفارقة !هذا الرأي الذي يبدو حائزا الإجماع، متعلق بالفن، وها هو القبح البشع يستدعيه شعارا له حماية لحالات مرضية نفسية تتقوقع في مواجهة الحالمين الصادقين والطامحين في إدارة مشغولة بهم ثقافي وتربوي يقوم على التخطيط وبناء وإقامة مشاريع تشكل بنية تحتية وقاعدة مادية كدعامة أساسية يقوم عليها أي مشروع ثقافي، تستمد فعاليتها من قوانين بجودة عالية تكرس الشفافية وتقوي الفاعلية الاجتماعية حتى لا يتم خنق الإبداع المعرفي والفني” القادر على مجاراة روح العصر والتكيف معه، والتصدي لخطر المفهوم الأمريكي للعولمة الهادف إلى تنميط ثقافات الشعوب لتكون على شاكلة الثقافة الاستهلاكية الأمريكية”.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

حكيم بلعباس

المركز السينمائي يكشف عن الأفلام المشاركة في المهرجان الوطني للفيلم

لجنة الانتقاء الخاصة بمسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ترأسها المخرج حكيم بلعباس، وضمت المخرجة ليلى التريكي، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Protected by Spam Master