بيت الفن
يحتفي متحف بنك المغرب بروح الرسام العصامي المغربي الراحل ميلود لبيض من خلال معرض ينظم من 9 نونبر الى 31 مارس 2018.
وسيضم المعرض الفني المعنون بـ “ميلود لبيض: فن التلميح الباذخ”، حسب بلاغ للمؤسسة، ما يفوق خمسين لوحة من أروع أعمال الفنان، الذي يعد أحد أبرز رموز الفن الصباغي بالمغرب.
ولد ميلود لبيض بقلعة السراغنة سنة 1939. وفي سنة 1969 التحق الفنان الراحل بورشة جاكلين برودسكيس، التي كانت تشرف على ورشة الفن التشكيلي بوزارة الشبيبة والرياضة. وكان ذلك خطوة حاسمة في مساره الفني. ثم تابع دراسته بمدرسة الفنون الجميلة في باريس سنة 1974، وفي سنة 1999، قضى ستة أشهر في مدينة الفنون الدولية بباريس.
ومنذ أول معرض مشترك له في سنة 1958 بمتحف الاوداية بالرباط، مرورا بمعرضه الخاص بباب الرواح سنة 1963، وإلى حين وفاته عام 2008، ظل ميلود لبيض يسعى دائما إلى تجديد أسلوبه الفني واستكشاف أشكال مختلفة. فقد بدأ مساره المهني بفن وصف آنذاك بـ “الساذج”، وكان واحدا من بين مجموعة أطلق عليها لاحقا مجموعة الدارالبيضاء (التي تضم فنانين كبارا من أمثال بلكاهية والشباع والحريري). وجاء في الورقة التقديمية للمعرض أن ميلود أدرك سريعا أن “التشخيص لن يقوده إلى أي شيء”، وبدأ في سبعينيات القرن المنصرم، باعتباره “رساما باحثا” كما كان يعرف نفسه، في تطوير أسلوب جعله يبدع في رسم لوحات تجريدية هندسية قريبة من التكعيبية في البداية، ثم لوحات تعبيرية عن أحاسيس الفنان من خلال أشكال منحنية مستديرة متكررة (التجريد الوجودي).
ورغم شهرته كفنان تشكيلي، إلا أن ميلود لبيض كان شغوفا بفن النحت (لوحات بارزة) والتصوير الفوتوغرافي.
ويقول القيم على المعرض عبد الرحمن بنحمزة إن “ميلود لبيض، الذي ذهب البعض في البداية إلى اعتباره فنانا فطريا، لطالما اعتبر نفسه فنانا باحثا، ولم يتوان في تجديد مواد عمله. فلائحة أعماله غنية بتجارب الفنون التشكيلية التي تألق فيها (الرسم بالألوان المائية، والرسم التجريدي المؤلف من قصاصات صحف ملصقة، واللوحات المجسمة والبارزة، والرسم)، كما أن معارضه كانت دائما قبلة لنخبة من الزوار، وتحظى باهتمام كبير. ولأنه تشبع كثيرا بالسياق الاجتماعي والتاريخي لمغرب الستينيات والسبعينيات، فقد ارتبط اسمه بكبار الفنانين التشكيليين في الساحة الوطنية”.
يقول الناقد الفني إبراهيم الحيسن في مسار الفنان الراحل لبيض، نلحظ بأن الأبحاث الصباغية التجريدية التي قام بها اتسمت لديه بالتعدد والتنوّع: غنائية، تركيبية، هندسية..لكنها رغم ذلك ظلت تقوم على نوع من التوحد على إيقاع نظام الأشكال المدورة والتوريقات وانفلات الخطوط داخل الظلال التي تولدها الألوان الداكنة المستعملة..
هي بلا شك عنوان لمرحلة صباغية متنوعة بدأت برسم التكوينات الهندسية الزرقاء، أو الدوائر الزرقاء المكررة المستعارة من عوالم نباتية والتي تبدو في لوحاته أشبه بورود متفتحة في حقل كبير، لكنها في لاوعي الرسام شيء آخر. لقد كانت ميزة ميلود، في هذه المرحلة، هي تعامله مع جميع مواد الصباغة حيث تأتي اللوحة وهي محملة بخليط من الطباشير والمائي والزيتي، أما الأشكال فهي عبارة عن دوائر صغيرة داخل دوائر كبيرة، أو منفصلة عنها، تكاد تنفجر من شدة حرارتها الداخلية، بل أشبه بفقاعات هوائية، تنضاف إليها ألوان قوية، شاعرية وغنائية، تسلب عين المشاهد، على أن هذه المرحلة الدائرية، ستتنوع من معرض إلى آخر وضمن الموضوع الواحد، حيث تتجزأ عناصر اللوحة وتتناغم تناغما جماليا وإن اتسمت ضربة الفرشاة بالفوضى للانفلات من النمطية الجامدة، إن هذا التجريد الشاعري الذي انتهى إليه ميلود، بعد المرحلة الفطرية/المدرسية سيمكنه من الاستمرار في تحديد أسلوبه إلى أن يعبأ منه ! كما قال الكاتب إدريس الخوري.