حصد العرض المسرحي المغربي لافيكتوريا للمخرج أحمد أمين الساهل جائزتي التانيت البرونزي وأفضل سينوغرافيا لـ أسماء هموش في أيام قرطاج المسرحية…
بيت الفن
حصدت العرض المسرحي المغربي “لافيكتوريا” للمخرج أحمد أمين الساهل جائزتين هما “التانيت البرونزي” وأفضل سينوغرافيا لأيام قرطاج المسرحية، التي اختتمت فعاليات دورتها الـ25 مساء اليوم السبت 30 نونبر 2024 في تونس العاصمة، بتتويج المسرحية التونسية “بخارة” للمخرج الصادق الطرابلسي بالجائزة الكبرى للمهرجان “التانيت الذهبي”، والمسرحية العراقية “بيت أبو عبد الله” للمخرج أنس عبد الصمد بجائزة “التانيت الفضي”.
كما نالت المسرحية التونسية “بخارة” جائزة أحسن نص وجائزتي أفضل ممثل وممثلة لكل من رمزي عزيز ومريم بن حسن، بعد منافسة قوية مع المغربيين محمد شهير وزهرة الهواوي.
وعبر مخرج “لافيكتوريا” أحمد أمين ساهل عن رضاه بهذه المشاركة قائلا “نحن راضون عن أدائنا في المهرجان، فقد فزنا بجائزة السينوغرافيا لأسماء هموش والتانيت البرونزي والمسؤولية ستكون أكبر في الأعمال المقبلة بعد هذا النجاح على المستوى الوطني والعربي والإفريقي في أيام قرطاج المسرحية”.
من عالم كرة القدم ومدرجات الملاعب التي تهتز على إيقاعات أهازيج الجمهور يبرز العرض المغربي”لا فيكتوريا” كعمل مسرحي ترجم خلاله المخرج أحمد أمين الساهل الصراع الداخلي والخارجي لمجموعة “الألتراس”، وهي تلك الفئة المتطرفة في تشجيعها للأندية الرياضية.
من الناحية الفنية يتميز العرض بإدماج موسيقى الراب وفن الرقص وقرع الطبول والغناء، وذلك في محاولة من المخرج لتقريب عالم “الفيراج” في كرة القدم من الجمهور المسرحي. ولتقريب هذه الصورة أيضا من المتفرج، عمل أحمد أمين ساهل على أن يكون الديكور مستطيلا أخضر يمثل رقعة ملعب كرة القدم وحواجز حديدية، وبذلك استجاب هذا الرمز المكاني لتدعيم فكرة الإحساس بالسجن والتقييد الذي يعاني منه الأفراد في هذا العالم وهي من القضايا المركزية المطروحة بقوة في المسرحية.
تغوص أحداث “لافيكتوريا” على مدى 70 دقيقة في عالم “الألتراس” وهي إحدى المجموعات المشجعة بتطرف لنوادي كرة القدم من خلال عروضهم الفرجوية في المدرجات وأهازيجهم الثورية المتمردة على الواقع.
وقد حاك العمل قصص الوجع الإنساني وأثار أسئلة حارقة حول السعي الحثيث لتحقيق قو ة الانتماء لمجموعة متشبثة بهويتها ورافضة للأوضاع عبر احتجاجات وأغان حاملة لشعارات.
تسرد المسرحية قصة مشجعين متطرفين. وقد هيمن معجم العنف على مختلف أطوار المسرحية، لكن بدل إيجاد حلول جذرية لهذا الإشكال المؤرق تلجأ الأنظمة إلى كبح جماح الشباب المشحون بالطاقة من خلال سجنه والتضييق عليه. فكانت مشاهد المسرحية معبرة عن الآلام والآمال التي يعيشها هؤلاء الشباب الذين يبحثون عن هوية ومكان في عالم مليء بالتهميش والضغط الاجتماعي.
وليس الصراع القائم في المسرحية صراع خارجي بين المجموعات المشجعة فحسب، بل تجسد أيضا في الصراع الداخلي لهذه الشخصيات التي تتأرجح مجموعات من التناقضات مثل العنف والسلم بين والحب والكراهية وبين الرغبة في التغيير والتشبث بالانتماء لمجموعاتهم.
ويثير المخرج أحمد أمين ساهل أسئلة حارقة حول الواقع الاجتماعي والسياسي للمجتمعات العربية، محاولا فك رموز الاحتجاجات الشبابية التي تتحول إلى العنف إذا لم تجد قنوات للتعبير السلمي. كما يتعرض إلى قضايا اجتماعية وسياسية مثل الهوية والانتماء الاجتماعي في مجتمع يعاني من التفاوت الطبقي والاقتصادي.
وتسلط المسرحية الضوء على حالة التهميش التي يعاني منها هؤلاء الشباب الذين يجدون في مجموعاتهم الرياضية ملاذا للتعبير عن أنفسهم رغم ما يرتبط بهذه الجماعات من تطرف وعنف في بعض الأحيان. وبعد مشاهد دموية عنيفة، تنتهي المسرحية بلافتة عليها رمز “الين واليانغ” وهما مفهومان من الفلسفة الصينية التقليدية التي تشير إلى أن الحياة والعالم يتكون من تفاعل دائم بين القوى المتضادة، ولكن المتكاملة التي تعتمد على بعضها البعض للحفاظ على التوازن والتناغم. وكتبت على اللافتة شعارات تحمل رسائل احتجاجية مثل “سلام لأرض حلمت للسلام وما رأت يوما سلاما”، وهي إشارة إلى القضية الفلسطينية الأم التي باتت مركزا لكل القضايا الإنسانية العادلة وباتت في وجدان كل المحتجين المؤمنين بالقضايا العادلة. وقد ترجمت اللافتة في نهاية العرض صرخات الشباب المتمرد على الواقع السياسي والاجتماعي والسعي الحثيث لهذه المجموعات للتغيير والتحرر من القيود المفروضة عليهم.