الساحة الإعلامية والسينمائية تودع سيدة التلفزيون فاطمة الوكيلي

وصفها المخرج والكاتب عبد الإله الجوهري بـ”سيدة المعرفة والبهاء والصحافية التي بصمت مسار التلفزيون، والسينمائية التي ناضلت من أجل سينما مغربية حقيقية”…

بيت الفن

بعد مسار حافل بالعطاء رحلت، فجر اليوم الثلاثاء 26 مارس 2024، الإعلامية والممثلة وكاتبة السيناريو فاطمة الوكيلي بمدينة الدارالبيضاء، عن عمر ناهز 67 سنة.

وكان آخر ظهور رسمي للراحلة يوم 27 أكتوبر المنصرم، حيث حظيت بتكريم خاص في افتتاح الدورة الـ 23 من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، حيث شدت إليها انتباه جمهور المهرجان، حينما اختارت أن تظهر بـ”الكوفية” الفلسطينية تضامنا مع الشعب الفلسطيني.

وألقت الوكيلي بهذه المناسبة تحية وسلاما لفلسطين الصامدة في وجه الاحتلال، وللمقاومين في غزة الذين وصفتهم بـ”أهل الصمود والعزة والكرامة”، معربة عن سعادتها بلحظات الاحتفاء، التي أهدتها إلى عائلتها وأصدقائها، كما عبرت عن امتنانها لكل الذين صاحبوها ودعموها في مسارها السينمائي، خصوصا فريدة بليزيد والجيلالي فرحاتي وسعد الشرايبي ومصطفى الدرقاوي وغيرهم من السينمائيين الذين تعاملت معهم.

كما تميزت فقرة تكريم الوكيلي، بشهادة صادقة ألقتها في حقها صديقتها مرية الضعيف، أكدت من خلالها “كرم المحتفى بها واستقامتها والتزامها وشغفها بالفن والثقافة”، مشيرة إلى أن الراحلة “احتضنت فلسطين في صدرها الذي يتسع لآلام وأفراح العالم”، كما أكدت على تشبث الوكيلي بالدفاع عن القضية الفلسطينية والجهر بموقفها الثابت في الوقت الذي تنتهك أراضي غزة. وذكرت أنها تبادلت أطراف الحديث مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومع السيدة ليلى شهيد، مندوبة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي.

وبالإضافة إلى هذا التكريم الأخير، حظيت الراحلة بتكريمات من قبل “بيت الصحافة” بطنجة، ووزارة الثقافة والاتصال بمناسبة عيد المرأة المغربية، ومهرجان سينما المؤلف بالرباط، ومهرجان السينما بلا حدود بالسعيدية، إلى جانب مشاركتها في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية مهمة، كما جرى تعيينها رئيسة للجنة دعم الأفلام السينمائية.

وخلف رحيل الوكيلي حزنا وأسى عميقين في قلوب زملائها وكل من عرفوها من قريب أو من بعيد. حيث نعتها الزميلة صباح بنداود بكلمة مؤثرة نقتطف منها ما يلي “فاطمة الوكيلي مسار قوي في مشهدنا الإعلامي السمعي البصري ينضاف اسمها إلى قائمة من اشتغلوا بصمت ونكران ذات.. اسم اقترن بالميكرفون، وحمل عبر الهواء صوتا ناعما ولسانا فصيحا ورسخ في وجدان المستمعين شخصية تفننت في تقديم محتوى إذاعي يليق بقيمة الإذاعة كوسيلة تواصل جماهيرية.

وحملت تجربتها لمجاراة تقديم الأخبار وإدارة الحوارات السياسية تلفزيونيا وبرعت في ذلك وكانت بذلك توثق لأوج عطائها وتألقها الكبير ومهنيتها العالية.

كان طبيعيا أن تجذبها السينما وأن تبصم وتساهم في علاقة جديدة للسينما المغربية، وهي تبحث عن جمهور مغربي، حيث خاضت تجربة كتابة السيناريو والحوار والتمثيل.

سيدة الشاشة بتواضعها اللافت لم تغير من قناعاتها، ولا تشبثها بقيم الدفاع عن مهنة الصحافة كوسيلة لحماية القيم والأخلاق وتكريس مفهوم الرأي والرأي الآخر”.

ووصفها المخرج والكاتب عبد الإله الجوهري بـ”سيدة المعرفة والبهاء، والصحافية التي بصمت مسار التلفزيون المغربي، والسينمائية التي ناضلت من أجل سينما مغربية حقيقية، والأخت التي تعلمنا منها الحكمة والتمسك بالصدق والمصداقية”.

وتعد فاطمة الوكيلي، التي رأت النور بمدينة مكناس، واحدة من أيقونات المشهد الإعلامي السينمائي المغربي خلال العقود الأخيرة، فبعد أن أكملت دراساتها العليا بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس شعبة الفلسفة تخصص سوسيولوجيا، التحقت بالإذاعة والتلفزة المغربية بالرباط، قبل أن تنتقل إلى إذاعة البحر الأبيض المتوسط بطنجة “ميدي 1″، ثم إلى القناة الثانية (دوزيم)، حيث قدمت أول برنامج حواري سياسي تلفزيوني “رجل الساعة”، في وقت كان المجال حكرا على الرجال، وبمهنية عالية وجرأة في طرح القضايا الكبرى ومناقشتها، حاورت الراحلة كبار رجال الدولة والسياسيين المغاربة والعرب على رأسهم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وبعد أن بصمت المشهد الإعلامي المغربي صوتا وصورة، دخلت الإعلامية الراحلة مجال السينما من بابه الواسع كاتبة للسيناريو وممثلة، حيث استهلت تجربتها في الكتابة الدرامية بسيناريو الفيلم التلفزيوني “الصفحة الأخيرة ” لجيلالي فرحاتي سنة 1985  قبل أن تعمل على كتابة سيناريوهات وحوارات أو كمستشارة الكتابة السينمائية في مجموعة من أشهر الأفلام المغربية منها “نساء ونساء” و”عطش” و”الإسلام ياسلام” لسعد الشرايبي، و”عود الورد” للراحل لحسن زينون، و”فيها الملحة والسكر ومابغاتش تموت” لحكيم نوري.

وكممثلة  ظهرت الراحة في أفلام “باب السما مفتوح” (1986) و”الدارالبيضاء يا الدارالبيضاء” (2002) و”كيد النسا” (2005)  للمخرجة فريدة بليزيد، و”شاطئ الأطفال الضائعين” (1991) و”ذاكرة معتقلة” (2003) للمخرج جيلالي فرحاتي.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأكادير ينطلق بتكريم روح الراحلة نعيمة المشرقي

تكريم روح الراحلة نعيمة المشرقي أكثر من مجرد التفاتة عابرة فهو تعبير عن الحب والاحترام …