مصطفى الويزي

“الإعلام والترجمة..من الاختلاف للتواصل”.. هدية الويزي لمهني الصحافة

كتاب يتناول الصعوبات التي يواجهها الصحافيون المترجمون عند نقل المعلومات بلغات أجنبية إلى لغتهم الأصلية…

بيت الفن  :   

عن دار النشر “إفريقيا الشرق” بالدار البيضاء صدر بداية العام (2024)، كتاب جديد للزميل الصحافي والأكاديمي مصطفى الويزي باللغة الفرنسية تحت عنوان “الإعلام والترجمة..من الاختلاف للتواصل”.

يندرج هذا العمل الجديد، الواقع في 187 صفحة وحجم متوسط، في خضم الانشغال الفكري للمؤلف بمسألة الترجمة ووسائل الإعلام، كمجال مزدوج للدراسة والتحليل للعوالم الممكنة وللظواهر المتكررة المؤثرة على اللغات من جهة وعلى القوالب الإعلامية والسياسية من جهة أخرى. فكل من الصحافي والمترجم، يضيف الكاتب، هما ناقلان، أي أشخاص يخاطرون بأنفسهم بين الحدود اللغوية والثقافية وبين التواصل وعدم التواصل أو التواصل الفج وغير المفيد.

فممارسة الترجمة في عالم الإعلام، بالنسبة لمصطفى الويزي، عملية شاقة للغاية، لأنها عمل يومي متعب، لكنه ضروري ولا غنى عنه. وبما أن هذه عملية الترجمة في الإعلام تتطلب الكثير من السرعة ورد الفعل، نظرا لأن عالم الأخبار والمعلومات يفرض سرعة الاستجابة والاستيعاب، مما قد يضعنا أمام متاهات الخيارات التقريبية، مع ما يرافق ذلك من عدم الدقة والعمومية.

يقدم الكاتب هذا المؤلف للمهنيين والمهنيات في عالم الصحافة ولهواة الترجمة والغوص بين اللغات، إذ يوضح أن كل مترجم هو بالضرورة ناقل لمسارات وحيوات وعوالم الآخر لمجتمعات ذات ثقافات مختلفة، الهدف منها نقلهم من بديهية الاختلاف الحياتي لضرورة التواصل من أجل معرفة الآخرين كما هم وليس كما نحب أن نراهم.

ويمكن اعتبار كتاب، “الإعلام والترجمة..من الاختلاف للتواصل”، دليلا لفائدة الصحافيين، إذ يتناول الصعوبات التي يواجهها الصحافيون المترجمون عند نقل المعلومات التي تمر على مدار اليوم بلغات أجنبية (الفرنسية في هذه الحالة) إلى لغتهم الأصلية أو اللغة الهدف للجماعة المستقبلة. ولعل المؤلف مؤهل بشكل كاف تماما للتحدث عن هذا، نظرا لممارسته السابقة لمهنة الصحافة داخل وكالة المغرب العربي للأنباء –القسم الفرنسي-، وكصحافي حر في يومية “ليبراسيون” الناطقة بالفرنسية، وكمحرر باللغة العربية خلال تجربة قصيرة في موقع “moumkin.ma”.

كما يركز المؤلف على الدور الحيوي الذي تلعبه المعلومات اليوم في عملية اتخاذ القرار، في عالم تتشابك فيه المصالح الاستراتيجية، من هنا، فإن ترجمة هذه المعلومات تعد مشروعا استراتيجيا حقيقيا، نظرا للرهانات التي تتدخل في صناعتها: السياسية، والأيديولوجية، والدينية، والاقتصادية، والثقافية… كل هذا يجعل من ترجمتها أحد أعمدة الصحافة في عالمنا الحالي، ولعل تشغيل عدد من الصحافيين والصحفيات المعربين والمعربات بالقنوات الدولية الناطقة باللغات الأجنبية لدليل على احتياج مجال الإعلام للترجمة كمواكب ضروري لما يقع بالعالم.

كما يضيف المؤلف، أيضا، أن التعددية اللغوية في غرف التحرير هي حقيقة موجودة على نطاق واسع، إذ لم يعد الصحافي ذلك الشخص الذي يتحدث بلغة واحدة ويذكر ببساطة الأحداث التي وقعت في “منطقته اللسنية”، بل يجب أن تترجم المعلومات القادمة من مناطق أخرى ليس فقط حرفيا، ولكن أيضا يجب معالجتها استنادا إلى نطاقها وتأثيراتها.

ونظرا لأن مهمة المترجم ليست أمرا بسيطا أو سطحيا على الإطلاق، يقوم المؤلف بالرجوع للعديد من الأسماء التي تناولت مشكلة الترجمة: مثل ابن خلدون، وابن جني، وعلماء اللغة فرديناند دو سوسور، وأندريه مارتينيه، وجورج مونان، وعلماء الدلالة والسيميائيين، مثل هنري ميشونيك، وبول ريكور، وأومبرتو إيكو، وفلاديمير تودوروف، وخبراء الترجمة مثل جان فلامان، وأنطوان بيرمان، أوجين نايدا، وتشارلز تابير، لتبيان مدى عدوانية بعض الترجمات، خاصة خلال هذا القرن، حيث نتحدث ونكتب قليلا بلغاتنا الوطنية ونستهلك بشكل متزايد الترجمات الأجنبية.

لكل هذا، فإن كتاب مصطفى الويزي، الصحافي والأستاذ بجامعة سيدي محمد بنعبد الله، ليس كتابا للقراءة فقط، بل يعد وثيقة للحفظ بالنسبة للطلاب والصحافيين ومستهلكي المعلومات، كما يشير لذلك الكاتب المغربي برنوصي سلطاني في مقدمة هذا الكتاب.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

عرض منزل العلامة ابن خلدون بفاس للبيع!!

أثار إعلان عرض منزل العلامة عبد الرحمن ابن خلدون، بفاس للبيع من طرف مالكيه، ضجة كبرى على مواقع التواصل الاجتماعي...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *