من غير المنطقي إخضاع “شريط تجريبي“ Art et essai لإجبارية شرط التوزيع بالقاعات قصد الحصول على الشطر الرابع والأخير من الدعم السينمائي (التسبيق على المداخيل) أو لدخول لجنة اختيار تمثيلية المغرب بجوائز الأوسكار…
هشام الودغيري
“فيلم راضية يغادر القاعات سريعا أمام هيمنة الكوميديا التجارية”، هكذا عنون موقع “مدار 24” مقالا حول سحب شريط مغربي من قاعات السينما التجارية.
أعتبر ذلك نوعا من الحيف، الذي يقع بحق الفيلم المغربي، إذلا يمكن توزيع فيلم تجريبي بالقاعات التجارية، (هذا بغظ النظر عن قيمته الفنية).
تبعا لذلك أتساءل عن: بماذا يمكن تسمية هذه المجازفة المتهورة والمحسوم أمرها سلفا، ومنتجو “راضية”يلقون بالشريط التجريبي في قاعة سينمائية تجارية؟
الخبر الذي قرأته وتداولَته بعض المواقع، يعزز تساؤلي بخصوص هذه الحالة، المسبوقة طبعا (مثلا شريطي، “لوكان يطيحو الحيوط” أو “كذب أبيض”)، كما يفتح الباب لعدة علامات استفهام؟؟؟
- من غير المنطقي إخضاع “شريط تجريبي” Art et essai لإجبارية شرط التوزيع بالقاعات قصد الحصول على الشطر الرابع والأخير من الدعم السينمائي (التسبيق على المداخيل)، ولدخول لجنة اختيار تمثيلية المغرب بجوائز الأوسكار.
- هل تم تقديم مشروع الشريط للجنة الدعم على أساس فيلم روائي تقليدي أم تجريبي؟
- لمدا يتم التعتيم عن أرقام “شباك التذاكر” Box office؟ ننتظر كتيب/حصيلة أرقام م.س.م السنوي، التي لا تفيد لا عمليا ولا سربا لواقع السوق/الصناعة، فلا يمكن بتاتا مقارنة حصيلة أرقام فيلم وُزِّع بشهر يناير مع آخر وزع قي دجنبر، نبض بورصة الأفلام يقاس بالأسبوع الأول.
الأمر هذا، يهدِّم كل تقدم حاصل بمجهودات القطاع الخاص (الإنتاج الذاتي، خاصة المنتجات الكوميدية جماهيريا) في جلب الجمهور للقاعات السينمائية، ويحطم كل مجهودات السياسة العمومية في إنماء صناعة سينمائية.
بنظري، وجب إعادة النظر في معيارية وتصنيف الأفلام المدعمة من المال العام، وأخص بالذكر فرض وتثبيت حصة “الفيلم التجريبي” الطويل، الروائي والوثائقي معا (الأشرطة القصيرة تظل تجريبية وتمرينية في غياب سوق لها، سواء تجاري أو ثقافي) في حدود نسبة مئوية (بين 10 و20%) من غلاف الدعم السنوي، مع ربط توزيعه بشبكة ثقافية، سواء عبر آلية الأندية السينمائية، و/أو شبكة قاعات “س” التابعة للمرفق العمومي (المتوفرة حاليا)، في إطار استراتيجي.
هذا، مواكبة مع عملية تسويق ثقافي (بحسبان أن التوزيع السينمائي هو مهنة واختصاص)، مشمولة بتأطير الأندية السينمائية، والنقاد السينمائيون وكل المهتمين من المجتمع المدني (في انتظار خروج “الخزانة السينمائية” من كهف سباتها)، قصد إيصال المنتوج في إطاره الصحيح (نشر ثقافة سينيفيلية وطنية)، مع العمل بإطار خطة مدروسة بصفة تشاركية، من أجل زرع ثقافة سينمائية هدفها تقديم بديل، لدى جمهور بديل ومُتعطش، لغاية اسمى، ألا وهي الانتقال من كم ضعيف سينمائيا إلى كيف واعد وراقي فنيا، كفيل بحضور مهرجاناتي دولي متميز للفيلم المغربي.
كفانا استهتارا بأنفسنا، كفانا ضحكا على صورتنا في مرآة مُظَبَّبة، الواقع الملموس يبرهن على سير تدبير الإدارة في طريق مسدود مقدما، أكاد أجزم: حتى الإدارة غير “راضية” عن الوضع.
الحلول موجودة، الآليات التشاركية متوفرة، الخبرات الصادقة تنتظر صفاء الرؤية…
للمعلومة:
- استقبلت القاعات السينمائية المغربية شرط “راضية” ابتداء من الأربعاء 16 يوليوز 202