بيت الفن المغربي فضاء للتلاقي، للتفاعل، للتآلف، للحوار، ولتبادل الأفكار بيت الفن فضاء للتلاقي، للتفاعل، للتآلف، للحوار، ولتبادل الأفكار، للانفتاح على الآخر، إنه حيز مشترك غير قابل لأن يتملكه أيا كان، الثقافة ملك مشاع، البيت بيتك، اقترب وادخل، إنه فسيح لا يضيق بأهله، ينبذ ثقافة الفكر المتزمت بكل أشكاله وسيظل منحازا للقيم الإنسانية، “بيت الفن” منبر للتعبير الحر، مستقل، مفتوح لكل التيارات الفنية والأدبية والفكرية.
كوريغرافي ومخرج وشم مساره الإبداعي بـ”عود الورد” و”موشومة” وختمه بـ”حلم ممنوع”…
بيت الفن
ودعت الساحة الفنية المغربية يوم الثلاثاء 16 يناير 2024 الفنان والمخرج ومصمم الرقصات، لحسن زينون، الذي وافاه الأجل في إحدى مصحات الدار البيضاء عن سن يناهز 80 سنة، حسب ما علم لدى مقربيه.
ونعى اتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة المخرج لحسن زينون بكلمة مؤثرة نقتطف منه “لحسن زينون يرقص رقصته الأخيرة ويرحل بعد إخبارنا أنه لم يعد بحاجة لحياة تحرمه من الخلق والإبداع، حياة بدون خلق لسنوات لأسباب مختلفة لا تستحق أن تعاش.. رحل أنيق السينما المغربية مخلفا وراءه فنا وصيتا حسنا. تاركا غصة في قلوب محبيه وأصدقائه لحسن سيرته وحبه لمحيطه الإبداعي… مات زينون جسدا لكن روحا سيظل حرا في كل الآفاق، وراقصا في كل الأمكنة الكائنة والممكنة…..”.
كما نعت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، الفنان والكوريغراف والمخرج لحسن زينون، بهذه المناسبة الأليمة متقدمة بأصدق عبارات التعازي والمواساة لأسرة الفقيد، وللأسرة الثقافية والفنية.
ولد الراحل سنة 1944 في درب مولاي الشريف بالدار البيضاء، وحصل على أول جائزة في الرقص من المعهد البلدي بالدار البيضاء سنة 1964.
لحسن زينون، الذي يصفه أصدقاؤه بـ “أنيق السينما” و”عود الورد”، و”راقص السينما المغربية”، كوريغرافي نجم، استهواه الفن السابع، حيث عمل مصمم رقصات لعدد من الأفلام من بينها ” الإغواء الأخير للسيد المسيح ” لمارتين سكورسيزي و”شاي في الصحراء” لبرناردو بيرتولوتشي و”ظل فرعون” لسهيل بنبركة و”جوزيف” لروبرت يونك و”موسى” لروجي يونك…، كما اشتغل مع كبار الكوريغرافيين، مثل بيتر فان ديك، جورج لوفيفر، أندي لوكليرهان فوص وجان برابان.
أخرج ثلاثة أفلام قصيرة وهي “الصمت” (2001) و”البيانو” (2002) و”عثرة” (2003)، الذي حصل على جائزة النقد وجائزة الصحافة بالمهرجان الوطني للفيلم سنة 2005.
في سنة 2007 شارك فيلمه الطويل الأول “عود الورد” في عدة مهرجانات وطنية ودولية، وحاز على العديد من الجوائز من بينها جائزة أحسن دور نسائي وجائزة ثاني دور نسائي وجائزة أحسن صوت في الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم، كما حصل على الجائزة الخاصة بلجنة التحكيم في المهرجان الدولي بالم بيتش بالولايات المتحدة الأمريكية في أبريل 2008،
في يناير 2012عرض فيلمه الطويل الثاني “موشومة” لأول مرة في الدورة الثالثة عشر للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، وفاز بجائزة أحسن سيناريو وجائزة أحسن صوت.
شغل لحسن زينون منصب مدير المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في عهد الراحل نورا لدين الصايل، وشارك في عضوية لجنة التحكيم في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش سنة 2009، كما ترأس لجنة تحكيم مسابقة الفيلم القصير لمهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط في سنة 2006، والمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بأكادير في سنة 2010 ومهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة سنة 2012. وفي سنة 2015 كان ضمن لجنة تحكيم مهرجان السينما الإفريقية بواكادوكو.
وفي سنة 2021، وتوج الراحل مساره بنشر “الحلم الممنوع” le rêve interdit الصادرة عن دار النشر المغربية البلجيكية “مها”، وهو سيرة ذاتية مرتبطة بحياته الخاصة، وبعقود من عمره قضاها في التجوال بين مختلف المجالات الفنية، بالموازاة مع رحلة نضال خاضها في سبيل الاعتراف بالرقص الكلاسيكي والدفاع عن التراث المغربي.
قصة زينون مع الرقص الكلاسيكي والباليه لا تخلو من الطرافة والغرابة، وتعود إلى عام 1956، تاريخ استقلال المغرب عن الاستعمار الفرنسي، حين كان صبيا في الثالثة عشرة من عمره، ومرّ صدفة أمام مبنى “المعهد الموسيقي” في الدار البيضاء فتناهت إلى سمعه أصداء موسيقى كلاسيكية خلبت لُبَّه. التحق لاحقا بهذا المعهد، الذي لم يكن يخالطه آنذاك سوى أبناء الفرنسيين والطبقة المغربية الميسورة، بعد أن أشفقت عليه مديرة المعهد بسبب فقره الشديد.
بعد تخرجه عام 1964 وانتزاعه جائزة أفضل راقص، طرده والده من البيت من دون تردد، ذلك أن الرقص بالنسبة إليه وإلى غالبية المغاربة كان آنذاك مهنة مستهجنة لا تزاولها سوى شريحة “فاسدة” من النساء. وبتشجيع من مديرته، غادر زينون إلى بلجيكا وواصل دراسة الرقص مع فرقة الراقص الشهير موريس بيجار إلى أن حصل على درجة “راقص نجم” “Danseur étoile”، وهي أعلى درجة في سلّم الاحتراف بالنسبة إلى الرقص الكلاسيكي.
في السبعينيات تنل زينون عبر العواصم العالمية ممارسا الرقص الكلاسيكي ضمن أشهر الفرق الدولية، وحصد العديد من الجوائز، لكنه ظلّ مسكونا بهاجس تطوير فن الرقص الكلاسيكي في المغرب ومحاولة إيجاد صيغة توفيقية تصالحه مع الرقص التراثي المغربي. وهذا ما قام به مع زوجته الفرنسية ميشال باريت، هي أيضا راقصة كلاسيكية محترفة، حين أسّسا معا مدرسة “باليه ومسرح زينون” عام 1978.
