مسرحية حدائق الأسرار

جمهور أيام قرطاج المسرحية يستقبل “حدائق الأسرار” بشغف

يؤدي أدوار المسرحية، الممثلون ياسين أحجام وجليلة التلمسي وهاجر لحميدي. وتدور الأحداث حول أسرة تتكون…

بيت الفن

بشغف كبير، تابع جمهور الدورة الثالثة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية عرض “حدائق الأسرار” للمخرج المغربي محمد الحر، مساء اليوم الأربعاء سابع دجنبر 2022 بقاعة الفن الرابع بالعاصمة التونسية ضمن عروض المسابقة الرسمية للمهرجان.

يلفت انتباه الجمهور منذ دخوله القاعة العناصر المؤثثة للركح من “مراوح” وميكروفونات وطاولة للتحكم في الإضاءة يجلس إليها مخرج العمل، أما في الجانب الأيسر للركح فهناك تمثال رأسي سلطت عليه الإضاءة. وتنبئ مختلف هذه العناصر أن العمل سيكون رمزيا، وذا عمق مما يتطلب انتباها شديدا لمختلف أطواره.

يؤدي أدوار المسرحية، الممثلون ياسين أحجام وجليلة تلمسي وهاجر لحميدي. وتدور الأحداث حول أسرة تتكون من أب وأم وابنتهما من عائلة تبدو ثرية. وتبدو العلاقة بين الأب والأم متذبذبة ومتوترة بسبب زواج تقليدي عن غير حب فرضته تقاليد العائلة. وهذا المنوال نفسه في الزواج يحاول الأب فرضه على ابنته من خلال ربطها برجل من الأثرياء لا تحبه. فتفر البنت في ليلة زفافها وتلقى حتفها في حادث أليم.

بدأت أسرار المسرحية تتفكك شيئا فشيئا من الخفاء إلى العلن، كاشفة عن هذه العلاقة الأسرية التي بدت في ظاهرها متينة، لكنها في الحقيقة يسودها التوتر والصراع، فكل فرد منها له همومه ومأساته ويعيش في صمت وعزلة. وانفجر هذا الصمت مع ظهور البنت التي خرجت من الثلاجة، وكأنها كانت مجمدة، وكأن في خروجها ثورة على الواقع ومحركا للأحداث وكشفا للصراع الخفي في العائلة الذي بدا تماسكها طوباويا وهي في الحقيقة على حافة الانهيار، فهذا العالم الأسري المفكك بدا فاقدا للمشاعر والأحاسيس بين أفراد العائلة الذين كانوا يتكتمون عنها ولا يبوحون بما في دواخلهم، من أجل الحفاظ على وحدة الأسرة.

وللتعبير عن هذه المأساة الأسرية، اهتم المخرج محمد الحر بالخصائص الفنية المميزة للعرض، أهمها بالخصوص لعب الممثل على الركح والحوار بين الشخصيات وكذلك السينوغرافيا.

ففي ما يخص اللعب الدرامي للممثلين على الركح، اتسم الأداء بالصدق في التعبير عن كوامن الذات لإبراز هذا الصراع سواء كان بين الشخصية وذاتها أو الشخصية في علاقة بالآخر، وهو ما خلق نسقا تصاعديا في إيقاع العرض تماشيا مع احتداد الصراع العائلي من ناحية، ولتجنيب العرض السقوط في الرتابة من ناحية أخرى.

أما في ما يتعلق بالحوار، فقد راوح النص بين اللهجة المغربية واللغة العربية الفصحى، وفي ذلك أكثر من دلالة حيث تجاوز بذلك ما هو محلي لإعطاء القضية المطروحة بعدا عربيا. كما ساهم الحوار في مزيد الكشف عن بواطن الشخصيات. وقد بدت كلمات النص شاعرية وحبلى بالمعاني والمقاصد وأضفت جمالية على أداء الشخصيات.

ولم يخل العرض من عدة تناقضات ارتكزت عليها المسرحية، وهذه المفارقة برزت في ألوان ملابس الشخصيات، إذ ظهرت البنت بفستان أبيض مقابل ظهور الأم بملابس سوداء، وأيضا مفارقة في المشاعر والأحاسيس بين الحب والكراهية، والمراوحة بين الليونة والقسوة مع حركة الجدار على الركح، إذ كلما فتح الجدار إلا وزادت المعاناة والقساوة، وهذه أيضا مراوحة بين الظاهر والباطن أي ما يظهره الجدار وما يخفيه.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

المهرجان الوطني لمسرح الشباب يكشف عن برنامج دورته الثالثة

يتضمن برنامج التظاهرة حفل تكريم اسمين لهما إسهامات قيمة في المشهد المسرحي المغربي، هما الممثل …