التظاهرة الثقافية تصبو إلى تقريب الكتاب والأدب من القراء والجمهور وكل فئات المجتمع وجعل الثقافة والإبداع الأدبي في قلب المجال التنموي
بيت الفن
استقبلت حديقة جنان السبيل التاريخية بفاس، يوم السبت فاتح أكتوبر الجاري، 40 كاتبا ومبدعا من بلدان مختلفة في لقاء مباشر مع القراء وعموم الجمهور، ضمن النسخة الرابعة من ملتقى “الآداب المرتحلة” المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وشكلت الحديقة التاريخية فسحة أدبية وثقافية وبحثية لرواد القراءة للنبش والنهل من المؤلفات التي وضعها الكتاب رهن إشارة القراء لاقتنائها وتوقيعها مباشرة من مبدعيها.
وشهدت تظاهرة “الآداب المرتحلة” تنظيم مائدتين مستديرتين ناقشتا مواضيع لها علاقة بالثقافة ودورها في تنمية المجتمعات، بالإضافة إلى تنظيم جائزة القصة القصيرة الموجهة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، التي تهدف إلى تشجيع الإبداع الأدبي لدى الناشئة.
وفي كلمة افتتاحية بالمناسبة، شددت رئيسة جمعية الآداب المرتحلة، نادية السالمي، على أهمية هذه التظاهرة في طبعتها الرابعة من “الآداب المرتحلة” وما تتضمنه من تنوع في برنامجها الذي يجمع نخبة من الأدباء والمبدعين والمثقفين من ثقافات مختلفة.
وقالت السالمي إن النسخة الرابعة من “الآداب المرتحلة” تروم وضع الكتاب رهن إشارة القراء، مشيرة إلى أن النسخة الرابعة من التظاهرة تأتي بعد مدن الرباط والدارالبيضاء ومراكش، ويتم خلالها اختيار فضاء تاريخي له دلالة ورمزية كبيرة للمدينة.
وأكدت السالمي أن فضاء حديقة جنان السبيل استقطب قراء كثرا مما يعني أن القارئ المغربي حاضر بقوة وجاء للقاء 40 كاتبا من بلدان مختلفة من العالم.
بدوره، أفاد رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج وعضو جمعية الآداب المرتحلة إدريس اليزمي، أن النسخة الرابعة من المبادرة الثقافية تهدف أساسا إلى تقريب الكتاب من القارئ، حيث يتم في كل نسخة من التظاهرة اختيار فضاء مفتوح يتيح اللقاء المباشر بين القراء والكتاب.
وأضاف اليزمي أنه تم اختيار “من ثقافة إلى أخرى” موضوعا للنسخة الحالية التي يشارك فيها 40 كاتبة وكاتبا ينتمون إلى 14 دولة، بالإضافة إلى حضور شخصيات مرموقة مثل الوزيرة الفرنسية السابقة من أصول مغربية نجاة فالو بلقاسم، ووزيرة العدالة الفرنسية السابقة كريستيان توبيرا.
ولاحظ اليزمي أنه في الوقت الذي يتحدث الناس عن صراع الحضارات، يبحثون ويناقشون في المبادرة الثقافية الوسائل التي تساعد على تقريب الثقافات والحوار بين الشعوب وبين اللغات والقيم بشكل مستمر، مشيرا إلى أن النسخة الحالية نجحت نسبيا في كسب هذا الرهان.
من جهتها، عبرت هيام يارد، كاتبة وشاعرة لبنانية باللغتين العربية والفرنسية، عن فرحتها العميقة باللقاء والتفاعل المباشر مع قراء الأدب في حديقة لها رمزية ودلالة كبيرتان.
وأضافت الشاعرة التي صدرت لها عدة دواوين شعرية والحاصلة على الدكتورة الفخرية من المعهد الوطني للفنون والمهن بباريس، أن تجربة الكتابة مكنتها من إعادة التفكير وسرد القصص والتعبير عن أفكارها وتحرير أفكار الآخرين.
وأجمع كتاب وأدباء وباحثون في الثقافة، بمناسبة انطلاق فعاليات النسخة الرابعة من “الآداب المرتحلة”، على أهمية ودور الإبداع الأدبي والثقافي كرافعة من رافعات تنمية المجتمعات على عدة مستويات.
وأكد المبدعون المشاركون في المائدة المستديرة الأولى حول موضوع “من ثقافة إلى أخرى”، أن هذه التظاهرة الثقافية تصبو إلى تقريب الكتاب والأدب من القراء والجمهور وكل فئات المجتمع، وجعل الثقافة والإبداع الأدبي في قلب المجال التنموي.
وعبر الأديب والروائي السوداني عبد العزيز بركة ساكن، في مداخلة له عن تأثره وفرحه الكبير بالتواجد بمدينة 12 قرنا التي طالما سمع عنها الحكايات والقصص من الأجداد.
وتحدث الكاتب السوداني بالمائدة المستديرة عن جذوره والتنوع اللغوي للثقافات وانعكاسهما على كتاباته وإبداعاته المتواصلة.
من جهتها، قالت الشاعرة والكاتبة والأكاديمية الجزائرية المقيمة بفرنسا زينب لعوج، في مداخلة لها، أن الإنسان حيثما كان هو عملية تراكم على كل المستويات (ثقافي، إنتاجي، حضاري…)، حيث أن أول هذه التراكمات يتجلى في المجال الشعري.
وعزت الكاتبة الجزائرية اختيارها للشعر كتراكم إنساني إلى ما سمته بـ”التهويدات” من خلال التراكم الأول من الأمهات والجدات، مشيرة إلى أن ما تصبو إليه هو تقاسم هذا التراكم وما يتم إنتاجه مع الآخر.
وأكدت الأكاديمية أن التعامل مع القيم الإنسانية الكبيرة وتدريسها في المدارس، سيخلق مجتمعا جديدا يمكن أن يساهم في التغيير، مشددة في السياق ذاته، على ضرورة تعليم الأطفال تقبل الآخر، والابتعاد عن الأفكار المسبقة القاتلة.
ويشارك في التظاهرة الثقافية مبدعات ومبدعون وشعراء وكتاب وأدباء من المغرب والجزائر وتونس وفلسطين ومصر وموريتانيا ولبنان والأردن والسودان والكاميرون وكوت ديفوار وفرنسا وتركيا.
تجدر الإشارة إلى أن تظاهرة الآداب المرتحلة، انطلقت سنة 2017 بمدينة سلا، ونظمت النسخة الثانية بمدينة الدار البيضاء، بينما احتضنت مدينة مراكش النسخة الثالثة من التظاهرة.