أيهما أفضل: الحلم المتفائل أم الكابوس المزعج؟
بيت الفن
عن منشورات المتوسط بإيطاليا، صدرت رواية جديدة للروائي المغربي يوسف فاضل، بعنوان “غبار ونجوم”. رواية تقف على حواف كثيرة، وتفصل في التاريخ العام انطلاقا من الشخصي وما يحدث من هزات نفسية للأفراد، كما تهتز البلاد في المنعرجات الكبرى.
تدفعك الرواية التي بين يديك، إلى التساؤل أيهما أفضل: الحلم المتفائل أم الكابوس المزعج؟ سيبدو الأمر في البداية محسوما حتى وإن تنبأت الأبراج الفلكية بعكسه. لكنك مع كوثر وتمسكها المحموم بحبها الأول زكريا، وبحثها عنه، ومحاولة استعادته بعد أن خطف عقله الإسلاميون، ستجد نفسك وسط الدخان والغبار وهياج المعارك، كأن حربا وشيكة ستشتعل بعد قليل، في الحرم الجامعي، أو في الملعب المعشوشب، حيث يقيم الشيوعيون مائدة مستديرة حول حقوق المرأة. ولأن الحياة حظ متقطع وسوء حظ متواصل، تتقاطع مصائر البطليْن مع الدكتور ومراد وغالية وحماد والشيخ المزراوي بيده التي تبارك شباب الجماعة المتحمسين للقتال.
وأنت تقلب الصفحات تخطفك عبقرية التفاصيل، بلغة تخص يوسف فاضل وهو يرسم ملامح شخصيات تبدو أصواتها أكبر منها، تفيض بمشاعر تندلق كالماء على الرمل، وهي تسعى لتحقيق شرطها الإنساني، وسط تجاذبات للمتطرفين والعاشقين والذاهبين في طرق متشعبة عبر آسفي وطنجة وشفشاون.
وبين المدينة والغابة والبحر… هناك غبار ونجوم، وكائنات ليل لا يعرفها نهار!
من صفحات الرواية الـ336 نقرأ: “… إنها الفتاة الأولى التي أتعرف عليها في حياتي القديمة. الجاهلية. قبل أن يضع المزراوي يدي في يد رحاب ويقول لي هذه امرأتك على سنة الله ورسوله. أتذكرها، كوثر، بمناسبة هجومنا الوشيك على القاعة. وأقول إنني تخلصت منها في الوقت المناسب. دامت علاقتنا عشرة أشهر. وهذا لا يعني شيئا بالنسبة إلي. تخليت عنها بعد أن أدركت أهدافي الحقيقية. صورتها استمرت في ذهني مدة. صورتها التي هي في الآن نفسه شريط من الصور. صور الصيف الذي مضى. صورة نهديْن سخييْن، لم أرهما. أتصورهما. تحت المعطف البني الثقيل شتاء. والقميص الخفيف صيفا. هذه الصور لم تفارقني. تحضرني في كل مرة أتذكر فيها يد الشيخ المزراوي وهي تمسد شعْري، أحس بعضوي ينتعظ من النشوة. وأحلق بعيدا رفْقة كوثر، ونهديْها السخييْن. أتذكرها الآن بحنين أستغرب له. وأنا الذي اعتقدت أنني شفيت …”.
يشار إلى أن يوسف فاضل، روائي ومسرحي وسيناريست مغربي مواليد عام 1949، في مدينة الدار البيضاء.
يتوزع نتاجه الأدبي بين الكتابة المسرحية والروائية والسيناريو، تحولت مسرحيته الأولى “حلاق درب الفقراء” إلى فيلم أخرجه الراحل محمد الركاب. بالإضافة إلى روايته هذه “غبار ونجوم” أصدر 12 رواية أخرى هي: “الخنازير”، 1983. “أغمات”، 1990. “سلستينا”، 1992، “ملك اليهود”، 1996. “حشيش”، 2000، (جائزة الأطلس الكبير). “ميترو محال”، 2006. “قصة حديقة الحيوان”، 2008. “قط أبيض جميل يسير معي”، 2011. “طائر أزرق نادر يحلق معي”، 2013، (القائمة القصيرة البوكر، جائزة الكتاب بالمغرب). “فرح”، 2016. “مثل ملاك في الظلام” 2018. “حياة الفراشات”، 2020، عن منشورات المتوسط.