“الدار اللي هناك” تحتضن 80 حلما
سردها الكاتب وخطها من محبرة الذاكرة والخيال
بيت الفن
أصدرت دار النشر “باب الحكمة” عملا جديدا للكاتب المغربي الراحل محمد أنقار بعنوان “الدار اللي هناك”، وقعها الكاتب والناقد، الذي طالما انشغل ببلاغة الأجناس الأدبية وجمالياتها الخاصة، باسم جنس أدبي فريد هو “أحلام”.
يضم الكتاب ثمانين حلما، على مدى 160 صفحة، أحلام سردها الكاتب وخطها من محبرة الذاكرة والخيال، وقدم لها بفصل يتحدث عن الديار الثلاث التي قضى فيها طفولته وشبابه، في مدينة تطوان، على حد توصيفه “هي ثلاث ديار عشت فيها طفولتي وبداية الشباب وكان لها تأثيرات متفاوتة العمق في حياتي، خاصة الدار الأخيرة التي أوحت إلي بأحلام هذا الكتاب”.
وبينما يرد الفصل الأول في صيغة سيرة ذاتية صريحة، تتقاطع في نصوص الأحلام وقائع السير ذاتي والواقعي اليومي والحميمي، وعوالم التخييل الحلمي، في بناء سردي ممهور. وبهذا، يكون العمل الأخير لمحمد أنقار فاتحة لجنس سردي جديد في المدونة الأدبية المعاصرة.
وقدم الناقد عبدالرحيم الإدريسي لهذا الكتاب بدراسة مضيئة، منوها بوضع هذا الكتاب بين يدي القراء، إذ بصدوره “تكتمل صورة الكتابة عند محمد أنقار، ويتحقق بها أفق جديد لتجربته السردية، أفق لا يخفي نزوعا تأمليا تلهبه المشاعر والآمال وتعتصره أخيلة الصبا وكوابيس الأحلام والتذكر. لكنه في الوقت نفسه، اختيار شكل متخيل جديد في الكتابة، يربك القراءة ويحير مواضعات التصنيف ومعايير الانتساب التجنيسي المألوف”.
ويؤكد الإدريسي أن نص “الدار اللي هناك” تجربة كتابة أصيلة، نص إشكالي ومشتبه، محير وحزين، موجع تحت وطأة الحرمان من الحاجة إلى المكان، ونذر النهاية. على أن شكل الكتابة الذي يبدو عفويا، ينطوي على عمل مركب، يجرد الموضوع والحدثَ والشخصيةَ وفعلَ الكتابة من حدود الآنية ويحولها إلى أفق مداه اللانهائي. والسرد في ذلك يسير في دوائر تصويرية مطردة تتقلب بين لحظة انطلاق الحلم ولحظة الاستفاقة، وتنتهي بحلم يقظة، برهافة محمومة وشفيف موارب يضمران أسرار الوجود الخاص، ويصوران وقائع جث الوشائج وحسرة النهايات. وفي هذه المساحة يتحرك وعي الكاتب ولاوعيه من نقطة ما، ويعود إليها كي ينوع أوجهَها أو يضيفَ إليها أو يحولها، فهو يرى صور الأحلام في مشاهد كثيرة، متجاورة ومتداخلة في آن، يراها على الرغم من تباعدها الزمني والمكاني، وتفكك عناصرها في موضع واحد، تتسع أحيانا وتضيق أحيانا أخرى، تكابد صور الضعف والقسوة، غارقة في ضوء الكون الذاتي الشامل والمميز لعوالم كتابة محمد أنقار.
يشار إلى أن الراحل محمد أنقار أديب وأكاديمي وأحد رواد الكتابة الروائية بالمغرب ، توفي يوم 15 فبراير 2018 عن عمر ناهز 72 سنة بتطوان.
اشتغل الراحل أستاذا جامعيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان منذ سنة 1982، وترك العديد من الدراسات النقدية الرائدة والمهمة، فضلا عن نصوصه الروائية والقصصية منها “بناء الصورة في الرواية الاستعمارية: صورة المغرب في الرواية الاسبانية ” (1994)، “من عبد الحليم” قصص (1994)، ” بلاغة النص المسرحي (1996)، “قصص الأطفال بالمغرب” دراسة (1998)، “صورة عطيل” دراسة (1999)، “مؤنس العليل” قصص قصيرة (2003)، رواية ” المصري (2003)، “الأخرس” قصص قصيرة (2005)، ورواية “باريو مالقا” (2008).
وسبق للراحل أن نال على جائزة المغرب للكتاب في فرع الدراسات الأدبية والنقدية سنة 1998.