عمل روائي جديد يكشف جرائم اغتصاب الأطفال والفساد والخزي والكراهية
بيت الفن
يعود الكاتب والروائي الفرنكفوني المغربي الطاهر بن جلون بمؤلف جديد إلى الساحة الثقافية العالمية، ويتعلق الأمر برواية “العسل والمرارة”، الصادرة عن دار النشر الفرنسية غاليمار.
من خلال عمله الأدبي، يغوص الكاتب في الدراما الاجتماعية لزوجين مغربيين من الطبقة الوسطى دمرهما انتحار ابنتهما.
في الواقع، تبدأ الرواية بالأصوات الداخلية لـ(مراد ومليكة)، وهما زوجان عجوزان مزقتهما مصائب الحياة. “تحكي الرواية كيف تم تدمير زوجين مغربيين من الطبقة الوسطى، حيث الرواية ترصد عقدا من الزمن من 1990 إلى2000، ومأساة العجوزين تبدأ تماما بانتحار ابنتهما، ضحية مغتصب أطفال (بيدوفيلي).
من خلال اغتصاب الفتاة الصغيرة، ودفعها إلى الانتحار، فإن هذا الرجل الذي تصرف مع الإفلات التام من العقاب، بطريقة ما، اغتصب وقاد الأسرة بأكملها إلى الانتحار حسب الرواية التي غاصت في أعماق دراما اجتماعية لأسرة جاهدت كثيرا للتعلق بسلم الطبقة الوسطى المغربية.
انطلقت حياة هذين الزوجين عبر زواج تقليدي من دون قصة حب، لقد كان زواجا عاديا حيث “نتزوج دون معرفة بعضنا البعض وحيث نتعرف على بعضنا البعض من خلال الزواج”، يقول الطاهر بن جلون في مقابلة أجرتها دار غاليمار بمناسبة نشر روايته.
لا بد من القول إن الطاهر بن جلون يتعامل مع عدة أسئلة مستوحاة من المجتمع، وهي جرائم اغتصاب الأطفال، والفساد، والعار، والكراهية. وردا على سؤال حول تأثير ثقل التقاليد في المجتمع المغربي، أوضح الكاتب “أنه من سمات أي مجتمع تقليدي”. ويضيف أن “فرنسا لم تفلت منها، حيث إن التنديد بجرائم الأطفال حديث جدا. الشيء نفسه في المجتمع المغربي، باستثناء إضافة فكرة العار المتجذرة بعمق في العقليات. نفضل الصمت على الخجل، والصمت خير شريك للمجرمين”.
بالإضافة إلى مفهوم العار، يستحضر المؤلف بالتالي الهجرة والعلاقات الطبقية، وهي أسئلة متكررة جدا في مجتمعنا.
ويوضح أن “الرغبة في مغادرة البلاد منتشرة بشكل كبير بين الشباب، خاصة عندما لا تكون الآفاق المستقبلية مشرقة للغاية”، مشيرا إلى نوعين من الشخصيات في روايته، وهما منصف وآدم. “منصف الذي ينجح في المغادرة سينقذ حياته وزواجه، يجد آدم نفسه جزءًا من ملايين الموظفين المدنيين والموظفين الذين يتعين عليهم تحمل الإذلال اليومي للحفاظ على وظائفهم. الرواية تكشف عن جانب من الفوارق الاجتماعية والطبقية وعدم المساواة في الحقوق.
الروائي المغربي الطاهر بن جلون من مواليد دجنبر عام 1944، ولد في مدينة فاس، وهو من كتاب الجيل الثاني في المغرب، ومع أنه من مواليد مدينة فاس في المغرب، وانتمائه في النسب يعود للمغرب إلا أنه يوصف بأنه شاعر وكاتب فرنسي، فجميع أعماله مكتوبة باللغة الفرنسية وتمت ترجمتها إلى العربية والإنجليزية، بدأ بكتابة الشعر في صحيفة فرنسية، وبعدها انتقل للقصة والرواية وغلب على أدبه الطابع الفلكلوري والعجائبي، ومع أنه دافع عن قضايا المرأة وحقوقها وسلط الضوء على الكثير من المشكلات التي تتعرض لها المرأة، إلا أن الطابع الذكوري لم يكن خافيا على القارئ في كثير من أعماله الأدبية، ولما كان للاعتقال ذكرى مؤلمة في حياته كان لا بد أن يؤثر هذا الأمر على الأعمال الأدبية التي يكتبها، إذ أنه سلط الضوء في بعض أعماله الأدبية على السجون وعتمتها. ولا يمكن أن يتجاهل، في ما يكتب، معاناة المهاجرين العرب والمسلمين في فرنسا وما يلاقونه من مصاعب ومشكلات في بلاد الاغتراب.