بيت الفن
فقدت الساحة الثقافية المصرية والعربية اليوم السبت 14 نونبر 2020 الكاتب المصري سعيد الكفراوي، عن عمر ناهز 81 عاما بعدما أثرى الساحة الأدبية عامة وفن القصة القصيرة خاصة بأعمال مميزة ترجم بعضها إلى عدد من اللغات الأجنبية.
ونعاه أدباء وصحافيون من مصر والمغرب ومختلف دول العالم في رسائل حزينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب الكاتب والإعلامي المغربي ياسين عدنان “سعيد الكفراوي يغادرنا اليوم. رجل من أكرم الناس وأعذبهم وأخدمهم للناس. حين زرت القاهرة أول مرة قبل عشرين سنة وطبعت فيها مجموعتي القصصية الأولى “من_يصدق الرسائل؟ عند دار ميريت، كان هو والصديق شعبان يوسف من تكفلا بتقديمي للقراء والأصدقاء في معرض الكتاب في ندوة مرتجلة غمرني فيها العم سعيد بلطفه. ثم توالت لقاءاتنا سواء في القاهرة، أو في المغرب حيث دائما ما يكون مع زوجته الراحلة السيدة أحلام وإحدى صديقتيه المغربيتين: الراحلة زهرة_زيراوي، والأديبة ربيعة ريحان. وكلاهما قاصتان أخلصتا طويلا لهذا الجنس الأدبي قبل أن تتحولا إلى الرواية.
– كأنهما خانتاك يا عم سعيد؟
– لا أبدا. فأنا أيضا عاكف على روايتي.
تلك الرواية التي لم تنْشَر قط. وأخشى ألا تصدر أبدا.
حينما عدت إلى القاهرة قبل سنتين للشروع في مغامرة إعلامية جديدة عنوانها #بيت_ياسين، لجأت إليه ليكون ضيفي الأول. وفعلا كانت أول حلقة أسجلها من هذا البرنامج مع العم سعيد. لماذا سعيد الكفراوي بالذات؟ لأنني كنت طامعا في صبره الكبير على أصدقائه، وأيضا في براعة الحكي لديه. ومرت الحلقة الأولى ناجحة بفضل سحر هذا الرجل الفياض: فيض من الحكي، فيض من القصص، وفيض من المشاعر.
رحم الله سعيد الكفراوي. خسارة فادحة للقصة القصيرة العربية التي تفقد اليوم ناسكها. مع أحر التعازي لأهله وصحبه وعشاقه في كل مكان.
من جانبه كتب الكويتي طالب الرفاعي رئيس مجلس أمناء جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية على تويتر “سقط اليوم غصن كبير من شجرة القصة القصيرة العربية”.
وأضاف “سعيد الكفراوي ليس قاصا مبدعا حافظ على صلته الوطيدة بفن القصة، لكنه ذاكرة إنسانية مصرية عربية عظيمة”.
ولد الكفراوي في قرية كفر حجازي بالمحلة الكبرى سنة 1942، ونشأ فيها. وبدأ اهتمامه بالأدب مبكرا، فكون في بداية الستينيات ناديا أدبيا في قصر ثقافة المحلة الكبرى مع أصدقائه جابر عصفور ومحمد المنسي قنديل وصنع الله إبراهيم ونصر حامد أبو زيد ومحمد صالح وفريد أبو سعدة، قبل أن يعرف الكفراوي طريقه إلى مجلس نجيب محفوظ على مقهى ريش بالقاهرة.
وبدأ كتابة القصة القصيرة في حقبة الستينيات، لكن أولى مجموعاته القصصية لم تنشر إلا في الثمانينيات، وهو الفن الذي ظل مخلصا له على مدى عقود رغم اتجاه معظم أبناء جيله لاحقا إلى كتابة الرواية.
تعرض الكفراوي للاعتقال سنة 1970، قبيل أيام من وفاة الرئيس جمال عبدالناصر بسبب قصة كتبها، وبعد خروجه من المعتقل نقل ما حدث له لنجيب محفوظ، الذي استوحى منه شخصية إسماعيل الشيخ في روايته “الكرنك”.
ترجمت أعمال الكفراوي إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والتركية والسويدية والدنماركية.
ومن أبرز مجموعاته القصصية (زبيدة والوحش) و(أيام الأنتيكة) و(مدينة الموت الجميل) و(سدرة المنتهى) و(مجرى العيون) و(البغدادية) و(يا قلب مين يشتريك) و(بيت للعابرين).
رأس تحرير سلسلة (آفاق عربية) التي تصدر عن الهيئة المصرية للكتاب وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2016 وقبلها جائزة السلطان قابوس للإبداع الثقافي في مجال القصة القصيرة من سلطنة عمان.