بيت الفن
ضمن أسبوع التناغم الموسيقي في شتاء طنطورة، أحيا الموسيقار المغربي عبد الوهاب الدكالي، مساء الجمعة 17 يناير 2020 بالعلا بالسعودية، حفلا ضمن أسبوع التناغم الموسيقي في شتاء طنطورة، بعد أزيد من ثلاثة عقود من مشاركته في المهرجانات الفنية بالسعودية.
وقدم الدكالي خلال الحفل الاستثنائي الذي امتد لأزيد من ساعتين مجموعة من أشهر أغانيه منها أغنيته الشهيرة “مرسول الحب” التي يعود الدكالي ليطرب بها الجمهور السعودي بعد 40 عاما من أدائها في حفلته الشهيرة بالرياض عام 1982.
وأطرب عميد الأغنية المغربية، أيضا، جمهور المهرجان بباقة من ريبرتواره الفني الغني من بينها “ما أنا إلا بشر” و”لهلا يزيد اكثر” و”الثلث الخالي” و”عيني ميزاني” و”كان يا ما كان” و”الله حي”…
وعبر الدكالي عن سعادته بالدعوة التي حظي بها من طرف المهرجان، معتبرا أن الجمهور هو سنده في الساحة الفنية.
خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، حقق شهرة واسعة وحاز على العديد من الجوائز والأوسمة منها الأسطوانة الذهبية عن أغنيته “ما أنا إلابشر”، والجائزة الكبرى لأول مهرجان للأغنية المغربية عام 1985 بالمحمدية عن أغنيته الشهيرة “كان يا ما كان”، ثم الجائزة الكبرى لمهرجان الأغنية المغربية بمراكش عام 1993 عن أغنية “أغار عليك”، وأيضا الجائزة الكبرى للأغنية العربية بمهرجان القاهرة سنة 1997 عن أغنيته “سوق البشرية”، كما اختير أفضل شخصية بالعالم العربي لعام 1991، في استفتاء أجرته مجلة “المجلة” التي تصدرها الشركة السعودية للأبحاث والنشر.
وتم تكريمه من طرف الفاتيكان في مناسبتين، آخرها سنة 2011 ، حيث كرمه بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر بمنحه دكتوراه فخرية تكريما لعطاءه ولمسيرته الفنية المليئة بالنجاحات وتقديرا لالتزامه بالقضايا الإنسانية طوال حياته الفنية، حيث غنى للسلام ولنبذ العنصرية في”مرسول الحب”، و”مونبارناس”، و”سوق البشرية”.
إنه رمز للغناء المغربي الأصيل، حمل مشعل الأغنية لسنوات عدة، عبر من خلالها عن مهاراته الكبيرة غناء وعزفا، إنه عبد الوهاب الدكالي الفنان الجاد والصارم في ظاهره، والمغامر في باطنه، كان وما يزال رمزا للطرب المغربي، بقطعه الغنائية الراسخة في ذاكرة المغاربة، لحمولتها الاجتماعية، والإنسانية.
ولد عبد الوهاب الدكالي سنة 1941 بفاس، حيث قضى جزءا من طفولته، وعندما أحس بما لديه من الإمكانيات أحب توثيقها ومشاركتها مع الجماهير، ما جعله يحترف الغناء في وقت مبكر، فسمع صوته لأول مرة بالإذاعة المغربية سنة 1957 في سن لا يتعدى 16 سنة.
ويعد عبد الوهاب الدكالي من أكثر المطربين شعبية في المغرب والعالم العربي، كما تبقى أغنيته الشهيرة “مرسول الحب”، التي قدم فيها أنماطا لحنية مختلفة ومبتكرة أسعدت الناس وأضاف إليها أيضا أداءه الذي يصعب تقليده، سببا في بزوغ نجمه بعد أن أرخت للفن المغربي ووضعت له عنوانا جميلا.
توجه في بداياته صوب العاصمة المصرية القاهرة عام 1962، ليجاور نجوم الطرب الشرقي الأصيل، عبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، ومحمد عبد الوهاب، وغيرهم، ليعود إلى المغرب بعد مرور أربع سنوات، ناحتا اسمه من ذهب على الساحة الغنائية الوطنية.
تميز عبد الوهاب الدكالي بمقاطعه الموسيقية الفريدة من نوعها، التي مزجت بين الحضارات،الأفريقية، والعربية الإسلامية، والأندلسية، والغربية، لمعايشته لهذه الحضارات ككل، كما أن مواضيع أغانيه تميزت بدلالاتها الاجتماعية والإنسانية، الأمر الذي جعلها محل استحسان الكثيرين.
كما أن عبد الوهاب الدكالي كان محل امتداح عدد من المثقفين منهم أنيس منصور، الذي قال عنه “كان الدكالي في مصر عندها دعوته إلى بيتي ودعوت، أيضا، أحد المطربين الشباب الذين أصر علي إقناعي بأن لديه لحنا جبارا، وعندما قدم الدكالي غنى الفنان الشاب أغنية (مرسول الحب) وقال له بأنها لحن جديد وجامله الدكالي طيلة الحفل، إلا انه عند عودته من القاهرة إلى فاس قام برفع دعوى قضائية لإثبات حقه في الأغنية وقام بإرسال أغنيته الأصلية لي وعندما استمعت إليها وجدتها أكثر رزانة وانسجاما مع أذني وأحببت هذا الرجل أكثر وأكثر”.
مواهب عبد الوهاب الدكالي لم تتوقف عند هذا الحد فبعيدا عن مجال الغناء، يعتبر عبدالوهاب فنانا تشكيليا مرموقا، و هو ما شاهده الجمهور المغربي مع أول معرض له رفقة الفنان التشكيلي الراحل عبد اللطيف الزين سنة 1987، كما خاض الدكالي تجربة السينما من خلال العديد من الأفلام من أبرزها “الضوء الأخضر” و”أين تخبئون الشمس” و”الصمت في اتجاه الممنوع” لعبد الله المصباحي، و”رمال من ذهب” للراحل يوسف شاهين، و”أيام شهرزاد الجميلة” لمصطفى الدرقاوي.