أحمد سيجلماسي
عن سن يقارب الثمانين سنة، وبعد صراع مرير مع المرض، توفي يوم الأحد 22 شتنبر 2019 الفنان المسرحي والسينمائي المتعدد الاهتمامات أحمد الصعري (1940- 2019).
ومعلوم أن هذا الفنان الشعبي الشامل قد سجل حضوره على واجهات فنية عدة منذ استقلال المغرب سنة 1956 إلى أن أقعده المرض عن الحركة.
كانت البداية من المسرح أب الفنون عندما شارك سنة 1956 كمتدرب في أنشطة فرقة التمثيل المغربي (فرقة المعمورة لاحقا)، التي التحق بها، إلى جانب الرواد الراحلين الطيب الصديقي وأحمد الطيب العلج ومحمد سعيد عفيفي وعبد الصمد الكنفاوي ومحمد الحبشي وغيرهم. كما التحق بعد ذلك بفرقة الطيب الصديقي، وانطلاقا من سنة 1965 أصبح أستاذا لفنون المسرح (التعبير الجسدي، حركات العيون، التعبير عبر قسمات الوجه، ضبط الحركات، الإلقاء والوقوف والتحرك على الركح…)، بالمعهد البلدي للموسيقى والمسرح والرقص بالدار البيضاء، حيث تخرج على يديه العديد من نجوم المسرح والكوميديا من قبيل الحسين بنياز (باز) وميلود الحبيشي والثنائي سعد الله عزيز وخديجة أسد وغيرهم، وكانت له أفضال كثيرة على فنانين في مجالات المسرح والسينما والتلفزيون والغناء والتشكيل.
الراحل الصعري، الذي سبق له أن اشتغل معلما، راكم خبرة محترمة على امتداد عقود من العمل الفني سواء كممثل أو إداري مسرحي أو منظم للمهرجانات والحفلات، حيث صال وجال داخل المغرب وخارجه واستعان بخبرته العديدون، وقد عرف كذاكرة حية متنقلة تزخر بالمعطيات المرتبطة بالفنانين المغاربة، الشيء الذي جعل الكثيرين يطلبون خدماته المتنوعة بمقابل أو بدونه.
وقد عرف عن الراحل ديناميكيته ومواعيده المحددة وسرعته في إنجار المهام وتنقله بين المدرسة والمعهد والمسرح البلدي، حيث كان يعمل كإداري وكعقل مبرمج ومنظم لجل أنشطته، إلى جانب مديره الطيب الصديقي وآخرين.
كان قلبه متسعا لجميع الفنانين، سواء بمكتبه بالمسرح البلدي قبل هدمه سنة 1984 أو بقاعة الأفراح، وكان بمثابة قنطرة مرور إلى عوالم الفن المختلفة للكثيرين منهم، يقترحهم لأعمال فنية أوسهرات أومهرجانات ويساعدهم في عمليات الاتصال بهذا المبدع أو ذاك..
بالإضافة إلى الأدوار التي شخصها في المسرح والسينما والتلفزيون اشتغل الصعري مساعدا في الإنتاج واختيار الممثلين والممثلات (الكاستينغ)، كما ساهم في تأسيس نقابة المسرحيين (النقابة الوطنية لمحترفي المسرح) وتعاضدية الفنانين وناضل في صفوفهما لمدة طويلة.
لقد عاش الراحل أحمد الصعري، الذي حظي بمجموعة من التكريمات قيد حياته، عفيفا ومات عفيفا لأنه كان يفضل الآخرين على نفسه.