“المونودراما” لا تحتمل أنصاف ممثلين فإما أن تكون متميزا أو تسقط في الرتابة وتفشل
بيت الفن
على مدار سنوات وقبل تخرجها من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط عام 2006 ممثلة وأستاذة التعليم الفني، ظلت نزهة عبروق الممثلة (الحرباء) تراكم تجارب فنية متنوعة بالساحة الفنية. فبكثير من الاشتغال والاجتهاد والبحث والتعمق في الدراسة تمكنت من الحصول على شهادة الماستر المتخصص في الدراسات المسرحية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية المحمدية، وسجلت نفسها مباشرة بعد ذلك في سلك الدكتوراه مسلك المسرح وفنون العرض بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن طفيل بالقنيطرة.
ومن خطوة فنية إلى أخرى مرورا بتجارب عديدة في المسرح بكل حساسياته الكوميدية (الفودفيل والتجريب والمونودراما) توجت تجاربها المتنوعة بمسرحية “الناس اللي الفوق” التي اقتبسها الفنان خالد ديدان عن مسرحية “خطبة لاذعة ضد رجل جالس” للأديب غابرييل غارسيا ماركيز، وأخرجها الفنان عبد الله ديدان .
وكانت الانطلاقة الفعلية من التخرج الى شتى المسارح الوطنية بـ”النواعري”، “طايطوشا”، “خايف البحر ليرحل” مع الفنان المخرج حفيظ البدري. وتواصلت المسيرة بـ”الهياتة” و”فكها يا من وحلتيها” مع فرقة مسرح الحال للمخرج والفنان عبد الكبير الركاكنة. ومسرحية “عيوط الشاوية” مع فرقة المسرح المفتوح للمخرج عبد المجيد فنيش. ومسرحية “نسيان” مع الفرقة نفسها لكن هذه المرة مع المخرج مسعود بوحسين.
وتنوعت تجارب نزهة ما بين الأعمال الدرامية والسينمائية المتنوعة، حيث شاركت في الفيلم السينمائي “بيل أوفاص” للمخرج حميد زيان، والأفلام التلفزيونية “باب الثوبة” لمصطفى فاكر، و”الرقاص” و”بيت من زجاج” للمخرج عز العرب العلوي، و”ضايعين في أكادير” للمخرج ياسين فنان، ومسلسل “شوك السدرة” للمخرج شفيق السحيمي، ومسلسلين تاريخيين عربيين هما “المرابطون والأندلس” للمخرج ناجي طعمة و”ملوك الطوائف” للمخرج حاتم علي.
عن تجربتها في المسرح الفردي أو “المنودراما” تقول نزهة عبروق، إن الممثل المسرحي الذي يجسد الشخصية المونودرامية، يجب أن يمتلك ميزات خاصة، قد لا تحتاجها المسرحيات متعدد الشخصيات، فهو ممثل من نوع خاص، يملك أدواته الخاصة، فالممثل المسرحي هو الوسيط بين النص وبين الجمهور، وهو الذي يحمل دلالات النص ورسالته، والممثل في المونودراما هو البطل الواحد، وهو وحده الذي يحمل عبء المسرحية، فهو الذي يسرد حكايتها، وهو الذي يواجه الصراعات وصولا إلى الذروة المفترضة في المسرح، وحده من يواجه التحدي في مواجهته للجمهور، ووحده من يوصل رسالة المسرحية للجمهور عبر (الكلام/ الإيماءة/ الإشارة/ حركة الجسد/ الصمت/ الانفعال الداخلي.. إلخ)، هذه المسؤولية تحتاج لممثل يملك قدرات أدائية عالية، وقدرة على ضبط إيقاع العرض، فالمونودراما لا تحتمل أنصاف ممثلين، فإما أن تكون ممثلا متميزا، أو يسقط العرض في الرتابة ويفشل.
وبشهادة النقاد وبعض ما كتب عنها خلال تتويجها في قرطاج، فإن “نزهة عبروق أثبتت من مونودراما (كلام الجوف) أنها ممثلة بإمكانيات مذهلة ولها قدرة على لعب أكثر الأدوار صعوبة وأنها من طينة الكبار، بل إنها أصبحت، حاليا، من أهم الأسماء النسائية التي تتفرد بتميز كبير على مستوى المونودراما النسائية بالمغرب…إن نزهة عبروق ليست ممثلة متمكنة ومتميزة، وحسب، بل إنها تتسم بعمقها الإنساني وامتلاكها للحس الاحترافي والأخلاقي وهو ما جعل منها ممثلة محبوبة وإنسانة نبيلة بسلوكها على الخشبة وفي الحياة”.
عن توجهها إلى المنودراما تقول نزهة إنها بعد تأسيسها لفرقة مسرح “فلامونداغ” سنة 2014، لاحظت أن الساحة المسرحية المغربية تحتاج إلى حراك حقيقي على مستوى المونودراما النسائية. فعملت على تحقيق توازن فني في هذا النوع المسرحي بإنتاج مجموعة من الأعمال المونودرامية كان من أهمها “السبعيام” إخراج الفنان النعمان الهليلي واقتباس وتشخيص الممثلة سكينة عبروق، تم تأتي “حكاية امرأة غير عادية” تأليف وإخراج الفنان سعيد غزالة وهي تجربة حققت انتشارا واسعا وإقبالا جماهيريا، ولفتت أنظار النقاد والإعلاميون إلى نزهة عبروق الممثلة التي تميزت بأداء كبير ومدهش.
تجربتها الحالية مع الدراماتورج والمخرج عبده جلال، مونودراما “كلام الجوف” التي توجت بالجائزة البرونزية من مهرجان قرطاج الدولي للمونودراما بتونس ماي 2018، وهي التجربة التي خلقت الحدث بعرضها في مجموعة من المسارح المغربية، وواصلت من خلالها نزهة عبروق تميزها كممثلة وكرئيسة لفرقة فلامونداغ.
يشار إلى أن عبروق استطاعت أن تخلق لنفسها مساحة مهمة في مجال التعليم الفني كأستاذة لمادة المسرح منذ سنة 2009، وتميزت أكثر بحصولها على الجائزة الكبرى للفرانكفونية مرتين سنة 2013 و2015 على صعيد جهة الرباط مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين.