فاس: أحمد سيجلماسي
بتعاون مع الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، نظم المعهد الفرنسي بفاس، أخيرا، بقاعة سينما بوجلود التاريخية، النسخة التاسعة من تظاهرة “لقاءات سينما بوجلود”، حفاظا على هذه القاعة التاريخية التي تشكل ذاكرة فرجوية لساكنة مدينة فاس العتيقة وتنشيطا لها، من خلال عرض ومناقشة عينة منتقاة من الأفلام المغربية الجميلة بحضور مخرجيها، في انتظار الالتفات إليها من طرف السلطات المحلية والمجالس المنتخبة وغيرها من مؤسسات المدينة الغيورة على الثقافة والفنون من أجل ترميمها وإصلاحها والعودة بها إلى ما كانت عليه في ماضيها المجيد.
استضاف الموعد الجديد من “لقاءات سينما بوجلود” المخرج إدريس المريني وفيلمه “عايدة” بحضور الروائي وكاتب السيناريو عبد الإله الحمدوشي.
وبعد تقديم الضيفين وفيلمهما من طرف السنفيليين إبراهيم زرقاني (ممثلا للمعهد الفرنسي بفاس) وبوشتى المشروح (ممثلا لجامعة الأندية السينمائية ومنسقا بينها وبين المعهد المذكور) وأحمد سيجلماسي (منشط جلسة مناقشة الفيلم) والاستماع إلى كلماتهما بالمناسبة تم عرض الفيلم أمام جمهور نوعي أغلبه من المثقفين والفنانين والجمعويين والطلبة والمهتمين .
بعد العرض مباشرة فتح نقاش مثمر بين الجمهور ومخرج الفيلم وكاتب سيناريوه أثيرت فيه العديد من الأسئلة المرتبطة بمضمونه وجوانبه الفنية والتقنية حيث تم التركيز على التشخيص وإدارة الممثلين والتصوير وفضاءاته والإنارة والمقاطع الموسيقية والغنائية الموظفة في الفيلم وغير ذلك.
وقد أشادت العديد من التدخلات بالتكامل الحاصل بين مكونات الفيلم المختلفة وبنجاح المخرج ومن معه في الطاقمين الفني والتقني في إبداع عمل مشرف للفيلموغرافيا السينمائية المغربية وممتع بصريا وسمعيا، وقد اعتبره البعض نوعا من الاحتفاء بتراثنا الموسيقي والغنائي العريق والمتنوع.
لقد استطاع المخرج المريني من خلال فيلمه، أن يرتب الأحداث لهذا العمل الإبداعي ونسجها وفق إيقاع درامي لا يخلو من إثارة وتشويق بقيمة فنية عالية.
ووظف المريني في عمله تقنيات السينما العالمية باحترافية، أبانت عن رؤية مخرج متمرس على الكاميرا والتصوير ومطوع للبناء الدرامي، بعد أن راكم تجربة كبيرة امتدت لعقود في التلفزيون المغربي تراوحت بين الأفلام التلفزيونية والوثائقية والبرامج الفنية والثقافية.
فليم “عايدة ” يحكي قصة يهودية مغربية تعيش وتعمل أستاذة جامعية في باريس، بعد إصابتها بمرض السرطان وجدت نفسها في وحدة قاسية ببلد عاشت فيه منذ طفولتها إذ اختارت الأسرة الهجرة، دون الدخول في الأسباب والدوافع لهذه الهجرة بل التركيز على عايدة كحالة إنسانية في حاجة إلى دفئ ولملمة جروحها ودعم لم تجده إلا في حضن بلدها.
أعاد الرجوع إلى المغرب، لعايدة المهددة بالموت، الأمل في العيش وأحيى فيها تلك المشاعر التي رغم البعد وتغير الزمان لم تتغير، أحيته روائح البلاد وألوانها، وذكريات الماضي، في الحي القديم وأصدقاء الطفولة وبيت الأسرة والموسيقى التي أحبتها.