إيرادات الفيلم الخام لم تتجاوز خلال كامل أسبوع العرض، مع تعدد القاعات مبلغ 5566 درهم مغربي…
هشام الودغيري
أفادت عدة نشرات إلكترونية وإشهارية مكثفة خبر دبلجة الشريط المغربي “أنا ماشي أنا” لمخرجه هشام الجباري إلى العامية المصرية تحت عنوان “أنا مُشْ أنا”، وكانت الإفادة بكونِه يُعَدُّ العمل المغربي الأول الذي يُتَرجم إلى لغة أرض الكنانة، الأمر المُغالط للتاريخ وفيه إقصاء لتجربة المخرج والمنتج المغربي الراحل عبد الله المصباحي (أنتج وأخرج فيلم “سأكتب إسمك على الرمال” سنة 1978، وكان بالعامية المصرية وبطاقم تمثيل مغربي/مصري، على رأسه المغنية المغربية سميرة سعيد والممثل المصري عزت العلايلي، وعرض الشريط في أكثر من عشرة دور سينمائية مصرية كبرى، في كل من القاهرة والإسكندرية وبور سعيد وغيرها).
ثم حصد “أنا مُشْ أنا” موجة انتقادات لاذعة من بعض الصحف المصرية مُستهجنة عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي العريق، ولو على هامش فعالياته، كان أقواها ما كتب الناقد المصري المعروف طارق الشناوي (أنظر صورة لعنوان مقاله).
ما أثارني شخصيا، هو المجازفة الغير مدروسة بالمرة من طرف الشركة المغربية مُنتجة الشريط سبيكطوب Spectop، التي لم تُعِر لحسبان التجارب السابقة سينمائيا ومسرحيا أيتها دراسة، ولا الحالية عبر تجارب الفيديو كليب المغربي بفضائيات العالم العربي، ناهيك عن إغفال دراسة الجدوى المالية لعملية توزيع الشريط، خاصة مسألة تسويق منتوج بمصر وعملتها في الحضيض الأسفل مقابل صرف سعر الدولار (1 دولار = 50 جنيه مصري).
هذا بغض النظر عن صعوبة اقتحام السوق المصرية فنيا وسينمائيا، أمام تدني مستوى مداخيل الأفلام المصرية حاليا وفتور مستواها الفني، مع تَقَلُّص خطير للقدرة الشرائية للمواطن المصري، بفعل تضخم اقتصاد بلده (ولو بالاعتماد على العلاقات الخليجية، وعلى مجموعة قاعات “رونيسانس” Renaissance Cinemas ونفوذ مالكاتها الفنانة والمنتجة الإعلامية إسعاد يونس.
ولن أدخل في تفاصيل تَفَاهة المنتوج، ولا هَزَالة الترجمة إلى العامية المصرية صاحبة النكتة الذكية والقفشات المرحة في قالب الحدوثة المصرية بامتياز.
الحاصل من عملية “أنا مُشْ أنا” هي بهرجة التسويق الإعلامي والتجاري لشريط فنكوشي، بفتوحات مصرية لشركة الإنتاج المغربية سبيكتوب Spectop، أتت بحصاد جد مخجل إلى درجة إفلاس العملية جملة وتفصيلا (لا تغطي حتى تكلفة عزومة طاقم الشريط على مأدبة عشاء في مطعم محترم)، بدليل حصول الشريط على رقم إيرادات خلال أسبوع عرضه بقاعات “رونيسانس”، بكل من القاهرة والإسكندرية وغيرهما، لم يتجاوز 28000 جنيه (ثمانية وعشرون ألف جنيه مصري)، مما أدى تبعا إلى سحب توزيعه بعد أسبوع عرض واحد ووحيد.
وبحساب سعر صرف الجنيه المصري إلى الدرهم المغربي (حاليا ووقت عرض الشريط)، سنجد أن إيرادات الفيلم الخام لم تتعدى خلال كامل أسبوع العرض، مع تعدد القاعات، مبلغ 5566 درهم مغربي (انظر الصورة المرفقة).
وفي انتظار أرقام “المركز السينمائي المغربي” الرسمية بخصوص إيرادات الشريط (رُوِّجَ إعلاميا بالمغرب على كون الشريط حصل على أعلى الإيرادات بشبابيك التذاكر في المغرب، دون تقديم أرقام ومصادرها)، وجب التنبيه لإستنتاج الدروس من هذه العملية الفنكوشية، ولتعميم الفائدة بين المهنيين، لكي لا تنطلي المغالطات التسويقية عليهم وعلى الجمهور المغربي، ولكي تُستخلص العِبَر من التاريخ ومن استشارة أهل الخبرة، لتفادي تحطيم ما تُأسِّسُ له الصناعة السينمائية المغربية حاليا، خاصة كتمثيلية مهنية مغربية (على متوسطيتها) بالمهرجانات الدولية العريقة.