يعتبر اسم لاسلو كراسناهوركاي جديدا بعض الشيء على القارئ العربي رغم مكانته الأدبية الراسخة عالميا وأعماله كسيناريست محترف قدم للسينما روائع كبيرة بالاشتراك مع مواطنه المجري بيلا تار…
بيت الفن
ضمن فعاليات “حوارات فورمنتور الأدبية”، التي جرى تنظيمها خلال الفترة ما بين 26 و29 شتنبر 2204 بمراكش، تسلم الروائي المجري المرموق لاسلو كراسنا هوركاي، جائزة “فورمنتور” العالمية للأدب برسم سنة 2024.
وتم تتويج الروائي لاسلو، المعروف بالعديد من النصوص الشهيرة في مجال الديستوبيا (أدب المدينة الفاسدة)، بهذه الجائزة في حفل أدبي رسمي، أقامته مؤسسة “فورمنتور” الثقافية الإسبانية، بالمدينة الحمراء، نظرا لقدرته القوية على سرد الواقع المعقد وكشفه تحولاته بلغة عميقة، وغوصه في عوالم النفس البشرية من خلال بناء لغوي وجمالي رائع يغرق القارئ في متاهات الخيال الأدبي المبدع.
وتأتي هذه التظاهرة المحتفية بالأديب المجري بعدما أعلنت المؤسسة، منتصف مارس الماضي في طنجة، عن قرارها منح الجائزة للاسلو كراسنا هوركاي، “الذي تمتاز أعماله بأسلوب تأملي ودقيق في وصف مشاهد الحياة، واستكشافه لمشاعر الإنسان الداخلية”.
واعتبرت لجنة تحكيم الجائزة أن الكاتب لاسلو كراسنا هوركاي، مستعينا بسلطته الأدبية، يوقظ في القراء شعلة المطالعة العميقة، ويجدد تقاليد الأدب الأوروبي المعاصر.
وطيلة مساره الأدبي، حاز الكاتب لاسلو كراسناهوركاي، الذي ولد سنة 1954 بالمجر، العديد من الجوائز الوطنية، بالإضافة لجائزة بوكر الدولية. ومن بين أعماله الشهيرة “كآبة المقاومة” (1989)، و”تانغو الخراب” (1985)، و”الحرب والحرب” (1999).
لم يكن الروائي المجري لاسلو كراسناهوركاي يريد أن يصبح كاتبا، لكن نداء شعريا جاءه عبر الأزمان من الشاعر الألماني راينر ماريا ريكله، همس في وجدانه عبر إحدى قصائده أن “غير حياتك” فكتب أولى رواياته.
يعتبر اسم لاسلو كراسناهوركاي جديدا بعض الشيء على القارئ العربي، رغم مكانته الأدبية الراسخة عالميا، وأعماله كسيناريست محترف قدم للسينما روائع كبيرة، بالاشتراك مع مواطنه المجري بيلا تار، أبرزها “تانغو الشيطان”، عن روايته “تانغو الخراب”، و”تناغمات فيركمايستير”، عن روايته “كآبة المقاومة”.
ولد لاسلو في 5 يناير 1954 في مدينة جيولا في المجر، قبل عامين من دخول القوات السوفياتية إلى بودابست. درس الحقوق واللغة المجرية وآدابها، وبعد تخرجه عمل صحافيا وناقدا أدبيا لفترة قبل مغادرته المجر عام 1987، ليقيم في برلين الغربية لفترات طويلة. كما تنقل بين عدة دول، منها منغوليا والصين واليابان، وأمريكا واليونان وإسبانيا، قبل عودته أخيرا للاستقرار في بلده. وقد تأثرت نشأة لاسلو بفترة الاضطرابات السياسية والاجتماعية التي عصفت بأوروبا الشرقية، وفترة الحكم الشيوعي، ثم انهيار الشيوعية، وقد تجلى هذا بشدة في كتاباته.
تتميز كتابات كراسناهوركاي بفقرات تمتد لصفحات، ذات جمل طويلة متدفقة، فيما يشبه أسلوب الفرنسي مارسيل بروست. وتوظيفه للتكرار، ولمفرادت ولغة وتراكيب وجمل اعتراضية مربكة، بعض الشيء. إضافة إلى خلو جملِهِ من علامات الترقيم التقليدية. جمله الطويلة المتعرجة تخلق تحديا إما أن يجذب القارئ أو ينفره.
رواياته ذات بنية متاهية بعض الشيء، وللعمل أكثر من قراءة. رمزية سياسية، واجتماعية، ونفسية، وطبعا فلسفية. ما يصَعب عملية القراءة، خاصة في ضوء الطبيعة القاسية لموضوعاته وشخصياته المركبة. من هنا، فإن أعمال لاسلو ليست يسيرة القراءة. متطلبة لتفاعل القارئ وليس استسلامه، وللكثير من الصبر والتركيز وإعمال الفكر، للخروج بأكبر قدر من التشويق والمتعة. وقد جرت مقارنة أدب كرسناهوركاي وعوالمه وأسلوبه بكتاب أوروبيين آخرين مثل فرانز كافكا، وصامويل بيكيت.
يشار إلى أن جائزة “فورمينتور” العالمية للأدب تأسست سنة 1961، من قبل مجموعة من الناشرين الأوروبيين (الإسباني كارلوس بارال، الإيطالي خوليو إيناودي، الفرنسي كلود غاليمار، الألماني أرنست روهولت)، واستوحت اسمها من بلدة فورمينتور الواقعة في جزيرة مايوركا الإسبانية والتي اشتهرت بتجمعاتها الأدبية. وتصل قيمتها المالية إلى أكثر من 50 ألف أورو، وتمنح لكاتب واحد من أوروبا سنويا.