سنقاتل في الظل والشمس قتالا قانونيا حقيقيا يحترم روح الدستور المغربي وقيم الوطن والمواطنة الحقة وخصوصية الفن ومستقبل السينما كفن سام حر لا يتصالح ابدا مع حد السكين…
عبد الإله الجوهري
أتأكد يوما بعد يوم، أن العديد من السينمائيين، ومعهم الكثير من النقاد المغاربة يعيشون على هامش ما يقع في المغرب سينمائيا، جل هؤلاء يقرأ الواقع من موقع جد سطحي بمتابعات همها رصد الزلات والهنات ولا تبحث البتة عن الحقائق والوقائع التي تحصل يوميا ويعاني منها بعض المهمومين بحب السينما والوطن. نعم لا يقرؤون الواقع السينمائي من جهة القوانين والتغييرات الحاصلة، والتي ستحصل، بل همهم الأوحد محاسبة السينمائيين والسينما المغربية من ثقب الكم والكيف والمزايدة على اجتماعات ولقاءات الغرف التي تحاول من مواقعها ايجاد حلول لقوانين جديدة صيغت على نار هادئة، سيكون لها تأثير على الصناعة السينمائية بالمغرب لعشرين سنة القادمة، على الأقل، لكن لا أحد من هؤلاء الجهابذة، جهابذة الرصد وتصيد الهفوات حاول فهم ما يحدث، والتصدي لهذه القوانين بالقراءة والفهم والتحليل، الا من رحم ربك، بل لم أسمع صوتا واحدا من سادة الفايس وتدبيج السطور كيفما اتفق، يعطينا موقفا حقيقيا سواء يالإيجاب أو السلب، والسبب بكل بساطة أنهم لم يقرؤوا هذا القانون اصلا، فبالأحرى فهمه ونقده وتتبع خلفياته المتحكمة في وجوده. وعندما نعطي، نحن، موقفنا؛ أفرادا أو غرفا ينبري من يتهكم ويتأسف لوجودنا ووجود الغرف ما دام ليس هناك سينما مغربية أصلا، هذا دون التهكم أو التأسف من وجود نقد مغربي ما دامت السينما غير موجودة…
البارحة ندد بعضهم بإقدام الرقابة على حذف لقطة أصابع الرجلين في فيلم فرنسي يشارك ضمن فعاليات مهرجان سلا الدولي لسينما المرأة، لكن جل هؤلاء لا يعلم أن حذف اللقطة مجرد بداية أولى لتطبيق هذا القانون العجيب الذي يتضمن فصولا جد غريبة سترهن قيم الحرية والإبداع، فصولا عديدة عارضتها شخصيا، ولازلت وسأظل أعارضها، وبسببها عانيت ولا زلت أعاني الكثير من الويلات، ويلات افرحت بعض هؤلاء الأفراد الجهابذة، الذين ينددون اليوم بما وقع ويقع من خنق لحرية الإبداع ببلدنا، نعم أفرحتهم البارحة من باب النكاية في شخصي وانا احارب الطواحين الهوائية، قبل الانتقال اليوم للنكاية ومهاجمة أفرادا بعينهم، ومعهم غرف وهيئات، وليس مهاجمة الوحش الذي يتشكل ويكبر في صمت، وحش سينفث لا محالة ناره بكل قسوة، وسيحرق كل المكتسبات التي ناضل من أجلها السينمائيون المغاربة منذ سنوات طويلة. ولن ينفعهم الندم حينها، بل سيبحثون عمن يحملونه مسؤولية ما وقع وحدث، ولن تكون طبعا سوى الغرف المتهمة اليوم، وتحويلها الى مشاجب يعلق عليها سوء الفهم والجهل بالواقع ومعرفة معنى الصناعة السينمائية بالمغرب.
اكتبوا ما شئتم، أي انتقدوا بكل أريحية، وهاجموا الغرف والهيئات الوطنية، لكن لا تتباكوا غدا إن طال سيف الرقابة فيلما أو نصا من النصوص المكتوبة للسينما، او تم خنق مخرج او منتج او موزع او مستغل لقاعة.
انتقدوا يا سادة وأنتم جالسون بكل هدوء وثقة في النفس وراء حواسيبكم، أما نحن ومن كان غارقا في الفهم، فسنحاول النضال من مواقعنا، مهما حدث أو سيحدث لنا.
“من أبلغ الردود في التاريخ رد الإسبارطيين على الذين قالوا بأن جحافل الفرس تحجب الشمس:- سنقاتل في الظل…”.
أما نحن فنقول: سنقاتل في الظل والشمس، قتالا قانونيا حقيقيا يحترم روح الدستور المغربي، وقيم الوطن والمواطنة الحقة، وخصوصية الفن ومستقبل السينما كفن سام حر لا يتصالح أبدا مع حد السكين.