صمت الكمنجات دراما موسيقية تبرز اهتمام سعد الشرايبي البالغ بالذاكرة وحوار الأجيال…
عبر تناول فن الملحون المدرج أخيرا في قائمة اليونيسكو يواصل الشرايبي التزامه سينمائيا بالقضايا الثقافية والإنسانية…
بيت الفن
ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة (11-18 ماي 2024)، قدم المخرج سعد الشرايبي، يوم الأربعاء 15 ماي 2024، العرض الدولي الأول لفيلمه الجديد «صمت الكمنجات»، وهو شريط روائي طويل يرتكز على فن الملحون كتراث مغربي أصيل، ينبغي الحفاظ عليه، وضمان استمراريته عبر وصوله إلى الأجيال القادمة.
الفيلم دراما موسيقية تعكس اهتمام سعد الشرايبي بالذاكرة، أحداثها تدور بين جد وحفيدته من ابنته، يتقاسمان شغف الموسيقى والعزف على آلة الكمان.
الجد (عز العرب الكغاط) شيخ من شيوخ الملحون، يحفظ الكثير من القصائد، ويقود جوقا من الموسيقيين الشباب، من أجل تحقيق حلم الحفاظ على هذا الفن التراثي وتوريثه للجيل الجديد، قبل توديع الحياة، خصوصا أنه لم ينجب ولدا ذكرا يكمل المسيرة بعده.
أمام هذه المخاوف، يعلق الجد كل آماله على (مريم البوعزاوي) حفيدته من ابنته (خلود البطيوي)، عبر رعايتها وتشجيعها على تعلم الموسيقى، رغم معارضة والدها (عادل أبا تراب)، الذي يصر على أن الموسيقى ستعيقها عن إكمال دراستها.
ورغم ميول الحفيدة للموسيقى الكلاسيكية الغربية، التي تدرسها بالمعهد الموسيقي، إلا أن العلاقة المتميزة التي تجمعها بجدها ستساهم في مد جسر متين بينها بين الجد (المثل الأعلى) وتحملها إلى عالم الملحون، الذي تنجح من خلاله في تحقيق حلمها بالفوز بجائزة دولية في الموسيقى.
من خلال هذا الفيلم، الذي كتبه الشرايبي، خلال فترة الحجر الصحي التي فرضتها جائحة كورونا ومنحتنا فرصة إعادة اكتشاف ذواتنا وأثارت انتباهنا إلى أشياء كثيرة من حولنا، يواصل المخرج، عبر تناول موضوع فن الملحون المدرج، أخيرا، في قائمة التراث الثقافي اللامادي لمنظمة اليونيسكو، التزامه سينمائيا بالقضايا الثقافية والإنسانية، التي تشغل بال المثقف المغربي، ومواكبة الواقع الاجتماعي والثقافي والتحولات التي يمر بها المغرب.
وأكد الشرايبي أنه أعاد اكتشاف هذا التراث الفني المغربي الأصيل، خلال فترة الحجر الصحي، ثم قرر تعميق البحث بمساعدة موسيقيين متخصصين وأساتذة باحثين في الموسيقى، خصوصا الملحون، لتناول الموضوع سينمائيا.
كما شدد الشرايبي على أن اهتمامه البالغ بالذاكرة وضرورة توثيقها سينمائيا لمد جسور التواصل مع الأجيال القادمة، كان من بين الدوافع التي جعلته يركز على هذا التراث الثقافي اللامادي.
ومثلما ركز الفيلم على ضرورة الحفاظ على فن الملحون وضمان استمراريته عبر وصوله إلى الأجيال القادمة، فإن سعد الشرايبي حرص على تقديم وجوه شابة جديدة للشاشة الكبيرة، من خلال إسناد دور البطولة لموهبة لم يسبق لها الوقوف أمام الكاميرا قط، ويتعلق الأمر بالفنانة مريم البوعزاوي، التي تدرس الموسيقى بمعهد بني ملال، وكذلك إلياس عامل، وأمينة الشفشاوني، اللذين تعرف عليهما المشاهد المغربي عبر التلفزيون الأول في مسلسل “كاينة ظروف”، والثانية في “بنات العساس” .
وفي هذا الصدد يقول الشرايبي، كان من الضروري العثور على فتاة شابة تجيد العزف على الكمان وولديها ميول للتمثيل أيضا، وبعد عملية بحث مضنية، وجدنا طالبة شابة في المعهد الموسيقي لمدينة بني ملال متفوقة في عزف الكمان، ولديها في الوقت نفسه القدرة على أداء دور معقد. كما عملنا على اختيار شباب من سنها لأداء الأدوار المساندة، والتي تتقاطع مصائرها مع مصير الشخصية المحورية.

بالإضافة إلى «صمت الكمنجات» (2024) لسعد الشرايبي، يتنافس المغرب على جوائز المسابقة الرسمية للفيلم الطويل، بفيلم آخر هو «كأس المحبة» (2023) لنوفل براوي.
من جهة أخرى وضمن اللقاء الثالث من لقاءات منتصف الليل بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في نسخته الرابعة والعشرون، احتضن فضاء “الطرق الأربعة”، اللقاء السينمائي الثالث من لقاءات ما بعد منتصف الليل، الذي تمحور حول الكتاب الجديد للمخرج سعد الشرايبي، الصادر بالفرنسية في مطلع السنة الجارية بعنوان “شذرات من مشاهد” في 304 صفحات من الحجم الكبير، وقدمه الناقد أحمد سيجلماسي وسط حضور واسع من السينفيليين والنقاد والفنانين والصحافيين وضيوف المهرجان.
الكتاب عبارة عن رواية مكتوبة بطريقة بصرية يستعرض من خلالها الراوي مجموعة من الوقائع والأحداث التي عاشها بطل الرواية (على المستوى الشخصي والعائلي والمهني والثقافي والسينمائي)، كما يذكر بأهم الأحداث السياسية والتحولات الاجتماعية وغيرها التي شهدها المغرب والعالم العربي وبقية بلدان المعمور على امتداد ما يفوق ستة عقود (من خمسينيات القرن الماضي إلى الوقت الراهن).