فيلم من إنتاج كريم الدباغ وإخراج فيصل بوليفة يعكس التطور النوعي للسينما المغربية…
بيت الفن
رغم بعض الهفوات، تعكس بعض الأفلام المتنافسة على جوائز المسابقات الرسمية للدورة الـ23 للمهرجان الوطني التطور النوعي، الذي حققته السينما المغربية في السنوات الأخيرة.
من بين هذه الأفلام “المحكور ما كي بكيش” للمخرج المغربي فيصل بوليفة، الذي يتناول بجرأة طابو الدعارة والمثلية، بطريقة مختلفة عن الأفلام المغربية التي سبق أن قاربت مثل هذه الطابوهات، بطريقة فجة ومباشرة تهدف إلى الإثارة المجانية وخلق جدل جماهيري لا فني بغاية الترويج للفيلم في شباك التذاكر.
لقد كان مخرج الفيلم ذكيا بتحاشي الألفاظ النابية والجارحة وكذلك المشاهد الجنسية المباشرة، حتى لا يكون هناك أي مبرر لمنع الفيلم أو تصنيفه في خانة الأفلام المسيئة، إذ لم يشعر المشاهد بأي نظرة دونية لأبطاله، كما نجح المخرج في إدارة الممثلين بشكل جيد، خاصة البطلين عائشة التباع وعبدالله الحجوجي.
ومن مميزات الفيلم أن مخرجه لم يحاكم شخصياته، ولم يجعلها شريرة، حيث كان بمقدور الأم أن تتخلص مما في بطنها بعد معرفتها بالحمل دون زواج، لكنها رفضت وضحت بشرفها وعائلتها، لتنجب ولدها وترعاه. وكذلك سليم لم يقس على والدته رغم افتضاح سرها، لكنه سيرمي نفسه مرغما في أحضان الرذيلة.
تدور أحداث الفيلم حول فاطمة الزهراء، أم عازبة تعيش مع ابنها الوحيد سليم، الذي يبدو متعلقا بها إلى درجة، النوم في حضنها رغم بلوغه سن المراهقة.
بسبب ضيق ذات اليد تضطر الأم التي تتقدم بها السنون، للتنقل من مدينة إلى أخرى، مع ابنها سليم، الشاب اليافع، الذي لا يعرف أباه ويجهل ماضي والدته، مكتفيا بتصديق روايتها حول عملها وكفاحها من أجل تربيته.
الأم تخفي عن سليم أنه أتى إلى الدنيا نتيجة اغتصاب جماعي، كما تخفي عنه مهنتها الحقيقية (عاهرة)، التي لم تجن منها سوى المشاكل والفقر.
مع تطور الأحداث تنكشف الحقائق، تتعرض الأم لاعتداء من زبون يسلبها كل ما تملك، وتضطر للعودة إلى بيت العائلة في البادية، لكنها لا تجد الترحيب، ويفتضح سرها أمام سليم الذي يكتشف أنه مجهول الأب وليس لديه نسب.
تقرر الأم التوبة، لكن ماضيها الأسود يحول دون ذلك، لأن سليم المتعلق بها كثيرا، يحول دون زواجها من رجل فتح أمامها أبواب التوبة.
وأمام حاجته المتزايدة للمال يواصل سليم المسير في طريق مشبوه سينتهي به في السجن.
نهاية الأحداث تظل مفتوحة على كل التأويلات، إذ لم يقترح المخرج أي حلول لشخوصه، لكنه منح الأم فرصة للتصالح مع نفسها ومع المجتمع، حيث تختفي الأم في موكب عرس وهي ترقص بابتسامة أمل عريضة، بينما يختار سليم طريقا مجهولا.