خريبكة تطلق مهرجانها السينمائي بتكريم مستحق للمخرج البوركينابي دريسا توري وعرض فيلم وثائقي عن المحتفى به يطرح تساؤلات محورية حول واقع الفن السابع بإفريقا…
بيت الفن
انطلقت، مساء أول أمس السبت، فعاليات الدورة الـ 23 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، بتكريم المخرج البوركينابي دريسا توري، تقديرا لمساره الفني الطويل والغني، وعرض شريط وثائقي بعنوان “طاكسي، السينما وأنا” يستعرض مسار المحتفى به المثير للإعجاب ويسلط الضوء على واقع الفن السابع بالقارة الإفريقية وأهم المشاكل التي تحول دون تطويره.
وقال مخرج الفيلم سلام زمباليغري إنه أراد من خلال فيلمه الوثائقي “طاكسي، السينما وأنا” رد الاعتبار لمخرج كبير من طينة دريسا توري، الذي خدم السينما الإفريقية على مدى أربعين عاما، أنتج وأخرج خلالها أفلاما مهمة رغم ضعف الإمكانات، معبرا عن سعادته بتقديم الفيلم في حفل افتتاح مهرجان خريبكة السينمائي الذي اعتبره من أهم التظاهرات السينمائية التي تعنى بالسينما الإفريقية.
وأشار سلام زمباليغري إلى أن غياب التوزيع وتقلص دور العرض وضعف الدعم المحلي من أهم مشاكل السينما الإفريقية، مشددا على ضرورة التعاون جنوب جنوب من أجل سينما إفريقية مستقلة تحرر السينمائيين الأفارقة من هيمنة سينما المستعمر.
وأبرز المخرج الشاب أن الثقافة الإفريقية متفردة وثرية، ولكن الحقبة الاستعمارية أثرت سلبا على السينما الأصيلة النابعة من الجذور، مؤكدا أن الأمر اختلف حاليا، إذ أصبح السينمائيون الأفارقة يشقون طريقهم في تكوين وبناء قضايا تخاطب ثقافة الشعوب الإفريقية.
من جانبه عبر المحتفى به دريسا توري، وماهر التأثر بهذا الاحتفاء بادية على وجهه، عن سعادته بالتكريم الذي حظي به في خريبكة التي اعتبرها معقلا من معاقل السينما الإفريقية، موجها الشكر والامتنان لإدارة المهرجان ولكل من ساهم في تنظيمه.
وشهد حفل افتتاح المهرجان، الذي تنظمه مؤسسة المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، إلى غاية 13 ماي الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حضور ممثلين عن السلطات المحلية لمدينة خريبكة، ودبلوماسيين أفارقة معتمدين بالرباط، إضافة إلى فعاليات سينمائية وثقافية من مختلف الدول والإفريقية.
وتميز الحفل بتقديم فقرات موسيقية واستعراضية من البلد الضيف الكاميرون، فضلا عن تقديم لجان تحكيم المهرجان، ويتعلق الأمر بلجنة تحكيم المسابقة الرسمية للفيلم الطويل، التي سيترأسها المخرج البوركينابي ميدا ستانيلساس بيميل، ولجنة مسابقة الفيلم القصير وتترأسها الممثلة المغربية سليمة بن مومن، إلى جانب لجنتي النقد والجامعة السينمائية للأندية السينمائية “دون كيشوط”.
ويشارك المغرب في هذا المهرجان القاري، الذي يعد من أعرق وأهم التظاهرات السينمائية، بـ3 أفلام ويتعلق الأمر بـ”جلال الدين” لحسن بنجلون و”واحة المياه المتجمدة” لرؤوف الصباحي في مسابقة الفيلم الطويل، و”كوربيس” لمراد خلو في مسابقة الفيلم القصير التي تم إحداثها لأول مرة هذه السنة. كما سيشهد المهرجات تكريم الممثل المغربي البشير واكين.
وفي كلمة بالمناسبة، قال رئيس المؤسسة، الحبيب المالكي، إن هذا المهرجان يمثل “فرصة لصناع الأفلام الأفارقة للتواصل مع جماهير من مختلف البلدان، وإسماع أصواتهم وتقديم أعمالهم على المستوى الدولي”، مضيفا أن “السينما يمكن أن تكون وسيلة فعالة للتقريب بين الناس وتعزيز الحوار بينهم”.
وشدد على أن “الأفلام المقدمة خلال هذه الدورة من شأنها تحفيز الجمهور المغربي الشغوف بالسينما”، مشيرا إلى أن “أفلام الدورة الحالية تعكس التنوع اللغوي والثقافي والجغرافي لإفريقيا، وتعرف تنوعا بين الدراما والكوميديا والأفلام الوثائقية الاجتماعية”.
كما أعرب المالكي عن شكره “لكل من لم يدخر جهدا في الارتقاء بالمهرجان إلى أعلى المستويات في القارة”، في إشارة إلى أحد مؤسسيه، وهو الراحل نور الدين الصايل، معتبرا إياه “شخصية سينمائية إفريقية كبيرة كرست حياتها للرقي بالفن السابع في القارة”.
من جهته، أعرب رئيس المجلس البلدي لخريبكة، محمد الزكراني، عن سعادته بتنظيم الدورة الـ 23 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، معبرا عن شكره الجزيل لكل الفعاليات السينمائية الحاضرة في هذه التظاهرة الثقافية الإفريقية الكبرى. وأضاف أن المهرجان يشكل، كذلك، مناسبة لتعزيز قيم الانفتاح والحوار بين الثقافات، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتجديد تشبث المملكة بجذورها الإفريقية.
ويتنافس على جوائز المسابقة الرسمية للفيلم الطويل 12 فيلما من 10 بلدان إفريقية، وهي “جلال الدين” لحسن بنجلون (المغرب)، و”واحة المياه المتجمدة” لرؤوف صباحي (المغرب)، و”سيدراك” لمخرجه نارسيسواندجي (الكاميرون) و”نبات المزارعين” للمخرج دونك جون ايستين (الكاميرون)، إضافة إلى أفلام “أنا الحظ” لمخرجه مارك هنري واجنيرك (الكونغو)، و”أطياف” لمخرجه مهدي هميلي (تونس)، و”أشواك الساحل” لمخرجه بوباكارديالو (بوركينا فاسو)، و”المواطن كوامي” لمخرجه يوهي أمولي (رواندا)، و”19 ب” لمخرجه أحمد عبد الله (مصر)، و”الحفرة” للمخرجة أنجيلا وانجيكوماي (كينيا)، و”مابوتو ناكوزاندرا” لاريادينليناوزامباولو (الموزمبيق)، وفيلم “الشجاعة الزائدة” للمخرجين بيلي توري ولوران شوفاليي (غينيا).
وتتوزع جوائز المسابقة الرسمية للفيلم الطويل على “الجائزة الكبرى”، التي تحمل اسم الكاتب والمخرج السنغالي (عثمان صامبين)، و”جائزة لجنة التحكيم”، التي تحمل اسم (نور الدين الصايل)، و”جائزة الإخراج” التي تحمل اسم المخرج البوركينابي (إدريسا ويدراوكو)، و”جائزة السيناريو”، التي تحمل اسم الكاتب والناقد السينمائي المصري (سمير فريد)، و”جائزة أحسن دور نسائي”، التي تحمل اسم الممثلة المغربية (أمينة رشيد)، وكذا “جائزة أحسن دور رجالي” التي تحمل اسم الممثل المغربي (محمد بسطاوي).
وتضم لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للفيلم الطويل، التي سيترأسها المخرج البوركينابي، ميدا ستانيلساس بيميل، كلا من فايزة هنداوي (مصر)، ونوفل براوي (المغرب)، وبيدرو سيماو كلوديو (أنغولا)، وديزيري بيغرو (كوت ديفوار).
ومن مستجدات دورة هذه السنة، تنظيم المسابقة الرسمية للفيلم القصير، التي تتضمن “الجائزة الكبرى” التي تحمل اسم المنتج التونسي (نجيب عياد)، و”جائزة لجنة التحكيم” التي تحمل اسم المخرج البينيني (بولان صومانوفييرا).
ويتنافس على الجائزتين 15 فيلما قصيرا من 13 بلدا. ويتعلق الأمر بـ “كوربيس” للمخرج مراد خلو (المغرب)، و”كيبو” لعبدو لاي صوي (السنغال)، و”كوريي فيد” لمخرجه فرانسكي توهونون (بينين)، و”سخونة” لبوريس أوي (كوت ديفوار)، و”رامي” لحمدي وهبة (مصر)، و”جوا كالي” لجواش أوماندي (كينيا)، و”أوجي” لجون لوك ميتانا (رواندا)، و”دا بروكن ماسك” لمخرجه كاغو إدهيدبور (نيجيريا)، ثم فيلم “زيوا” لصاموييل تيبانديك (أوغندا).
إضافة إلى أفلام “موليكا” للمخرج ليو نيلكي (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، و”فابولا” لجيريد إلياس (تونس)، و”عزيزتي ورد” لمروة الشرقاوي (مصر)، و”إياترا” لروغابيشا كيني كسيم (رواندا)، و”تسوتسو” لأمارتي أرمار (غانا)، ثم فيلم “سوق” لكاسطون بونكونغو (بوركينا فاسو).
وتترأس لجنة تحكيم هذه المسابقة الممثلة المغربية سليمة بن مومن، إلى جانب كل من فادونوكوبو أولو سيتوندجي دميتري (بينين)، وبرزيبيل كاثرين سيلفي مونيك (فرنسا).
يذكر أن المهرجان الدولي للسينما الإفريقية، الذي ينظم بمدينة خريبكة منذ سنة 1977، ويعد من أقدم مهرجانات السينما في المغرب، يروم النهوض بالسينما والصناعة السينمائية الإفريقية، ومناقشة مواضيع تهم قطاع الفن السابع سواء بإفريقيا أو خارجها.
ويسعى هذا المهرجان، الذي يعتبر الثالث قاريا بعد مهرجاني فيسباكو (1969) وقرطاج (1966)، على مدى تاريخه الطويل، إلى ربط الجسور مع هذين المهرجانين وباقي المواعيد السينمائية الأخرى التي تعنى بالفن السابع الإفريقي.