مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يعرض باقة من الأفلام النسائية المغربية لمخرجات ومخرجين من حساسيات مختلفة…
بيت الفن
بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، اختار منظمو مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط باقة من الأفلام المغربية، التي تتمحور مواضيعها حول المرأة لعرضها في الدورة الـ28 المنظمة إلى غاية 11 مارس 2023.
ويحتفي برنامج المهرجان بالمرأة في عيدها العالمي الموافق لـ8 مارس من كل سنة بعرض فيلم “أناطو” للمخرجة فاطمة على بوبكدي، الذي تدور أحداثه حول امرأة ترفض أي شكل من أشكال الاستغلال وتبذل حياتها في سبيل الدفاع عن كل معاني الحرية والتحرر.
ومن بين هذه الأفلام النسائية التي يعرضها المهرجان فيلم “أسماك حمراء” للمخرج عبد السلام الكلاعي الذي يمثل المغرب في المسابقة الرسمية، وهو فيلم نسائي يقترح حياة ممكنة لـ3 نساء يواجهن الإقصاء والاستغلال والتهميش.
ويعرض المهرجان، أيضا، فيلم “مرجانة” للمخرج جمال السويسي، الذي يكرم المرأة الفنانة، و”أفراح صغيرة” لمخرجه محمد الشريف الطريبق ويعد بمثابة احتفاء خاص بالمرأة التطوانية، كما يتم عرض فيلم “أمهات” للمخرجة مريم بكير، وهو فيلم وثائقي حول الأمهات العازبات يسعى لتغيير العقليات داخل مجتمع ذكوري، فضلا عن فيلم “ملكات” للمخرجة ياسمين بنكيران، الذي افتتح فعاليات المهرجان.
“أناطو” فيلم مغربي يسلط الضوء على واقع المرأة الإفريقية
للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة اختار منظمو المهرجان عرض فيلم مغربي نسائي يوم 8 مارس، ويتعلق الأمر بـ”أناطو” لمخرجته فاطمة بوبكدي.
تدور أحداث الفيلم، الذي يسلط الضوء على واقع المرأة الإفريقية، حول فتاة شابة مختلطة الأعراق أصلها من جزيرة سان لويس، أمها سنغالية ووالدها فرنسي، نشأت في ظل تعايش ثقافتين مما جعلها تؤمن بأن الهوية متعددة وقبول الآخر هو شكل من أشكال تحقيق الذات رافضة بصفة مبدئية، أي شكل من أشكال الاستغلال، وهكذا سعت باستمرار إلى الدفاع المستميت عن كل معاني الحرية.
مخرجة الفيلم راهنت على أن يكون الفيلم إضافة نوعية للسينما المغربية والإفريقية، بتقديمها فكرة تمثل بالنسبة لها موقفا واضحا حول سؤال الهوية ووضعية المرأة في إفريقيا.
الفيلم من بطولة ميمونة نداي، نيسيا بنغازي، وشيماء بلعسري، وعبد الله بنسعيد، وصلاح الدين بنموسى، وسعاد خويي.
“أسماك حمراء”.. حياة أخرى ممكنة لنساء يواجهن الاستغلال والتهميش
يمثل فيلم “أسماك حمراء” للمخرج عبد السلام الكلاعي المغرب في المسابقة الرسمية للدورة الثامنة والعشرين لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط.
ويتناول فيلم “أسماء حمراء” قصة “حياة” (جليلة التلمسي) سيدة تغادر السجن بعدما قضت عقوبة طويلة، لتجد نفسها بعد عودتها إلى مسقط رأسها في مواجهة أخ (أمين الناجي) يرفضها خوفا من العار، وإبن تحاول إقناعه بأنها دخلت السجن مكرهة.
أثناء بحثها عن استقرار مؤقت تلتقي “حياة” ب”أمل” (فريدة البوعزاوي) التي تعمل في مصنع للفواكه وتتولى رعاية شقيقتها “هدى” (نسرين الراضي)، التي تعاني من إعاقة شديدة.
وتتوالى أحداث الفيلم في قالب اجتماعي يرصد شجاعة وإصرار النسوة الثلاث في مواجهة الإقصاء والاستغلال والتهميش، مقترحا حياة أخرى ممكنة لبطلاته الثلاثة.
يشار إلى أن فيلم “أسماك حمراء” (90 دقيقة)، إخراج عبد السلام الكلاعي، الذي شارك في كتابة السيناريو الخاص به رفقة محمد المويسي، وهو من بطولة جليلة التلمسي، نسرين الراضي، فريدة بوعزاوي، أمين الناجي، محمد الشوبي وآخرين.
وهو الفيلم السينمائي الطويل الثاني للكلاعي بعد الفيلم الأول “ملاك” الذي تناول قضية نسائية أيضا (الأمهات العازبات).
“مرجانة”.. احتفاء سينمائي بالمرأة الفنانة
“مرجانة” (2020) هو الفيلم الروائية الطويلة الأولى للمخرج جمال السويسي الذي يحكي في قرابة ساعة ونصف الساعة قصة مهاجرة مغربية شابة بفرنسا (مرجانة) مهووسة بفن الأوبرا، تعيش بباريس وترغب في العودة إلى مسقط رأسها طنجة، لتحقيق حلمها المتمثل في ترسيخ هذا الفن بوطنها الأم بعد إقامة حفل أوبرالي، يحيلنا على “أوبرا كارمن” المشهورة عالميا، تشخص من خلاله الدور الرئيسي إلى جانب شاب يحبها وتحبه. إلا أن هذا الحلم لم يتحقق في البداية بسبب حريق شب في مكان العرض وأودى بحياة حبيبها.
ورغم ذلك لم تستسلم مرجانة، وحاولت بكل قواها، وبدعم من أمها أستاذة الموسيقى وأبيها المؤلف الدراماتورجي وأستاذ المسرح، أن تواجه مختلف العراقيل ومن بينها نظرة المجتمع القاسية والعقليات غير المتفهمة لحملها بعد وفاة حبيبها، الذي كان على وشك الزواج بها لولا الموت الذي اختطفه مبكرا.
وينتهي الفيلم بنجاح مرجانة في تحقيق حلمها وإقامة العرض المسرحي الغنائي، لكن هذه المرة بمشاركة إبنها غالي.
وحسب الناقد أحمد سيجلمائسي فإن فيلم “مرجانة “يدخل في خانة سينما المؤلف، لأنه يحبل بالعناصر التي تحيل على ثقافة مبدعه واهتماماته وميولاته الفنية وغير ذلك من الجوانب الذاتية. يمكن اعتبار هذا الفيلم المغربي بمثابة احتفاء بالمرأة أولا وبمجموعة من الفنون كالموسيقى والرقص والغناء والمسرح والتشكيل… وفيه إشارة بمثابة تكريم لبعض رواد المسرح المغربي كالطاهر واعزيز وعبد الصمد الكنفاوي وغيرهما.
“أمهات” سعي سينمائي لتغيير العقليات داخل مجتمع ذكوري
“أمهات” (2020) فيلم للمخرجة المغربية مريم بكير، يتمحور موضوعه حول الأمهات العازبات ومعاناتهن داخل مجتمع لا يزال قانونه الجنائي (المادة 49) يدينهن بالسجن وكأنهن المسؤولات وحدهن عن حملهن الذي لا يمكن اعتباره دائما نتيجة اغتصاب وإنما هو ثمرة علاقة جنسية رضائية يتحمل تبعاتها الرجل والمرأة معا.
فمن خلال مؤسسة أم البنين بأكادير، برئاسة الجمعوية المناضلة محجوبة إدبوش، التي تستقبل عينات من الأمهات العازبات وتآزرهن نفسيا وطبيا واجتماعيا وقانونيا وتحاول التوسط بينهن وبين أفراد عائلتهن (الأب والأم أساسا)، يسعى الفيلم إلى التحسيس بضرورة إعادة النظر في البند 49 من القانون الجنائي المغربي وإلى تغيير العقليات داخل مجتمعنا الذكوري المحافظ الذي ينظر إلى المرأة بشكل عام نظرة دونية وينبذ ويدين بشكل خاص الأم العازبة معتبرا إياها بمثابة عاهرة أو مفسدة تستحق السجن.
وحسب الناقد أحمد سيجلماسي فقد نجحت مخرجة الفيلم في تسليط الأضواء على جانب من معاناة هذه الفئة المظلومة من النساء المغربيات، من خلال الغوص في حياتهن اليومية والتعريف بمساراتهن المختلفة منذ وصولهن إلى الجمعية وحتى ولادة أطفالهن وأحيانا حتى مرحلة تحقيق المصالحة مع أسرهن، مثمنة المجهودات التي تقوم بها السيدة محجوبة ومساعداتها عبر جمعية “أم البنين” التي تستقبل النساء الحوامل غير المتزوجات وتوفر لهن الحماية اللازمة.
يشار إلى أن أمهات هو الفيلم الثاني للمخرجة المغربية مريم بكير بعد فيلمها الأول “أكادير بومباي” وهو فيلم نسائي يتمحور حول “إيمان” (14 سنة) تعيش بتارودانت (المدينة العتيقة) وتعشق بجنون الأفلام الهندية، شعورها بالملل يجعلها تحلم بمدينة أكادير السياحية التي لا تبعد عن تارودانت سوى ببضع كيلومترات، وبفضل جارتها “ليلى” يتحقق الحلم وتذهب إلى أكادير، التي ستذهلها بعوالمها الليلية وسحرها الطبيعي، إلا أنها تستفيق بعد محاولة اغتصاب، تنقذها منها “ليلى” التي أقحمتها في عالم انغمست فيه عنوة بدورها لينتهي الشريط بلقطة معبرة (ليلى = إيمان) في إحالة واضحةللحق في الحلم بحياة أفضل للنساء.
“أفراح صغيرة”.. احتفاء خاص بالمرأة التطوانية
فيلم “أفراح صغيرة” لمخرجه محمد الشريف الطريبق، يحتفي بالمرأة التطوانية على وجه الخصوص، لأن مخرجه كان يحلم منذ البداية بإنجاز عمل نسائي محض، كما يحتفي بالموسيقى الأندلسية من خلال قصة تجري وقائعها في رياض عتيق بتطوان الخمسينات.
يسرد الفيلم قصة الأرملة زينب التي تضطر بعد وفاة زوجها المعيل الوحيد، لقبول دعوة زوجة أحد أعيان مدينة تطوان للإقامة معها في بيتها الكبير رفقة ابنتها (نفيسة) ذات 17 عاما، ويحدث بين هذه الأخيرة، المتطلعة إلى عش الزوجية، وحفيدة صاحبة البيت (فطومة)، المتمردة، انجذاب وعلاقة قوية، حيث تتعاهدان على أن لا تتخليا عن بعضهما، وأن تتقاسما كل شيء، لكن العلاقة تتوتر بينهما عندما تعلم (فطومة) بأن (نفيسة) تنوي الزواج، خاصة أن الأخيرة أخفت عنها خبر خطوبتها.
الإشارة إلى المثلية في “أفراح صغيرة” لم يكن بغرض البحث عن الإثارة، يقول محمد الشريف الطريبق، مؤكدا على أنه اختار طرق هذا “الطابو”، للتعبير عن درجة الحميمية بين النساء في تلك الفترة، حيث يكون الوقت الطويل الذي تقضيه هؤلاء النساء مع بعضهن سببا في نشوء هذا النوع من العلاقات.
حرص محمد الشريف الطريبق في الفيلم على أن يحكي عن شخصيات تطوانية، بلهجة محلية، على خلفية موسيقى أندلسية، حيث اختار أن تكون الموسيقى التصويرية على شكل مقاطع بالصوت والصورة، تظهر فيها فرقة موسيقية تتقدمها امرأة تغني، في إشارة دوما إلى سعي المرأة للتحرر، وإثبات مكانتها داخل هذا المجتمع المحافظ.
فيلم “أفراح صغيرة” من بطولة أنيسة العناية، وفرح الفاسي، ومها داوود، وفاما الفراح، وفاطنة الخماري وسناء الركراكي.
“ملكات” نساء يبحثن عن الحرية في حفل الافتتاح
“ملكات” فيلم مغربي نسائي 100 في المائة افتتح به مهرجان تطوان السينمائي فعالياته، وهو من إخراج ياسمين بنكيران وبطولة نسرين الراضي ونسرين بنشارة، وريحان غاران، وجليلة التلمسي.
الفيلم الذي قدمته الممثلة نسرين الراضي بحضور الطفلة ريحان غاران والمنتج سعيد حميش، “رود موفي” يرصد رحلة هروب مثيرة لسيدتين وطفلة من واقعهن البئيس، (نسرين الراضي) التي تقرر الهروب من السجن رفقة ابنتها (ريحان غاران)، المهووسة بعالم الجن وملكاته، وتجبر (نسرين بنشارة) التعيسة في حياتها الزوجية، على قيادة شاحنة للهروب من الملاحقات الأمنية. تستغرق رحلة الهروب مدة طويلة تعبر فيها بطلات الفيلم جبال الأطلس بصخورها الحمراء ووديانها الوعرة، في اتجاه مدينة الداخلة، حيث يتطلعن إلى مستقبل أفضل.
ويشارك في الفيلم إلى جانب بطلاته الرئيسيات كل من فيلم حميد نيدر وحسن بديدة والصديق مكوار وآخرين.