بيت الفن
في الوقت، الذي تدعي الحكومة وضع خطة لحماية التراث المعماري والحضاري، تتواصل عملية تدمير المعالم التاريخية لمدينة المحمدية، في صمت وتواطؤ تام يثير تساؤلات كثيرة، حول دور الجهات المسؤولة والسلطات في حماية تراث مدينة الزهور.
فبعد التدمير، الذي مس العديد من المعالم التاريخية بالمدينة، منها القصر التاريخي “البرانس” بالعالية، الذي تحول إلى مجمع سكني للفيلات (لاكولين)، جرى الإجهاز، أخيرا، على بنايتين تاريخيتين ويتعلق الأمر بـ “الكازينو” وفندق “ميرامار”.
وأعربت رئيسة جمعية “الدارالبيضاء الذاكرة” (كازا ميموار)، ربيعة الريضاوي، عن ”بالغ أسفها وتذمرها إزاء عمليات الهدم الممنهجة للتراث المعماري لمدينة المحمدية، التي راح ضحيتها هذه المرة “الكازينو” وفندق “ميرامار”، المعلمتان البارزتان للتراث الثقافي للمدينة“ .
وقالت الريضاوي، في بيان صادر باسم الجمعية، إن ”أعضاء الجمعية وكل من يناضل من أجل المحافظة على التراث الوطني تلقوا خبر هدم الكازينو وفندق ميرامار بالمحمدية بأسف عميق”، منددة بهدم هاتين البنايتين اللتين تم جردهما ضمن قائمة البنايات ذات قيمة تراثية في إطار مخطط حماية وتعزيز التراث المعماري للدار البيضاء الكبرى، الذي أشرفت عليه الوكالة الحضرية للدار البيضاء.
وذكرت أنه سبق تنبيه الجهات المعنية لعدة مرات بالأهمية الكبيرة لهاتين المعلمتين، التي قدمت الجمعية بخصوصهما طلب الإدراج في قائمة التراث الوطني لدى وزارة الثقافة سنة 2014.
وأشارت إلى أنه ”بالإضافة لخصوصيتهما المعمارية الفريدة كتراث مغربي معاصر، فإن فندق “ميرامار” و”الكازينو” يشكلان تراثا غير مادي للمدينة، وتعتبر البنايتان معلمتين متميزتين للسياحة الوطنية بكونهما استضافتا العديد من الأحداث الفنية وشهدتا أداء كبار المشاهير على الصعيدين الوطني والدولي“ .
وأوضحت أن الجمعية تهدف إلى ”لفت أنظار الرأي العام والمجتمع المدني، وتنبيه السلطات المحلية والمنتخبين والجهات المعنية والمسؤولين عن الثقافة والتعمير إلى الخسائر الجسيمة التي لحقت بذاكرة مدينة المحمدية وبتراثها المعماري بعد عمليات الهدم التي جرت بتجاهل تام للجهود المبذولة للحفاظ على التراث الوطني“.
وشيد فندق “ميرامار” سنة 1929 و”الكازينو” سنة 1933، وخضعا بعد ذلك لتوسعة في طراز حديث من قبل المهندس المعماري ألبير بلانك، الذي تنسب إليه العديد من البنايات القديمة بمدينة المحمدية.
وللإشارة فرغم التحركات التي قامت بها فعاليات من المجتمع المدني، والغيورون لوقف هذا النزيف في عدد من البنايات والمعالم التاريخية المشابهة، إلا أنها عجزت أمام مافيا العقار، التي دمرت معالم المدينة وغير وهويتها التاريخية.
والجدير بالذكر أن المدينة تأسست على يد السلطان محمد بن عبد الله عام 1750، وقد أطلق عليها اسم “فضل الله” الذي تغير إلى “فضيلة” ثم “فضالة” وفي رواية أخرى اشتهر سكان القصبة بالمحمدية بجهادهم المستميت ضد القراصنة، حيث يوصفون بأهل الفضل أو الفضلاء ومن هنا جاء اسم فضالة، الذي ظل يطلق على المدينة حتى عام 1959، ليتحول إلى المحمدية تكريما للمغفور له الملك محمد الخامس.