يقدم لأول مرة منحوتات خشبية بالأبعاد الثلاثة
صدور مجلد يختزل تجربة حميدي من الخمسينيات إلى اليوم
بيت الفن
يحتضن رواق “غاليري Galerie 38” بالدارالبيضاء، معرضا للفنان التشكيلي محمد حميدي، يضم أعمالا جرى إنجازها بين سنتي 2020 و2021 تحت عنوان “حميدي، هنا والآن” ويستمر الحدث الفني إلى 10 يناير المقبل.
وتمثل الأعمال المقدمة في هذا المعرض عصارة تجربة حميدي الفنية، كما تعتبر أول تجربة له بالأبعاد الثلاثة، حيث استعمل الصباغة والإطار/ اللوحة، منغمسا في فسحة الأبعاد الثلاثة من خلال المنحوتات الخشبية التي يعرضها لأول مرة.
وقال التشكيلي يونس خورساني، إن محمد حميدي يعتبر أحد رواد الحركة التشكيلية بالمغرب، فهو الذي أسس، رفقة باقي الرواد فريد بلكاهية ومحمد شبعة ومحمد المليحي، ما أسموه ب”حركة التشكيليين بمدرسة الفنون الجميلة بالدار البيضاء”، في سبعينيات القرن الماضي، التي لامست من خلال التشكيل مواضيع كانت تعتبر طابوهات في ذلك الوقت.
والفنان محمد حميدي كانت له الجرأة أن يناقش مواضيع كانت تدور آنذاك في فلك “العيب”، يقول خورساني، مضيفا أن “الفنان حميدي يختزل اليوم في هذا المعرض كل تجاربه التي راكمها طيلة 60 سنة من العمل التشكيلي، والتي تعتبر عصارة بالنسبة لمسيرته الفنية”.
وأكد خورساني أن حميدي يتميز بأسلوب فني خاص، يستعصي على التصنيف، ويأبى أن يحشر في زاوية المدرسة الفلانية أو غيرها. لقد كان في بداياته يقتبس مجموعة من التجارب الفنية، “وهو يعتبر حاليا من الفنانين المغاربة القلائل الذين أصبحوا مصنفين عالميا في المراجع العالمية”.
وشدد على أن اللون بالنسبة للتشكيلي حميدي هو جرأة “فكما هو جريء في طرح المواضيع التي تعتبر طابو، فهو جريء في اختيار اللون الذي يستفز المتلقي”، مشيرا إلى أن أعمال حميدي التي يحضر فيها الرجل والمرأة، تبدو للوهلة الأولى في شكل تجريدي مبسط، لكن المسألة عنده أبعد من ذلك، حيث يؤكد أن “المرأة تجسد في لوحاته الأم والإنسانة التي تهب الحياة، فأعماله تتجاوز العلاقة ما بين الجنسين وتسمو بها إلى مستوى الرقي والبعد الروحاني”.
وعلى هامش المعرض، تم تقديم مجلد لدار النشر سكيرا “SKIRA”، التي تعتبر من أكبر دور النشر في العالم الخاصة بكتب الفن، من تأليف الكاتب ميشيل كوتيي، محافظ متحف جورج بومبيدو في باريس، حيث قام رواق La Galerie 38، بشراكة مع شركة Kulture Art Média، بتوقيع اتفاقية مع دار النشر ذاتها للعمل على نشر هذا الكتاب الذي يختزل تجربة الفنان محمد حميدي ابتداء من أواخر الخمسينيات إلى اليوم.
يشار إلى أن محمد حميدي، من مواليد الدار البيضاء، حيث حصل على دبلوم مدرسة الفنون الجميلة بمسقط رأسه سنة 1958، وهو لا يزال في سن السابعة عشر. ثم تخرج سنة 1966 من مدرسة مهن الفن بباريس، قبل أن يخط له طريقا متميزا في فن التصوير الجصي (Fresque)، الذي سبر أغواره بمعهد الفنون الجميلة بالعاصمة الفرنسية، وبه تابع مشواره لعدة سنوات.
وباعتباره فنانا ملتزما، شارك حميدي في عدد من التظاهرات الكبرى. كما كانت له تجربة تعنى بـ”الاستجوابات التشكيلية” داخل مستشفى برشيد للأمراض العقلية (1981). وأشرف أيضا على تأسيس الجمعية المغربية للفنون التشكيلية، ومجموعة من المهرجانات التشكيلية في الفضاء العام في كل من أصيلة (1978) وأزمور (2005).
وتوج المسار الإبداعي لحميدي، بدخوله إلى مجاميع عمومية رفيعة دولية ووطنية، أهمها المتحف الوطني للفن الحديث، ومركز بومبيدو (باريس)، ومؤسسة دلول للفن (بيروت).