وفاء رواح تكشف “ما بين السطور” برواق “فن الملهمة” بالدارالبيضاء

لم يأت اختيار ما بين السطور  عنوانا للمعرض من فراغ وإنما إدراكا لقوة العمل الذي يجعل من الفنون الإنسانية وتحديدا الفن البصري أو التصويري رسالة جمالية…

بيت الفن

يحتضن رواق “فن الملهمة” بالدارالبيضاء إلى غاية 12 أكتوبر 2024 معرضا فرديا للفنانة التشكيلية، وفاء رواح، بعنوان “ما بين السطور”.

وتقدم رواح عبر معرضها الفني لوحات يغلب عليها الطابع التجريدي. والجميل في أعمال رواح أنها لا تضع عناوين لهذه اللوحات، ولا ترفقها بتعليقات وتفاسير، ذلك أنها تريد أن تترك للمتلقي حرية التأويل، من دون توجيهه والتدخل في قراءته.

اعتبر الفنان التشكيلي والناقد الجمالي، عبد السلام القباج، أن الفنانة التشكيلية وفاء رواح تقدم أعمالا فنية تجريدية من خلالها تبوح بأسرار استعاراتها الكاشفة عن دواخل أحاسيسها بطريقة صوفية. وأضاف القباج في ورقة نقدية خاصة بالمعرض أن الفنانة رواح تارة تنثر انفعالاتها المؤثرة على المادة القاتمة الدالة على عتمة الأجواء القاسية في نفسها، وتارة أخرى تدرك بواسطة الاستبصار حملات بعض المشاهد المريحة كل ما تنطوي عليه من دلالات الانشراح.

وأشار القباح، وهو أيضا مالك رواق “فن الملهمة”، إلى أنه في الحالتين تلجأ الفنانة التشكيلية وفاء رواح إلى سبر أغوار نفسها أثناء الانفعال الذي يؤدي عفويا إلى إبداع عمل صادق يبهر الناظرين، وكل مهتم بالذائقة الجمالية.

بالنسبة للقباج، أيضا، فإن رواح تشتغل على مادة صباغة الأكريليك، تستعمل الخطوط ذات التركيبة اللاشكلية، تألفها وتستسيغها دون نسيان الحنين إلى بعض الأشكال التقليدية، في كل لطخة فرشاة، حسب القباج، شهادة ميلاد جمالية، من هذا النسق الفني الذي يتوج بحركة تلفت النظر بحيث تبرز تكوينات من ثنائية الامتلاء والفراغ بانسجام تام، تؤلف دينامية تأخذ بالألباب، وتمزج بين المادة والشكل وبين الفراغ والامتلاء، ما يمنح العمل قوة مدهشة.

تتبدى في الأعمال المعروضة لوحات تجمع بين اتجاهين فنيين، وهما المنزع التجريدي، والدلالة الصوفية، ولم يأت اختيار عنوان “ما بين السطور” لهذا المعرض الفردي الذي يمتد إلى غاية 12 أكتوبر الجاري برواق “فن الملهمة” من فراغ، وإنما إدراكا لقوة العمل، الذي يجعل من الفنون الإنسانية، وتحديدا الفن البصري، أو التصويري رسالة جمالية تتقاسمها الفنانة وفاء رواح مع المتلقي والناقد والمشاهد والمتأمل، حيث تضع رواح كل جوارحها في قلب أعمالها، من خلال أسلوب تجريدي رصين للغاية وبدون تأثيرات أسلوبية غير ضرورية ترسم العناصر الأساسية ببساطة معقدة، وكأن اهتمامها الأساس هو إعطاء حجم للوقت الذي تحكمه الحركة، والإيقاع الداخلي للوحاتها، وتسعى جاهدة لإعطاء معنى دال لذائقتها الفنية، من خلال هذا التنوع في التيمات.

تتقن رواح هذه المنجزات الجمالية بدقة للخروج بأكبر قدر من التشويق والمتعة، وكل أعمالها الصباغية تعبر عن تأملاتها في الحياة التي قضتها معتمدة على جهدها في الوصول إلى مبتغاها. الأعمال الأخيرة التي احتضنها رواق “فن الملهمة” تعكس نظرتها الجمالية للفن التجريدي المتميز والمتفرد.

وأشار القباج في ورقته النقدية أن التشكيلية رواح توقع أعمالها وفق مشاهد تجريدية، لكنها رمزية دالة، كأنها تجميع لاتجاهين لا ثالث لهما، ويتعلق الأمر بالتعبيرية التجريدية، ومسحة صوفية من خلال الألوان المستعملة. وأضاف القباج أن أعمالها الجديدة تفرق بين الموضوع والشيء، والدال والمدلول. وباعتبارها واحدة من الحساسيات الجديدة توظف الفنانة محمولا تعبيريا خالصا لكل ما هو تجريدي.

المتأمل في أعمال رواح يقف على خاصية تشكيلية متفردة، اتجاه تأثيري يقدم الفعل الصباغي في بساطته وتعقيداته، والمنجز هنا بيان وسجل بصري يشتغل على كل ما يعتمل في وجدان الفنانة التشكيلية المغربية. إنها أعمال تحتفي بالإشكالية الجمالية الراهنة، في طقس جمالي وحدها تعرف أسراره ومكنوناته، مؤكدة في الوقت نفسه أن محتوى اللوحة أدق معنى وأكثر أهمية من الشكل.

ونوه عبد السلام القباج بعمل هذه الفنانة، وحثها على المزيد من البحث في الميدان الصباغي نفسه لتوسع دائرة معارفها مادامت تخوض غمار بحثها الفني والفكري بواسطة العناصر العلمية السامية وجمالية التجديد إلى جانب رقي المشاعر الرفيعة التي تصبو إليها وتسكنها بشغف كبير.

وخلص القباح إلى أن الفنانة التشكيلية وفاء رواح تملك مهارة الحركية التي لا تتوفر إلا عند الفنانين المرموقين، هذه الحركية التي تتغيا السمو وتجعل الظاهر جوانيا وروحانيا في الآن ذاته. الأسود يسود ضمن سمو السماء وبساطة البسيطة وشعاع النور من خلال منظور الفنانة التشكيلية، التي تحاول ببساطة ألوانها وأشكالها الفنية المتنوعة خلق أسلوب ومعجم بصري دالين.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

أحمد المكاوي يدعم التشكيل بصيغة المؤنث في معرض “نظرات نسائية” بالدار البيضاء

“نظرات نسائية” معرض فني برواق المكتبة الوسائطية بمؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء تنظمه جمعية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *