بيت الفن
خط جمهور دار الشعر بمراكش مساء الجمعة 12 نونبر 2021 لحظة استثنائية خاصة، بفضاء الدار بالمركز الثقافي الداوديات، ضمن فقرة “سيرة شعرية”، التي اختارت أن تحتفي، في أولى حلقاتها، بالأكاديمي والكاتب واللغوي المرموق عبدالغني أبو العزم، وبإصداره “هكذا حدثني المنفى” (سيرة ذاتية شعرية).
افتتح اللقاء بقراءات شعرية من “هكذا حدثني المنفى”، بصوت أحد شعراء ورشات الكتابة الشعرية لدار الشعر بمراكش، الشاعر إسماعيل آيت إيدار، في التماعة واعية بين أجيال الإبداع المغربي.
وأضاءت هذه الفقرة بالحضور والمشاركة الشاعرة مليكة العاصمي، في شهادة مؤثرة، أعادت من خلالها، سرد بعضا من تفاصيل رحلة الكاتب عبدالغني أبو العزم. من مسار البحث العلمي والأكاديمي في حقل الدراسات المعجمية، إلى كتاباته الإبداعية في مجال الرواية والقصة والدراسات انتهاء بسيرته الشعرية. وتوقفت الشاعرة العاصمي عند لحظات فارقة في مسارات رحلة أبو العزم، بين ضفاف حلم الوطن وأحلام جيل.
وقد راكم الكاتب واللغوي والشاعر عبدالغني أبو العزم تجربة غنية في مجال البحث العلمي، ابتداء من كتابه “المنهج والنص: مدخل إلى التحليل الإحصائي اللغوي للنصوص الأدبية”، وترجمته لـ”ألف سنة من حياة اليهود بالمغرب”، و”المعجم المدرسي أسسه ومناهجه”، و”المعجم الصغير”، وتحقيقه لـ”أعز ما يطلب” للمهدي بن تومرت، ونصوصه الروائية “الضريح” و”الضريح الآخر” (المتوجة بجائزة المغرب للكتاب)، ومجموعته القصصية “ظلال البيت القديم”، ومعاجمه “المعجم اللغوي التاريخي، منهجه ومصدره”، و”معجم الغني الزاهر”..
ويعد “معجم الغني الزاهر” للأكاديمي اللغوي الكاتب عبدالغني أبو العزم، والحاصل على الماجستير من جامعة السوربون ودكتوراه الدولة من جامعة الحسن الثاني في المعجميات، مرجعا أساسيا لا محيد عنه خصوصا أن مؤلفه يعد من أبرز مطوري اللغة العربية ومن أبرز الأسماء المعجمية العربية ممّن أغنوا المكتبات العربية في حقل الدراسات المعجمية.
وفي اختياره بروح الشاعر، إصدار “هكذا حدثني المنفى” سيرة ذاتية شعرية، يعود الشاعر عبدالغني أبو العزم الى ذاته من خلال نصوص شعرية كتبت ما بين مرحلة 70 ومطلع 80 من القرن الماضي.
وقارب الناقد والأكاديمي عبدالعزيز جسوس سيرة “عبدالغني أبو العزم” الشعرية، من خلال ورقة نقدية حاولت سبر أغوار الكتاب، متوقفا عند تيماتها وبنياتها الفنية. واعتبر أن اختيار “سيرة ذاتية شعرية”، التي ذيل بها المبدع كتابه السيري، يحدد مسارها الأجناسي ضمن تبويب اختاره: “هكذا حدثني المنفى 1″، و “هكذا حدثني المنفى 2”. ولاحظ الناقد جسوس ميول قصائد السيرة الشعرية الى التكثيف والقصر، إلى جانب أنها كتبت ضمن “مرحلة المنفى” وجل النصوص محددة بتواريخها فضلا عن الإهداءات. ولم يغب الجانب المعجمي عند عبدالغني أبو العزم، في الشعر، ضمن حرص بليغ على حضور نصوص “تمثل سيرة ذاتية من خلال الكتابة الشعرية”.
وانتقل الناقد عبدالعزيز جسوس، في القسم الثاني من مداخلته، إلى مقاربة تيمات النصوص وبنيتها الداخلية. متوقفا عند البعد الأجناسي ومفارقاته، وعند هذا التنويع الدلالي، الذي يبحر في الكثير من التفاصيل الإنسانية والموضوعاتية.
وعرج في النهاية، على قدرة المبدع عبدالغني أبو العزم نسج تفاصيل الذاكرة، ضمن منجز شعري سيري يستدعي من خلاله، ما علق في تخوم الذاكرة. سيرة الشاعر ليست في النهاية، إلا “سير” جيل كان يحلم بالوطن.
وأهدت الشاعرة المرموقة مليكة العاصمي، قصائد تستدعي الفرح بـ”بالأغاني” للمبدع عبدالغني أبو العزم، في فقرة “سيرة شعرية”، اختارت الاحتفاء به ومن خلال إصداره “هكذا حدثني المنفى”.
واختتم الفقرة المبدع أبو العزم بقراءات شعرية من “سيرته”، استعاد من خلالها بعضا من “ألق اللحظة الإنسانية” واجتراحاتها وانكساراتها. منوها، في الآن نفسه، الى ارتباط العديد من النصوص، بلحظتها التاريخية وبشخوص وأعلام شكلت جزءا من ذاكرة عبدالغني أبو العزم.
في “سيرة شعرية”، سعي حثيث لدار الشعر بمراكش إلى الانفتاح على هذه الرؤى والصيغ الإبداعية، ضمن أفق السيري بميسم شعري، أمسى يشكل حضورا لافتا في خطابنا الإبداعي المغربي وأيضا استقصاء موازيا في النقد الشعري.
لحظة أخرى للإنصات لإحدى الإشراقات، التي أصبغت على التجربة المغربية والعربية، حضورا وإبداعا، وأسهمت في ترسيخ أفق القصيدة المغربية الحديثة. لقاء سيرة شعرية، مفتتح لسلسلة من البرامج الشعرية والثقافية الجديدة لدار الشعر بمراكش، وهي تخطو في سنتها الخامسة نحو أفق القصيدة المغربية وقضاياها، وانشغالات الشعراء وأسئلتهم.