من هفوات الدورة 18 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا  

لم تكن جائزة الجمهور الشبابي في مستوى تطلعات السينفيليين والمهتمين، خصوصا عندما أبعدت الفيلم الجميل “وشم الريح” من التتويج مكتفية بمنحه تنويها خاصا فقط…

هل نحن في مهرجان وطني (ثلاث مكرمات من المغرب) أو عربي (مصرية ومغربيات فقط)؟

أحمد سيجلماسي

لم تكن موفقة بعض اختيارات البرنامج العام للدورة الأخيرة لمهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة (من 22 إلى 27 شتنبر 2025)، الدليل على ذلك فيلم “طحالب مرة” (2025) الذي مثل المغرب في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وهو من الأفلام غير المقنعة إبداعيا التي شاركت في هذه المسابقة، إلى جانب الأفلام التي أنتجتها فرنسا جزئيا أو كليا (خاصة فيلمي “بصمة” لآداما بينيتا سو و”الفتيات اللواتي نرغب فيهن” لبرينسيا كار).

فباستثناء هذه الأفلام الثلاثة غير المقنعة شكلا ومحتوى، كانت باقي الأفلام (عددها 7) مقبولة نسبيا رغم تفاوت مستوياتها الإبداعية.

ولعل هذا الأمر هو الذي جعلها في غالبيتها، ما عدا الفيلم الصيني “خيمة البالونات” للمخرجة ليو مياومياو والفيلم الألماني- الفرنسي “الزيزان” للمخرجة إينا ويس، تحصد جل الجوائز، باستثناء جائزة التشخيص ذكورا، التي لا محل لها من الإعراب في مهرجان نسائي، والتي منحتها لجنة التحكيم برئاسة المخرجة الفرنسية فاليري ماساديان مناصفة لخمسة “ممثلين” هم حسام محمد وقادر بنشودار ومرتضى حسني وأشرف جامعي ونواد سلاسي سعيد.

لقد خلفت هذه الجوائز ارتياحا لدى السينفيليين القلائل الذين شاهدوا كل الأفلام رفقة ضيوف المهرجان (الأجانب خصوصا) في قاعة “هوليود” التي ظلت منذ سنوات تشكو من فراغ كراسيها، شأنها في ذلك شأن جل المهرجانات المنظمة ببلادنا التي تكتظ فضاءات تنظيمها بالجمهور في حفلي الإفتتاح والإختتام فقط. وقد جاءت هذه الجوائز على الشكل التالي:

الجائزة الكبرى: منحت لفيلم “قمر” (2024) لكوردوين أيوب (النمسا).

جائزة لجنة التحكيم الخاصة: حصل عليها فيلم “ماناس” (2024) لماريانا بريناند (البرازيل- البرتغال).

جائزة أول عمل: كانت من نصيب فيلم “عام الأرملة” (2024) لفيرونيكا ليشكوفا (جمهورية التشيك- سلوفاكيا- كرواتيا).

جائزة أفضل ممثلة: توجت بها هيلغا غورين عن دورها في فيلم “حبيبي” (2024) لليليا إنغولفسدوتر (النرويج).

حافظ المهرجان بشكل جزئي على مستواه المشرف في اختيار أفلام المسابقة الدولية، الروائية والوثائقية، رغم أنه لم يفلح لحد الآن في جلب أفلام جديدة تعرض داخله لأول مرة عالميا.

فيما يتعلق بالأفلام الوثائقية الخمسة كان مستوى نصفها على الأقل مقبولا، وقد تم منح جائزة أفضل وثائقي لفيلم “السور الصغير” (2025) لإيف دوشمان (بلجيكا)، وتم منح تنويه خاص لفيلم “المدينة الأم” (2024) لميكي ريدلينغهايس وبيرلي جوبرت (جنوب إفريقيا).

على مستوى التكريمات لم تكن الاختيارات موفقة بالمرة، فرغم كون حنان مطاوع، ممثلة سينمائية وتلفزيونية ومسرحية مصرية متمكنة من أدواتها، لا يعقل أن يتم التركيز أساسا على مبدعات من مصر فقط (في الدورة السابقة تم تكريم الممثلة المصرية داليا البحيري) دون الالتفات إلى مبدعات من باقي دول المعمور، أليس المهرجان مهرجانا دوليا؟، ولا يعقل أن يتم تكريم ممثلة مغربية لا علاقة وطيدة لها بالسينما وأخرى لا تزال في بداية مشوارها السينمائي… هل نحن في مهرجان وطني (ثلاث مكرمات من المغرب) أو عربي (مصرية ومغربيات)؟

فيما يتعلق بجائزة الجمهور الشبابي لم تكن نتائج لجنة التحكيم برئاسة فاطمة أكلاز في مستوى تطلعات السينفيليين والمهتمين، خصوصا عندما أبعدت الفيلم الجميل “وشم الريح” للمخرجة المثقفة ليلى التريكي من التتويج مكتفية بمنحه تنويها خاصا فقط. ومعلوم أن هذا الفيلم قد حظي مؤخرا بتتويجات جديدة ومعتبرة خارج المغرب: الجائزة الكبرى (الشاشة الذهبية) في الدورة 29 للمهرجان الإفريقي “شاشات سوداء” بالكاميرون (ياوندي من 20 إلى 27 شتنبر 2025) وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في الدورة 21 لمهرجان كازان الدولي للفيلم (عاصمة تتارستان بروسيا من 6 إلى 9  شتنبر 2025)… والبقية في الطريق.

أما المؤلفات، التي تم تقديمها في هذه الدورة الجديدة، فعددها كان كبيرا (7) ولم يوازيها تنظيم معرض للكتب السينمائية النسائية أو المتمحورة حول قضايا المرأة في السينما، وجلها من تأليف مغاربة رجال ولا علاقة مباشرة لها بالسينما باستثناء كتابي “تحليل الفيلم المصري من البداية للنهاية” للدكتور عبد الرزاق الزاهير و”السينما والفكر النقدي” لخليل الدامون.

يرجع الفضل في حفاظ مهرجان سلا على روحه السينفيلية إلى تعاون مديره عبد اللطيف العصادي مع مجموعة من النقاد السينمائيين النشيطين، من قبيل مولاي إدريس الجعيدي ومحمد اشويكة ومبارك حسني وعبد الكريم وكريم وسعيد المزواري وغيرهم، في تقديم الأفلام وتسيير جلسات مناقشتها وإدارة الندوات (السينما والرقابات) واللقاءات السينمائية (حوار السينمائيين: خولة أسباب بنعمر ورؤوف الصباحي) وغيرها. كما يرجع ذلك أيضا إلى استضافته لمجموعة أخرى من النقاد والسينفيليين والإعلاميين لمواكبة أنشطته والمشاركة بفعالية في النقاشات وباقي الفقرات.

من التغييرات التي لوحظت في برنامج حفل اختتام الدورة 18: إعادة عرض الفيلمين المغربيين، القصير والطويل، الفائزين بجائزة الجمهور الشبابي، عوض إعادة عرض الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى في المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة، وهو اختيار غير موفق في نظري. هذا بالإضافة إلى حذف كلمة مدير المهرجان ومؤسسه عبد اللطيف العصادي، فهل هذا يعني أن الإنسجام الذي كان حاصلا بين مكونات إدارة المهرجان والجمعية المنظمة له بدأ يتلاشى بسبب دخول أطراف جديدة وغير مؤهلة بما فيه الكفاية، بشكل مباشر أو غير مباشر، كقوة اقتراحية في عملية اختيار الأفلام والمنشطين وبعض أعضاء لجن التحكيم وغير ذاك؟

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

مشاركة مغربية وازنة في لجان تحكيم “شاشات سوداء” بالكاميرون

صوفيا أغليلاس ترأس لجنة تحكيم الفيلم القصير وعزالدين كريران وعامر الشرقي ضمن لجنة تحكيم الأفلام …