الفنان المغربي مصطفى النافي

الفنان المغربي مصطفى النافي يحتفي بـ”الفراغ المتعدد”

في معرض يحتضنه رواق “دار الشريفة” في مراكش

بيت الفن

يعرض الفنان التشكيلي المغربي مصطفى النافي إلى غاية 31 غشت الجاري أعماله الجديدة بعنوان “فراغ متعدد” برواق دار الشريفة بمراكش، الذي يعتبر تحفة معمارية تعود لحقبة السعديين.

أعمال اعتبرها نقاد وفنانون حضروا المعرض بمثابة تشكيل الإيروتيكا والفراغ الممتلئ السواد المرح، والمقاربة التشكيلية الرمزية للطابو، وتكسير الإطار المحدود واللامحدود.

وأكد الناقد شفيق الزكاري أن أشكالا وعناصر بتفاصيلها تجدد الرؤية الفنية بكل أبعادها الجمالية المفرطة في طرح الأسئلة الحداثية المنفلتة من رتابة الممارسة التشكيلية، بأسئلتها التوليدية لمنظور المعالجة للسند، بمرجعيات فلسفية جعلت من التحفة الفنية جزءا من مشروع مستقل عما نشاهده اعتياديا في المشهد التشكيلي المغربي أو العربي.

تلك هي مضامين التجربة التشكيلية للفنان عند الفنان  النافي، القادم من أرخبيل بساتين حلالة المعروفة بعنفوان طبيعة تربتها الأصيلة، يقول الزكاري، تجربة تحمل مسؤولية اعتناقها فنان أصيل بعمق الغيرة والمعاناة الحقيقيتين، بحثا عن كنه معالجة أسئلة وجودية بطريقة تصاعدية ضمن نسق البحث الدائم عن أفق مغاير يخضع للضوابط العلمية والموضوعية، متوسلا بخبرته الطويلة وتكوينه الأكاديمي المتحرر من التكرار والرتابة، متجاوزا بذلك شرط الانغلاق والاجترار الذي أصبحت تعاني منه الساحة التشكيلية المغربية حاليا.

ولم يقف المشروع الفني للفنان النافي عند حدود صياغة الخطاب التشكيلي المتداول، بل اعتمد على أسئلة تمتح من البعد الفكري والفلسفي من زاوية مرئية يصعب القبض عليها بسهولة، إلا في حضور مرجعية ثقافية عميقة تستند لموروث ثقافي إنساني متعدد المشارب، فكان للطرح الفلسفي حضور ملفت للانتباه في تجربته من خلال منظومة منفتحة على كل التأويلات الممكنة، بخصوصيات حولت ما هو نظري إلى ما هو تطبيقي مرئي.

تعبيرية متفاوتة من حيث العناصر المتباينة في ما بينها، والانتقال من أفكار تجريدية هلامية إلى مشاهد مرئية ملموسة، جعلت من مفهوم “الما بين بين” موضوعا لها.

وفسر الناقد الزكاري “الما بين بين” هنا بأنه ذلك المفترق بين الفكرة ونقيضها، أو تلك المرحلة الانتقالية في بعدها التحولي الذي يستكين في أسلوب بحث معين يجمع بين البداية والنهاية، وهذا ما نقف عليه من ملامح محورية في تجربة الفنان  النافي التي عرفت تطورا منذ بداياتها من خلال خيط رابط في مسارها، حيث لا يمكن الفصل بين محطة وأخرى نظرا إلى امتداداتها بشكل تسلسلي وسردي على المستوى الجمالي المتمكن صاحبها من استخدام وتوظيف العناصر والآليات المؤثثة لتحفه الفنية.

من جانبه قال الناقد محمد اشويكة إن أعمال النافي ليست منبسطة ولا مستوية، بل هي أعمال تحتفي بالفراغ، وتسعى للبحث عن جمالية الثقوب وكأنه يسعى إلى تسجيل تاريخ كوسمولوجي للعالم عبر التشكيل: عالم يظل ملغزا ومظلما رغم مجهودات الإنسان العلمية والعقلانية الرامية لإضاءة عتماته.

وتابع “عالم مليء بالثقوب، وتهدده الثقوب، وتشكل الثقوب جزءا لا يتجزأ من مساره، عالم يعرف توازنه عبر الثقوب. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن ‘الثقب الفراغ’ دعامة تشكيلية أو وسيط فني بين الظهور والضمور، والاكتفاء والخصاص، والوجود والعدم، والظلام والنور.. وهي متناقضات تحيل على البعد الأنطولوجي للعمل التشكيلي”.

يشار إلى أن الفنان التشكيلي النافي من مواليد 1954 بالقنيطرة، يندرج ضمن قائمة الموجة الجديدة في الفن المعاصر، فقد زاوج بين التكوين الأكاديمي والعمل الجمعوي المنخرط في قضايا الفكر والثقافة الجماليين، ومنذ عام 1979 ترسخ ميثاق الفنان النافي على مستوى المعارض الفردية والجماعية داخل المغرب وخارجه، إذ خاض مغامرة بصرية فريدة من حيث طبيعة المواد والخامات التشكيلية التي خبر كيمياءها في حضرة الصناع الحرفيين الذين قاسمهم همومهم الجمالية وإكراهاتهم المهنية.

وحسب الفنان والناقد التشكيلي سعيد العفاسي، فإن أعمال الفنان النافي تمتاح قوتها الإجرائية من سلطة الأسود، بخامات تنسج من الأبيض متخيلا، ومن الفراغ فلسفة تنبش في العمق الباطن، الذي يبطن لمرحلة تشكيلية يتنفس منها الفنان شغبه بالتشكيل، ومراسه الفني الذي امتاز بالتدبر والتأمل والتجريب المعاصر، في محاولة فك طلسم الثنائية الأزلية القائمة بقوة الطبيعة على التناقض “الأسود/ الأبيض”.

وأضاف العفاسي أن هذا التضاد المتناقض الذي يكشف انشغال النافي بنفي الألوان المتجلية في ملكوت الكون والحفر في المادة، بحثا عن دلالات تقود لفهم المسكوت عنه في غياب الأبيض، المتأصل في النفس، والأسود الحاضر ظاهرا، وما يجب قراءته في المنجز الفني له، هو امتلاكه لناصية العمل التشكيلي، وجرأته في التعبير بالنتيجة، التي هي “الأسود” في غياب الأبيض، الذي هو الأصل، مع مراعاة تلك الظلال التي تشكل ما لم يشكله النافي، وترفض المألوف وتخرج عن الإطار بحثا عن صيغة الممكن والمحال.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

سيجلماسي وشويكة وأمنصور يقدمون إصداراتهم الجديدة بسلا

توقيع “أوائل خلف الكاميرا“.. “الفلسفة والسينما“.. “سيني – كلوب” ضمن فعاليات المهرجان الدولي لفيلم المرأة …