توقيع “أوائل خلف الكاميرا“.. “الفلسفة والسينما“.. “سيني – كلوب” ضمن فعاليات المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا…
أحمد سيجلماسي: الجهة المشرفة على قطاع السينما ببلادنا لا تولي اهتماما كبيرا لمسألة توثيق تجارب السينمائيين المغاربة وما يزيد الطين بلة عدم إقدام السينمائيين أنفسهم على كتابة سيرهم الفنية والذاتية ونشرها..
محمد شويكة: كل فيلم هو مشروع فلسفي بذاته يتيح للجمهور التفكير في موضوعات أعمق من مجرد سرد القصص..
بيت الفن (تصوير بلميلود)
ضمن فعاليات النسخة الـ17 للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا، الذي تنظمه جمعية أبي رقراق، إلى غاية 28 شتنبر الجاري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، استضاف فضاء “دوليز” بمدينة سلا، أول أمس الثلاثاء، كلا من الناقدين السينمائيين أحمد سيجلماسي ومحمد اشويكية، والروائي محمد أمنصور لتقديم إصداراتهم الجديدة، ويتعلق الأمر بالجزء الخامس من سلسلة وجوه من المغرب السينمائي “أوائل خلف الكاميرا”، و”الفلسفة والسينما”، و”سيني كلوب”.
خلال تقديمه للقاء، الذي شهد حضورا مكثفا لسينمائيين وكتاب ونقاد ومهتمين بالمجال الثقافي، أشاد الناقد السينمائي، حسن نرايس، بالمجهودات التي يبذلها المنظمون في التعريف بالإصدارات السينمائية الجديدة، مبرزا الدور المحوري للنقاد والمفكرين في تطوير رؤية جديدة للسينما، وتوسيع آفاق التفكير النقدي بين صفوف الشباب وصناع السينما على حد سواء.
وأبرز أن القاسم المشترك بين الضيوف الثلاثة هو عشقهم للسينما، فالناقد أحمد سيجلماسي، كرس حياته لخدمة السينما المغربية، والحفاظ على ذاكرتها وتقديم سيرذاتية تاريخية تليق بمبدعيها، أما محمد شويكة فهو مثال للناقد والباحث الأكاديمي الذي يركب الصعب من خلال مقارباته الفلسفية للحقل السينمائي، بينما اختار محمد أمنصور، التركيز في روايته الجديدة، على الفترة الذهبية لحركة الأندية السينمائي.
“وجوه من المغرب السينمائي”.. مشروع توثيقي لذاكرة السينما المغربية
وقال الناقد السينمائي المغربي أحمد سيجلماسي إن الجزء الخامس من سلسلة “وجوه من المغرب السينمائي”، الذي يحمل عنوان “أوائل خلف الكاميرا” يندرج ضمن مشروع توثيقي لذاكرة السينما المغربية، مؤكدا أن الغاية منذ البداية كانت هي المساهمة في سد جزء من الفراغ الهائل على مستوى تراجم وسير أعلام السينما بالمغرب بمختلف تخصصاتهم، لا سيما أن الجهة المشرفة على قطاع السينما ببلادنا لا تولي اهتماما كبيرا لمسألة توثيق تجارب السينمائيين المغاربة كتابة أو بالصورة والصوت، وما يزيد الطين بلة عدم إقدام السينمائيين أنفسهم على كتابة سيرهم الفنية والذاتية ونشرها.
وكشف سيجلماسي عن ميله منذ مرحلة الطفولة إلى مسألة التوثيق السينمائي، حيث كان يجمع صور الممثلين والممثلات وملصقات الأفلام، وكان يحفظ عن ظهر قلب أسماء ممثلي وممثلات الأفلام الأمريكية والأوروبية والمصرية والهندية التي كان يشاهدها بكثرة في مختلف القاعات السينمائية الشعبية بفاس والدار البيضاء، وبعد ارتباطه بحركة الأندية السينمائية منذ أواخر الستينيات أصبح يهتم أيضا بالمخرجين وأساليبهم المتنوعة في الكتابة السينمائية، وانفتح على كتب تاريخ السينما وغيرها.
وأشار سيجلماسي إلى أنه كان يخصص ملفا لكل وجه من وجوه السينما ضمنته بعض صوره وحواراته وما كتب عنه في المنابر الصحافية الورقية، وعندما حصل لديه تراكم من المعطيات شرع في تحرير مواد كتيبات صدر أولها سنة 1999 بعنوان “المغرب السينمائي: معطيات وتساؤلات”، وانتظر قرابة عشرين سنة لأصدر أول جزء من سلسلة “وجوه من المغرب السينمائي”، التي انطلقت سنة 2018 بإصدار الجزء الأول الذي تم فيه التعريف بستة وجوه سينمائية، تلاه جزء ثاني سنة 2019 عرف من خلاله بعشرة أسماء، وفي سنة 2020 صدر الجزء الثالث الذي تمحور حول عشرة أسماء أخرى، وفي صيف سنة 2023 صدر الجزأين الرابع والخامس من هذه السلسلة، وهناك أجزاء أخرى تنتظر دورها في الطبع، كما نشر نصوصا أخرى ضمن مؤلفات جماعية حول تجارب بعض المخرجين السينمائيين المغاربة.
وأوضح سيجلماسي أن الجزء الجديد، الصادر ضمن منشورات مهرجان سيدي عثمان للسينما المغربية بالدارالبيضاء، يستعرض سير السينمائيين المغاربة الأوائل الذين وقفوا خلف الكاميرا، وأخرجوا أفلاما لأول مرة قبل العام 1960، ويتعلق الأمر بالسلطان مولاي عبدالعزيز (1878- 1943)، محمد عصفور (1927- 2005)، عبد الكبير الفاسي (1920- 1997) وأحمد المسناوي (1926- 1996)، فاطمة نوري (95 سنة) إبراهيم السايح (1925- 2011)، العربي بن شقرون (1930- 1984)، العربي بناني (1930- 2022)، محمد عفيفي (1933- 2014)، أحمد بلهاشمي (1927-…)، عبدالعزيز الرمضاني (86 سنة)، الطيب الصديقي (1938- 2016).
ولخص سبجلماسي الصعوبات التي واجهته خلال اشتغاله على الجزء الخامس، في شح المعطيات فيما يتعلق ببعض الأسماء التي لفها النسيان، وعدم تعاون بعض الرواد السينمائيين عند الاتصال بهم من أجل تدقيق بعض المعطيات التي تخصهم أو تخص بعض أعمالهم إضافة إلى غياب جهات مدعمة للطبع باستثناء بعض المهرجانات أو الشخصيات السينمائية المثقفة والمتعاونة.
“فلسفة السينما”.. من أجل فهم أعمق للوجود الإنساني
أثناء تقديمه لأحدث إصداراته “فلسفة السينما”، ألقى محمد شويكة كلمة تناول فيها جوانب من مسيرته المهنية والبحثية في مجال السينما. متحدثا عن التحديات التي واجهها أثناء تأليف الكتاب، وأهمية توثيق الفكر النقدي السينمائي باللغة العربية في مواجهة التيارات الفكرية العالمية.
وقال محمد شويكة إنه حاول تسليط الضوء على السينما كوسيلة للتفكير الفلسفي، مستعرضا تطور السينما من مجرد أداة للترفيه إلى وسيلة تعبير تحمل رؤى وأفكارا فلسفية عميقة.
في أحدث إصداراته، يناقش شويكة تأثير السينما على الإدراك البشري وكيفية تصويرها للحياة والواقع بطرق مختلفة، فـ”فلسفة السينما” يتجاوز كونه مجرد دراسة تقليدية للفن السابع، حيث يسعى محمد شويكة من خلاله إلى مناقشة القضايا الوجودية والمعرفية التي تطرحها السينما.
يناقش كيف أن السينما أصبحت أداة لفهم الواقع واستكشاف الذات، معتبرا أن كل فيلم هو مشروع فلسفي بذاته يتيح للجمهور التفكير في موضوعات أعمق من مجرد سرد القصص.
الكتاب يتناول أيضا تأثيرات السينما على الهوية الفردية والجماعية، والكيفية التي تسهم بها في بناء تصورات الناس حول الحياة والمجتمع.
كتاب “فلسفة السينما”، يفتح النقاش حول دور السينما في إعادة صياغة الفهم البشري للواقع. وبهذا، يجسد شويكة ضرورة النظر إلى السينما ليس فقط كصناعة فنية، بل كأداة تحليلية تساهم في فهم أعمق للوجود الإنساني.
“سيني كلوب” رواية تستعيد الفترة الذهبية للأندية السينمائية
بعد مجموعة من الأعمال النقدية ومجموعتين قصصيتين، إلى جانب رواية “المؤتفكة” سنة 2004، و”دموع باخوس” سنة 2010، و”في انتظار مارلين مونرو” سنة 2019، تأتي رواية “سيني كلوب” سنة 2023، كاستمرار لتجربة الكاتب محمد أمنصور في نمط الرواية الجديدة في المغرب، التي تتفرد باستراتيجيتها التجريبية عن الرواية التقليدية المتداولة.
خلال تقديمه لعمله الروائي الجديد استعاد أمنصور الزمن الجميل لنادي السينما بمكناس، عبر رحلة متعددة الأبعاد رفقة يونس المسناوي، في محاولته لإيجاد أخيه المفقود إلياس، تحرير زوجة أخيه رقية المعتقلة، والوفاء لوصية أبيه حول جده صالح وفكرة إنتاج فيلم، نقط كثيرة، متفرقة، تجتمع لتوقظ هواجس يونس وهلوساته، طموحاته وانكساراته، تضعه في مواجهة مباشرة وغير مباشرة مع سؤال الهوية، والأصل، بين العروبة والأمازيغية، بين الإسلام واليهودية، ما بين ضفتي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، أمام سؤال الوجود والإنجاب والحب والرغبة.
نرافق يونس المسناوي المتخبط بين هواجسه وهذيانه، أحلامه وانكساراته، قراراته وتردداته، مكانيا، فنتجول معه في مكناس والرباط، في فرنسا وروسيا، قبل أن نسافر إلى الشيلي في رحلة منظمة بين البراكين والصحراء المزروعة والأحياء البهية بإبداعات غرافيتية… كما نسافر معه زمانيا من حين إلى آخر إلى ذكريات الزمن الجميل لنادي السينما بمكناس، وزمن الرفاق بظهر المهراز، وأوضاع الاتحاد السوفياتي. ثم نغوص معه نفسيا، في رحلة لسبر أغوار ذاته، والإجابة عن أسئلته الوجودية حول الهوية والأصل والأجداد كما نتخبط معه في مجموعة من الشكوك والهواجس تهم قراراته السابقة ومشاريعه المستقبلية.
وبينما القارئ منغمس في كل هذه التخبطات، يجد نفسه، فيما يشبه استراحة نفسية، بين مجموعة من الفنون، ما بين إحالات على الفن التشكيلي واللوحات العالمية، إلى الغرافيتي والخربشات والرسم، إلى الأفلام السينمائية المغربية منها والدولية، إلى أن يتوقف أمام جدارية لولا الرمز في أريكا بالشيلي… قبل العودة إلى مكناس.