عبد الإله الجوهري

الجوهري يرصع مساره في البحث السينمائي بدكتوراه مشرفة جدا

الأطروحة قاربت “تجليات المكان/الفضاء في السينما.. من خلال نماذج فيلمية مغربية”

بيت الفن

رصع الباحث والناقد والمخرج المغربي عبد الإله الجوهري مساره في مجال البحث المعرفي السينمائي، صبيحة يوم السبت 3 يوليوز 2021 بمدرج الندوات بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، شهادة الدكتوراه نالها بميزة مشرف جدا، مع التنويه وتوصية بالطبع.

وناقش الجوهري أطروحته الجامعية “تجليات المكان / الفضاء في السينما، من خلال نماذج فيلمية مغربية” أمام الدكاترة: أحمد الغازي عن جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وعز العرب العلوي عن جامعة محمد الخامس الرباط، وسميرة بوزويتة عن جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وأيوب بوحوحو عن جامعة القاضي عياض بمراكش، وعبدالرحيم الحلوي عن جامعة ابن زهر باكادير، وعبد الرحمان طنكول عن الجامعة الأورومتوسطية بفاس. وبعد أكثر من أربع ساعات من المناقشة تم منح الجوهري شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع تنويه خاص وتوصية بالطبع.

وقال الجوهري إن الأطروحة لا تمنحنه صفة دكتور فقط، بل تمنحنه، وهذا هو الأهم، صفة أن يبقى وفيا للبحث المعرفي، وحب الثقافة السينمائية، والانتصار للجمال، والاعتماد على الأحبة والأصدقاء في الحياة.

وتوجه الباحث عبد الإله الجوهري بالشكر والتقدير للجنة المناقشة، على تفضل أعضائها بقبول فحص الأطروحة ومناقشتها. كما توجه بالشكر لعمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن طفيل، وكل القائمين على وحدة الدكتوراه. ولم يفته أن توجيه الشكر الخاص، لأستاذ الأجيال الدكتور أحمد الغازي، والأستاذ الدكتور المخرج عز العرب العلوي، على ما قدماه له من توجيهات ونصائح، لإخراج هذا البحث على الصورة التي هو عليه.

وشكر الجوهري، أيضا، كل الأصدقاء، من فنانين وباحثين وطلبة، على الحضور والمواكبة.

وحسب ما ورد  في تقرير الأطروحة “فقد انطلق التفكير في موضوع الأطروحة من ملاحظات أولية، ترتبط بتجربة السينما المغربية، وتختزل الوضعية الاعتبارية لهذه التجربة نظريا وأكاديميا.

ومن أبرز هذه الملاحظات:

* ندرة الاهتمام بالتجربة من قبل الباحثين والأكاديميين والنقاد.

* لم تحظ منجزات التجربة، الممتدة على مدى خمسة عقود،بالتقييم العلمي والموضوعي.

* أغلب المحاولات التقييمية ذاتية وانطباعية وقيمية تتراوح بين السلب والإيجاب.

* بعض التقييمات تعتبر التجربة سائرة نحو التطور، وأخرىلا ترى فيها سوى محاولات فردية، بدون هوية أو خصوصية جمالية أو فكرية. (بل هناك من يشكك أصلا في وجود سينما مغربية، ويتحدث بدلا من ذلك عن أفلام مغربية).

وتقترح الدراسة، لتجاوز هذه الوضعية، وإعطاء التجربة السينمائية المغربية وعيا نظريا واهتماما أكاديميا، مقاربة تحليلية نوعية للتجربة السينمائية في المغرب، باعتماد منهجية تفكيكية تدرس المنجز الفيلمي من الداخل، وتبرز تحققاته اللغوية السمعية – البصرية، وتشكلاته المقطعية والحكائية والخطابية. ثم تنتقل إلى التركيب وإعادة البناء اعتمادا على مكون فيلمي واحد بدراسته بكيفية معزولة، كبنية داخلية، ورصد علاقته بباقي المكونات، وإبراز دوره في البناء الكلي للحكاية التي ينبني عليها الفيلم. ثم تطبيق هذه المنهجية على عدد من منجزات الفيلموغرافية المغربية، وتقييمها بشكل موضوعي وملائم.

انطلاقا من ذلك، وقع اختيار، الباحث، على دراسة مكون الفضاء، باعتباره أحد أهم المكونات الفيلمية، إن لم يكن أكثرها قربا من خصوصية الفن السينمائي تبعا للمبررات عديدة منها:

أولا. الفضاء مكون جوهر في السينما، لأن السينما فن فضائي بامتياز، حيث يصعب تصور وانجاز فيلم سينمائي في معزل عن الفضاء.

ثانيا، بناء جهاز مفاهيمي لوصف الفضاء الفيلمي، ورصد تحققاته المختلفة، وإعادة تركيبها في بناء منسجم يفسر المعطى، ويغني الجهاز التحليلي والمقاربات النظرية.

ثالثا، تمكن دراسة الفضاء نظريا، من تعميق فهمنا للآليات الإبداعية، وتطوير جهازنا المفاهيمي والتحليلي، وتقوية الممارسة السينمائية المغربية.

وهكذا تحقق في الدراسة الاشتغال على مفهوم الفضاء كمكون معزول ومستقل، ثم كمكون فاعل في البناء والتفسير والتأويل.

ويتشكل طموح هذه المقاربة، انطلاقا من هذا الاختيار، في الآتي:

أولا، إثبات فاعلية الفضاء كرهان أساس في التفكير الجمالي والنظري في السينما.

ثانيا، إعادة النظر في فهمنا لتطور تاريخ الأشكال الفيلمية، من زاوية فضائية.

لقد تمت هندسة البحث، بعد تشخيص وضعية الاهتمام بالسينما المغربية، ورصد حضور مفهوم الفضاء في أدبيات السينما عامة، وتحديد إشكالية الدراسة، في فصلين أساسين:

‌أ. فصل نظري:

ارتكز على أربعة مباحث، جاءت على الشكل التالي:

في المبحث الأول، تمت دراسة ثنائية المكان/ الفضاء،من خلال الوقوف عند حدود التماس والتداخل والانفصال بين اللفظتين، لبناء مفهوم جديد للفضاء، يصف تحققهما داخل البناء الفيلمي. حيث انطلقت الدراسة من تمييز فضاء خارجي يتم تصويره، عن فضاء داخلي تنتجه الآليات الفيلمية.

في المبحث الثاني،تم التركيز على آليات بناء الفضاء الفيلمي، كتحقق بصري على سطح الشاشة وفي عمقها، وخارجها. وقد تم الاعتماد في البداية على بعض التحديدات الأولية المتداولة في أدبيات الدراسات السينمائية التقنية والنظرية والمدرسية.وتتمثل هذه الآليات في التأطير وتحققاته، وفي زوايا النظر ومواقع وحركات الكاميرا.

في المبحث الثالث، تم التركيز على العلاقة الداخلية للفضاء في السينما مع باقي المكونات الفيلمية (الزمن – الشخصيات)؛ تلاها تسليط الضوء على العلاقة الخارجية مع الفنون البصرية التي اشتغلت على الفضاء (التصوير الفوتوغرافي -التشكيل – المسرح- النحت – المعمار – الرقص).

في المبحث الرابع، عرض الباحث  ثلاثة نماذج نظرية، ونموذجين تحليليين. واكتفى بذكر الخطوط العريضة لكل نموذج.

‌* نموذج أوديل باشلر Odile Bachler نموذج تطرق إلى دراسة الفضاء الفيلمي في أفلام الغرب الأمريكي، انطلاقا من عربة الخيول كمكون أساس في بناء الفضاء الفيلمي والفضاء الحكائي.

* نموذج أندريه غارديسAndré Gardies:  ينظر غارديس إلى الفيلم السردي من زاوية سيميو- سردية، معتبرا الفضاء مكونا جوهريا في الفرجة السينمائية، فيزيائيا وتشكيليا وبنيويا. ويقدم تصنيفا لأربعة أنواع من الفضاءات.

الفضاء السينمائي. الفضاء الحكائي. الفضاء السردي، فضاء المتفرج.

‌* نموذج أنطوان غودان Antoine Gaudin  وهو نموذج يعتبر الفضاء مقولة جوهر في السينما وفي الأفلام، من خلال ثلاثة معان: هي الفضاء معطى للعرض ناجم عن الوسائل التقنية. الفضاء إشكالية ذو طبيعة جمالية ودراماتورجية. الفضاء بناء نصف تجريبي ونصف تخييلي، ينتجعن التفاعل بين الفيلم، وبين النسق المعرفي للمتفرج.

بعد الفصل النظري، انتقل الباحث إلى الفصل التطبيقي، الذي درس فيه نماذج فيلمية مغربية متمثلة، في أربعة أفلام هي (بادس، وطرفاية، وأندرومان من لحم ودم، ودرب مولاي الشريف / الغرفة السوداء) وفق المنهج والخطاطة التحليلية المتحدث عنهما سابقا، وخلص إلى أن هناك اختلاف في تعامل هذه الأفلام، مع الفضاء الفيلمي، انطلاقا من نوع التأطيرات.

وخلص الباحث إلى أنه انطلاقا من التجارب الأربع المدروسة، يمكن أن نسائل السينما المغربية في علاقاتها بالفضاء؛ لكن الأمر يتطلب مقاربة استقرائية تتناول أفلام هذه التجربة في كليتها. وهو أمر لا يدخل في أهداف وغايات هذه الأطروحة، التي لا تتوخى سوى فتح المجال أمام دراسات مستقبلية متخصصة، تتعامل مع المنجزات الفيلمية من الداخل، بالتركيز أساسا على العلاقات والمكونات،حتى يتسنى امتلاك رؤية أكثر نضجا ووعيا وتأثيرا، لدى الباحثين والنقاد وعشاق السينما.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

نوفل براوي والقادري يشاركان في مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي

الفيلم الطويل كأس المحبة و الشريط القصير بندير لالة ينافسان على جوائز مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي… …