محمد المليحي

أصيلة تحتفي بروح فنانها العالمي محمد المليحي

بيت الفن

بمناسبة الذكرى الأربعينية للراحل محمد المليحي، ينظم مجموعة من الفنانين التشكيليين في مدينة أصيلة، مشغلا فنيا ترحما على روح أستاذهم المليحي  بإشراف من مؤسسة منتدى أصيلة.

وقال الأمين العام للمؤسسة، محمد بن عيسى، “إن هذا المشغل، الذي يمتد إلى غاية 27 نونبر الجاري بقصر الثقافة، يعتبر استحضارا روحيا وعاطفيا لروح الفنان العظيم الذي يعتبر أحد رواد تحديث الفن التشكيلي في المغرب”.

وأضاف السيد بن عيسى أن “الأعمال التي تنجز في هذا المشغل ستكون نواة المجموعة الفنية في متحف المليحي المزمع الشروع في إقامته في أصيلة من لدن مؤسسة منتدى أصيلة نهاية العام المقبل”.

وأشار البلاغ إلى أن محمد المليحي وصديقه محمد بن عيسى كانا قد أعطيا، قبل أربعين سنة، الانطلاقة لمشروع أصيلة الثقافي والفني بهدف دعم مشاريع التنمية الشاملة في المدينة عن طريق الثقافة والإبداع.

وأوضح أن هذا الأمر بدأ في أبريل 1978 حين نظمت أول عملية لصباغة الجداريات في أصيلة شارك فيها أحد عشر فنانا مغربيا، تبعها في شهر يوليوز من السنة نفسها، افتتاح “مشغل الحفر” بحضور الفنانين ر.أبولراش (غواتيمالا)، روبير بلاكبورن (الولايات المتحدة الأمريكية)، فريد بلكاهية (المغرب)، كامي بلويس (الولايات المتحدة الأمريكية)، سليم الدباغ (العراق) ،محمد الخليل (السودان/الولايات المتحدة الأمريكية)، محمد المليحي (المغرب)، وناصر سومي (فلسطين).

وسجل أنه منذ ذلك الحين، يشارك فنانون من المغرب والأمريكيتين وإفريقيا وأوروبا والعالم العربي في هذه التظاهرة الفنية .كما أنه تم الإعلان عن موسم أصيلة الثقافي الدولي الأول صيف ذلك العام.

محمد المليحي إذن من بناة موسم أصيلة، المدينة التي ولد فيها في ثلاثينات القرن الماضي، حيث تمكن هذا المهرجان على مدى دوراته المتعاقبة من أن يكون نادرا في أناقته لو قارناه بالمهرجانات الفنية العربية الأخرى، حيث هناك في مهرجان أصيلة شيء تفتقد إليه المهرجانات الفنية العربية الأخرى ألا وهو الحرية.

ليس من فراغ انخراط المليحي في هذه التظاهرة، المفتوحة، التي تحاول الاقتراب من الناس وتقريب الفنون والثقافة إليهم حتى في الشوارع، فقد انصب اهتمام الفنان في مرحلة من مراحله الفنية على تأثير الفن على المجتمع، وحاول استعادة دور ومكانة الفن في الحياة اليومية للناس وفي هواجسهم وعاداتهم، بعد أن أبعده ربما انفصاله عنهم عبر المغالاة في التجريب وإنكار المتلقي.

وكان وجود صديقه محمد بن عيسى على رأس السلطة في أصيلة مناسبة لتمرين جمالي بالنسبة إلى المليحي، تمرين كان يهدف إلى أن يشارك فيه الناس العاديون بأيديهم وأبصارهم وخيالهم، وقد صنع الرجلان مدينة خيالية، لها من الحكايات ما يشبه الأمواج التي ترتطم بيابستها، غير أن كل شيء في أصيلة كان يذكر بلوحات المليحي، وكأنما الرجل صنع مدينة تشبه لوحاته أو المدينة صنعت نفسها في لوحاته.

وبمرور السنوات تطور موسم أصيلة وتمكن من أن يصبح أهم تظاهرة ثقافية وفنية لا بالمدينة فحسب وإنما في المغرب ككل إضافة إلى إشعاعه العربي والعالمي الكبير، وفي كل سنة تقدم التظاهرة التي تنظمها مؤسسة منتدى أصيلة، مجموعة من السهرات والعروض والندوات والموائد المستديرة حول مواضيع مختلفة بمشاركة مفكرين وباحثين وإعلاميين ورجال سياسة مغاربة وأجانب، في إطار اللقاءات التي تنظمها جامعة المعتمد بن عباد الصيفية. وتناقش في كل دورة ثيمة فكرية أو ثقافية راهنة بكل جرأة وتحرر.

ويتوج موسم أصيلة الثقافي الدولي في نهاية فعالياته بحفل تسليم الجوائز لسكان مدينة أصيلة. المدينة التي تقع على شاطئ المحيط الأطلسي، والتي شهدت على مدى ثلاثة عقود من الزمن تحولات هامة، فعبر منتدى أصيلة الثقافي استطاعت أن تتحول إلى قطب ثقافي وسياحي هام، يحج إليها الآلاف من المثقفين كل سنة.

وتعد المدينة مركز إشعاع ثقافي كبير بالمغرب عامة وبمنطقة جبالة خاصة، وذلك لاحتوائها على أكبر معرض فني مفتوح في المغرب يتمثل في أزقة المدينة وأحيائها، كما تتميز بالنمط المعماري الأندلسي الأصيل.

إنجازات مهمة تحققها المدينة، ما كان لها أن تتحقق من دون الانطلاقة الأولى من مخيلة الفنان محمد المليحي وصديقه محمد بن عيسى. ونذكر أن محمد المليحي توفي أواخر شهر أكتوبر الماضي عن عمر 84 عاما، بعد دخوله لقسم العناية المركزة بأحد مستشفيات باريس على إثر إصابته بعدوى فيروس كورونا.

والمليحي من أبرز رواد الفن التشكيلي المغربي المعاصر، حيث يصفه الكاتب العراقي فاروق يوسف قائلا “يمد محمد المليحي خيطا خفيا من التأملات البصرية، ليصل إلى اللامتناهي من الأشكال التجريدية التي لا تعلن إلا عن درجة صفائها ورغبتها في أن تحلق وحيدة، منفصلة عن أصولها الواقعية، كما لو أنها تضفي من خصالها صفات على المشاهد الطبيعية التي لا يزال المليحي يهيم في مطاردة تجلياتها، مثلما كان يفعل في طفولته وهو المولود عام 1936 في أصيلة، البلدة الصغيرة النائمة على ساحل بحر الظلمات”.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

أحلام لمسفر معرض الأزرق

أحلام لمسفر تلون الحرية بـ”الأزرق” في معرضها الجديد بطنجة

فنانة تشكيلية تبهر متابعيها بأسلوب بسيط يسمح باكتشاف المعنى والعواطف والإحساسات… بيت الفن تواصل الفنانة …