بيت الفن
يكشف الفنان سمير صبري في مذكراته التي صدرت عن الدار المصرية اللبنانية في القاهرة تحت عنوان “حكايات العمر كله” أسرارا كثيرة عاشها في كواليس الحياة الفنية والسياسية عبر رحلة امتدت لما يقرب من نصف قرن.
ويؤكد الكتاب قصة زواج سيدة الغناء العربي أم كلثوم من الملحن الراحل محمود الشريف، وكيف أصبحت خطا أحمر عند مصطفى أمين، ويزيح الستار عن وقائع أخرى منها الأسباب التي دفعت عبدالحليم حافظ للتراجع عن قراره بالزواج من الفنانة سعاد حسني، بعد أن شاهد صورتها مع ممثل عالمي كانت تؤدي أمامه دورا سينمائيا مما أثار غيرة العندليب الأسمر، الذي كان يقضي لياليه يفتش عن “السندريلا” في سهرات أصدقائه.
وينفي الكتاب قصة انتحار سعاد حسني في لندن، مستعرضا تفاصيل أيامها الأخيرة.
ويصور الكتاب بانوراما شيقة للمناخ الفني والإعلامي في مصر منذ عصر جمال عبدالناصر وإلى الآن، موضحا العلاقة الوثيقة بين الفن والسياسة في حياة النجوم أمثال عمر الشريف وداليدا وإليزابيث تايلور وفاتن حمامة ومحمد فوزي وشادية وهند رستم وصباح وفريد الأطرش وعادل إمام والمطربة وردة وبليغ حمدي وميرفت أمين.
وشمل الكتاب مقدمتين، كتب الأولى وزير الآثار السابق الدكتور زاهي حواس، فيما كتب الثانية الكاتب والإعلامي مفيد فوزي، كما شمل ملحقا للصور التي تجسد رحلة المؤلف.
ويحكي صبري قصة خروج أول برنامج تلفزيوني قدمه إلى النور بعنوان “النادي الدولي” خلال ستينات القرن الماضي، واستضافة أبرز الشخصيات العربية والمصرية ومن بين هؤلاء السلطان قابوس، حاكم سلطنة عمان الراحل، والشيخ زايد آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل، وكذلك الكاتب توفيق الحكيم الذي ظهر على شاشة التلفزيون في إطلالة وحيدة مع سمير صبري الذي انفرد كذلك بآخر لقاء أجراه مع الإمام موسى الصدر.
ويستعرض سمير صبري الأسباب الحقيقية التي أدت إلى توقف برنامجه الشهير بأمر مباشر من الرئيس أنور السادات، ومدى صحة علاقة الفنانة فيفي عبده بهذا القرار الذي غيبه عن الشاشة، قبل أن يعود للظهور مرة أخرى في عصر مبارك عبر برنامج بعنوان “هذا المساء”.
ويعترف صبري بأنه خدع العندليب في اللقاءات الأولى، وزعم أنه صبي إنجليزي اسمه بيتر يسكن مع عائلته في نفس البناية. ويقول الفنان والإعلامي المعروف إن عبدالحليم ظل معتقدا في صحة هذا الزعم واستجاب لمطلبه في المشاركة في تصوير فيلم “حكاية حب”، حيث ظهر لأول مرة بين الكومبارس الذين يظهرون في أغنية “بحلم بيك” مع الإعلامية آمال فهمي، وبفضل عبدالحليم حافظ أيضا تعرف سمير صبري على الفنانة لبنى عبدالعزيز وشارك في برنامجها الإذاعي “ركن الأطفال”، وبدأت منه رحلته مع الإذاعة.
ولأول مرة يروي سمير صبري أسباب إخفاء خبر زواجه وحقيقة وجود ابن له يعيش في إنجلترا، وينشر صورا لأفراد أسرته، مؤكدا أن الفن “سرق حياته”، ويعترف بأنه أحب 3 فنانات لم يصرح بأسمائهن في الكتاب.
ويركز الفنان والإعلامي المعروف على سنوات نشأته وتكوينه في مدينة الإسكندرية، معتبرا أن الطابع التعددي للمدينة ساعد على إبراز مواهبه وتأهيله ثقافيا للانخراط في الحياة الفنية بعد ذلك، لافتا إلى دور عائلته التي أتاحت له تعليما متميزا في كلية فيكتوريا التي تخرجت منها أسماء بارزة منها الملك حسين عاهل الأردن الراحل والفنانون عمر الشريف وأحمد رمزي ويوسف شاهين، وخلال سنوات التكوين هيأت العائلة أمامه مكتبة زاخرة بمختلف المؤلفات في كافة مجالات العلم والأدب.
وعبر 304 صفحات يثمن سمير صبري أدوارا لعبتها أسماء مهمة في دعم مسيرته ووقفت إلى جواره عند ظهور كـ”مذيع” لأول مرة، وأولها وزير الإعلام المصري الراحل الدكتور عبدالقادر حاتم، المعروف بأبو الإعلام المصري، والإعلامية الرائدة آمال فهمي والإعلامي الراحل جلال معوض، إضافة إلى ليلى رستم أشهر مذيعات التلفزيون المصري عند تأسيسه.
الكتاب يصور بانوراما شيقة للمناخ الفني والإعلامي في مصر منذ عصر جمال عبدالناصر وإلى الآن، موضحا العلاقة الوثيقة بين الفن والسياسة في حياة النجوم
ويشيد صبري بدور المخرج حسن الإمام في حياته حيث أسند إليه أول بطولة سينمائية ومكنه من تجاوز الأدوار الصغيرة، كما يوضح صورا من الدعم الذي وجده من الأخوين علي ومصطفى أمين.
ويذكر صبري أن التجارب التي غيرت حياته كانت نتيجة لمصادفات، فقد جاء للقاهرة بعد مصادفة انتقال والده للعمل فيها بدلا من الإسكندرية، وبسبب مصادفة تواجده في كواليس حفل افتتاح مهرجان التلفزيون الدولي الأول، تقدم ليلعب دور المذيع بعد أن تسببت ليلى رستم في أزمة كادت تؤدي لانسحاب نجوم الحفل، لكنه أنقذ الموقف ووصفته الصحافة بـ”صانع البهجة” الذي لمع ليلة افتتاح المهرجان رغم أنه كان آنذاك لا يزال طالبا في السنة الأولى بآداب الإسكندرية.
وبسبب صدفة أخرى طلبت منه لبنى عبدالعزيز أن يمثل في فيلم “اللص والكلاب” مع المخرج كمال الشيخ الذي شجعه على تكرار التجربة مؤكدا أنه أمام “ممثل رائع”.
وطوال مسيرته نال سمير صبري العديد من الجوائز والتكريمات أبرزها تكريم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2018، وقد وصفه الراحل أنيس منصور بـ“سفير الحب“، وقال عنه يوسف إدريس: الفنان صديق الكاميرا، أما الروائي خيري شلبي فقد رآه “عاشق الفن الذي لا يهدأ”.