بيت الفن
يعود المخرج الأمريكي سبايك لي مع فليمه الطويل الجديد “دا 5 بلادز” من إنتاج “نتفليكس” التي طرحته على منصتها، اليوم الجمعة، ويستكمل من خلاله السعي لتمثيل أفضل للسود عبر سينما ملتزمة سياسيا.
وفي ظل الزخم المتزايد لحركة مناهضة العنصرية في الولايات المتحدة إثر وفاة جورج فلويد، يطرح المخرج الأمريكي فيلما ينسجم تماما مع مجريات المرحلة الراهنة رغم ارتباطه الوثيق بحرب فيتنام.
ويروي العمل قصة عودة أربعة أمريكيين سود من المقاتلين السابقين إلى فيتنام لتسلم رفات قائد دوريتهم الذي قضى في معركة في الأدغال، وللبحث عن شحنة ذهب مخبأة نزولا عند نصيحة أحد رفاق السلاح السابقين.
غير أن هذه المهمة لا تحصل وفق الخطة المرسومة ويتحول الفيلم من عمل استكشافي عابق بالحنين إلى الماضي إلى فيلم تشويقي.
ويضم العمل كوكبة من الممثلين اللامعين بينهم تشادويك بوزمان (بلاك بانثير) بدور قائد صاحب كاريزما عالية يظهر دائما في مشاهد استعادية، وحفنة من الممثلين الكهول بأدوار ثانوية. إلا أن سبايك لي لا يكتفي بفيلم تشويقي عن أمريكيين في فيتنام، إذ يتضمن العمل إشارات عدة إلى أفلام قديمة بينها خصوصا “أبوكاليبس ناو”.
ويتطرق “دا 5 بلادز” إلى مواضيع متفجرة عدة، وقد شكل هذا الاستكشاف المشوق لتاريخ منطقة كانت تعرف بالهند الصينية مقدمة للخوض في مكانة السود في التاريخ الأمريكي.
ويذكر سبايك لي طوال الفيلم بأن الأمريكيين السود شكلوا مدعما أساسيا في سائر المراحل الكبرى في التاريخ الأمريكي، وقد دفعوا بالدم فاتورة باهظة نتيجة هذه التحولات.
فمنذ تأسيس البلاد إلى سلسلة الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة، لطالما كان السود يدفعون ثمنا باهظا في مقابل النهوض بالأمة.
ويقول قائد الدورية نورمان لرفاقه قبل أن يموت “لطالما ضحينا بأرواحنا منذ البداية أملا في أنهم سيعطوننا المكان الذي نستحق. وجل ما حصلنا عليه كان الركل على مؤخراتنا”.
ويرمز الذهب الذي يسعى الجنود القدامى إلى استرجاعه إلى التعويضات التي يطالب بها جزء من السود، وأبعد من ذلك إلى الاستعباد والتمييز العنصري الذي تعرض له الأمريكيون السود على مدى 400 سنة.
وكما فعل مع فيلمه السابق “بلاكككلانسمان” BlacKkKlansma الذي حاز بفضله جائزة أوسكار أولى له والجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي، قدم المخرج البالغ 63 عاما نظرته إلى تطورات الساعة مع تطرقه إلى دونالد ترامب وأيضا إلى حركة “حياة السود مهمة”.
وأوضح المخرج المتحدر من بروكلين في نيويورك لقناة “سي.بي.أس”، أخيرا، “ما أراه في الشوارع اليوم هو ما أتذكر حصوله في صغري خلال الستينات”، مشيرا إلى التظاهرات الكبرى التي شهدتها الولايات المتحدة خلال نهاية هذا العقد، خصوصا للاحتجاج على حرب فيتنام والمطالبة بالحقوق المدنية.
وفي مؤشر إلى ميله للتعقيد، جعل سبايك لي من الشخصية الأكثر ثراء في “دا 5 بلادز” (يجسدها الممثل ديلروي ليندو) مؤيدا أسود لدونالد ترامب يعتمر بفخر قبعة تحمل شعار الرئيس الجمهوري “أعيدوا إلى أميركا عظمتها”.
وأوضح المخرج الذي كان مفترضا أن يترأس مهرجان كان السينمائي هذا العام “هو يفهمكم سبب اعتماره هذه القبعة ويجعلكم تتعاطفون مع شخصيته”.
وبعد أكثر من ثلاثة عقود من فيلمه “دو ذي رايت ثينغ” الذي يشبه بنهايته قصة وفاة جورج فلويد، يواصل سبايك لي تجسيد نمط سينمائي للأميركيين السود بمنحى ملتزم وقريب من الجمهور في آن واحد.