طفح الكيل

تتويج “طفح الكيل” بجائزة أفضل فيلم روائي بالأردن

بعد فوزه بجائزة الحريات والإسهام الفني بالأقصر

 بيت الفن

توجت المشاركة المغربية في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان، الذي اختتمت فعالياته أمس الخميس بالعاصمة الأردنية عمان، بنيل الفيلم المغربي “طفح الكيل” لمخرجه محسن بصري جائزة أفضل فيلم روائي طويل (ريشة كرامة).

وعبر المخرج المغربي محسن بصري، الذي سبق له الفوز بجائزة الحريات والإسهام الفني من مهرجان اﻷقصر للسينما الإفريقية عن الفيلم ذاته، عن سعادته بمشاركة وفوز فيلمه “طفح الكيل” في المهرجان، الذي شهد عرض 100 فيلم من 36 دولة حول العالم.

وقال بصري، الذي يعرض فيلمه حاليا ضمن برنامج خميس السينما المنظم من طرف جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان برسم شهر دجنبر 2019. في مدن الدار البيضاء، الرباط، والقنيطرة، أكادير، وخريبكة، إن الفيلم صرخة ضد الفساد والمفسدين.

الفيلم يعرض حاليا ضمن برنامج خميس السينما المنظم من طرف جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان في مدن الدارالبيضاء الرباط، والقنيطرة أكادير وخريبكة

يروي المخرج المغربي محسن البصري القصة المباشرة التي ألهمته في فيلم “طفح الكيل” الروائي (86 دقيقة)، حين التقى شاباً مغربياً اسمه أيوب ينوي مغادرة بلاده، فسأله: ألا تحب وطنك؟ قال: هو لا يحبني. يقول المخرج أثناء مناقشة فيلمه ضمن عروض مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمّان، إنه سأل الشاب الذي عينه على بحر سيخوض غماره: هل تتقن السباحة؟ قال: لا. في الفيلم الذي حاز تقديراً لدى جمهور السينما ونقادها، تبدأ الحكاية من محاولة انتحار شاب رمى نفسه من جسر، لكنه يسقط فوق شاحنة أغنام، ليدخل المستشفى ويعالج من بعض الرضوض التي أصابته.

غير أن هذه الشعلة الافتتاحية ستكبر وتسلط الضوء الساطع على أيوب، الطفل الذي تصادف وجوده في السيارة، ضمن طابور سيارات طويل تعطل بسبب حادثة الانتحار الفاشلة على الجسر. تحمل السيارة الطفل أيوب وأباه إدريس (أدى الدور رشيد مصطفى)، وأمه زهرة (فاطمة الزهراء بن ناصر)، القادمين من قرية على البحر، حيث يكتري الزوج قارباً للصيد، ويجني رزقاً شحيحاً. وهنا داخل السيارة يقطعون طريقهم إلى المدينة، لمعرفة سبب الصداع الذي يهاجم رأس طفلهما.

اختار المخرج اسم أيوب الذي لا يتقن السباحة، ويسعى للفرار من بلاده، ومنحه لطفل في فيلم روائي، مهدد بالشلل، ولا يملك فرصة المغامرة لقطع البحر.

يصبح المستشفى عالم الفيلم، وتجتمع فيه قصص عديدة تقع جميعها تحت نير فساد المؤسسات الطبية، وغياب العدالة في توفير الصحة للمواطنين الفقراء، الذين يلجأون إلى المشافي العمومية، فيجدون عناية طبية سيئة، وثقافة راسخة للرشوة.

استطاع المخرج البصري، حسب الكاتب، محمد هديب، استثمار خبرته في الرياضيات، وهو المدرس الذي ترك منذ خمس سنوات سلك التعليم في سويسرا حيث يقيم، إذ أدار سيناريو محكما، فجمع كل شخوص الفيلم ليكون “الأبطال” الضحايا حاضرين بقوة، من الكومبارس حتى الطفل أيوب وعائلته. جميعهم في عين الكاميرا، بعدالة فنية مثلت صرخة في وجه العدالة المنتهكة على الأرض.

يحتاج الطفل إلى عملية جراحية تتكلف 80 ألف درهم في مشفى خاص ينبغي أن يحول إليه، لفقر الإمكانات في المشفى الحكومي، وتتصاعد الأحداث إلى ذروة التوتر مع صفقة بيع طفل “غير شرعي”، لعم الطفل، إلى زوجين سويسريين لا ينجبان، بغية توفير المبلغ الكبير، كي يعود أيوب يمشي على ساقيه.

يقول البصري إن مصير أيوب يمكن أن يعالج بحلول درامية سريعة، إما بشفائه أو موته، بيد أنه اختار النهاية المفتوحة، كما اختار الجسر مكان البداية الذي شهد محاولة الانتحار، مكاناً للخاتمة حيث ذهبت الجموع، من المشفى ومن خارجه لتقف على الجسر، تصاحبها أغنية الراب “طفح الكيل” من كلمات الشاعر أحمد مطر.

هكذا أراد البصري أن يقول: إذا كانت البداية مع شاب حاول الانتحار، فما رد فعلك يا وطن إذا ذهب الآلاف إلى الجسر ذاته؟

مثل المستشفى استعارة أعمق من وجهة نظر المخرج، الذي كان بين خيارين أن يكون فيلمه في مستشفى أو مدرسة.

إن جهده في البحث المسبق للحصول على الحساسية الملائمة، قاده إلى أقسام المستعجلات (الطوارئ)، فكان يعاين طوابير الانتظار، واستعان بمجموعة أطباء أجابوا عن أسئلته التي أفادته في ترجمة فكرته القديمة عن البلاد التي تلفظ أبناءها.

من الحظوظ الجيدة للفيلم، حسب الناقد محمد هديب، أن مخرجه عثر على مستشفى مغلق، أعاد تأهيله ودخل فيه العشرات من الكوادر الطبية والتمريضية والمراجعين البؤساء. من الجارح أن ثمة مراجعين صاروا يجيئون إلى المستشفى، ظانين أنه فتح من جديد.

كان أداء الممثلين ممتازا، وكانت الجموع التي ترصدها الكاميرا، كأنها تعيش واقعها دون تدبير إخراجي، كما نجح الفيلم في تقديم وجبة من الكوميديا السوداء، التي تدفع المشاهد في بؤرة واقعه. فلا يبدو غريباً أن يندلع الصياح في المستشفى لدى متابعة مباراة لبرشلونة، الأمر الذي يخرق تقاليد المستشفيات. لكن الفساد المستشري والاستهانة بحياة الفرد، ليس بيدها أن تحتج على إعطاء موعد طبي لمريض بعد عام أو أكثر، مريض لا يملك المطلوب.

يشار إلى أن محسن بصري مخرج مغربي ولد سنة 1971 في مدينة مكناس بالمغرب. تابع دراسته الجامعية في الفيزياء بكلية العلوم بمدينة الرباط، ثم انتقل إلى سويسرا لدارسة الإعلام، وعمل مدرسا لمادة الرياضيات.

بعد تجارب متعددة كمساعد مخرج، قام بإخراج فيلمين قصيرين، شارك في كتابة سيناريو الشريط الطويل “عملية الدار البيضاء” لمخرجه لوران نيغر. ليتفرغ إثر ذلك لكتابة فيلمه “المغضوب عليهم”، الحائز على جوائز مهمة، ثم فيلم “العزيزة”، و”طفح الكيل”.

والجدير بالذكر أن مهرجان “كرامة” لأفلام حقوق الإننسان، المنظم تحت شعار “جيل كرامة إلى الأمام”، يهدف إلى إنشاء منصة ثقافية للفنانين وصناع الأفلام وعامة الجمهور للمشاركة في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، وكرامة الإنسان، والدعوة إلى النقاش وتشجيع التفكير النقدي والمشاركة المدنية، والحوار الديمقراطي المفتوح بشأن قضايا حقوق الإنسان بين مختلف المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، والجمهور الأوسع، وكذا الترويج لفنون الشاشة التي تتخذ من قضايا حقوق الإنسان موضوعا لها.

كما يهدف، بالأساس، إلى فهم القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، ودعوة المزيد من الناس للانخراط في هذه القضايا من خلال الفيلم والفن.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

الجوهري والصافي من المشاركين في مهرجان كرامة السينمائي

تحت شعار "ذاكرة الإنسان"، انطلقت يوم السبت 26 دجنبر 2020، فعاليات الدورة الـ11 لمهرجان كرامة لأفلام...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *