رحل عن عمر لم يتجاوز 36 عاما لكنه ترك إرثا ثقافيا قد يعمر الدهر كله
بيت الفن
حلت يوم الثلاثاء 9 أبريل 2019، الذكرى الـ83 لميلاد المبدع الفلسطيني غسان كنفاني، الذي شكلت رحلته واحدة من المدارس الإبداعية النضالية في تاريخ الشعب الفلسطيني، التي ما زالت تنهل منها الأجيال، وتتمسك بمبادئها، كونها أسست لمفاهيم المظلوم الذي يدفع عن نفسه ظلم المحتل، والظروف القاسية التي فرضت عليه.
ورغم قصر عمر كنفاني الذي لم يتجاوز 36 سنة، فإنه ترك أعمالا أدبية في أكثر من جنس أدبي تجاوزت 13 عملا، منها الرواية والقصة والنص المسرحي والمقال السياسي.
ويقول الناقد محمد بكر البوجي، “شكل كنفاني مدرسة صحفية وروائية في الوطن العربي خاصة في أعماله (رجال في الشمس) و(عائد إلى حيفا)، وأزعم أن أقسى رواية كتبت عن الحياة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كانت رواية (ما تبقى لكم)”.
ويضيف البوجي “غسان علامة فارقة مع إميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا، في الإبداع الفلسطيني الحامل للقضية، ونستطيع تشكيل ملامح واضحة للنكبة من خلال رواياتهم، بل صارت بعض شخصيات غسان نموذجا للسخرية من القيادات الفاشلة العقيمة مثل شخصية (أبو الخيزران) وشخصية الأم المتأصلة في روايته (أم سعد)”.
وتابع “رحل غسان عن عمر لم يتجاوز 36 عاما، لكنه ترك إرثا ثقافيا قد يعمر ألف عام قادمة وسيبقى أثره في الأجيال العربية عبر التاريخ”.
ولد غسان كنفاني في عكا شمال فلسطين في 9 أبريل 1936، وانتقل إلى مدينة يافا للدراسة حتى احتلال فلسطين عام 1948.
ورغم صغر سنه فإنه رفض سياسة الوصاية على الشعب الفلسطيني، واضطر للخروج من الوطن بعد المجازر الإسرائيلية التي ارتكبت في مدن وقرى فلسطين، فكانت لبنان أولى وجهاته وانتقل منها إلى سوريا والكويت، ليأخذ موقعه كصحافي وأديب لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والتعريف بالقضية الفلسطينية، وهذا ما أبرزه كناشط في أحد الفصائل اليسارية التي اعتمدت أسلوب الاشتباك المباشر مع العدو، الأمر الذي دفع كنفاني حياته ثمنا له، بعد عملية اغتيال نفذت بحقه في بيروت عام 1972.
ويعد غسان كنفاني مثقفا من طراز مرموق، أثبت حضوره بعد أن أسس حاضنة أدبية مع أبناء جيله من الكتاب للقضية الفلسطينية، وكان من مؤسسي الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين وهو من وضع شعار (بالدم نكتب لفلسطين) المرفوع حتى اليوم رغم المتغيرات العاصفة.
وتناول كنفاني في أعماله الأدبية الـ18 من رواية وقصة ومسرح ومقال سياسي ودراسات، الهم الفلسطيني العام، وسلط الضوء على المنفى، والمخيمات وحياة الفلسطيني القاسية، في الوقت الذي كان يعزز فيه فكرة المواجهة مع المحتل، واستقطاب التأييد للقضية الفلسطينية، واعتماده على القومية العربية منهجا للخلاص.
رغم سنوات عمر كنفاني المعدودة ورحيله وهو شاب وفي ذروة إبداعه، أجمع نقاد الأدب على أنه ترك 18 عملا أدبيا مميزا شكلت خزانا ثقافيا وطنيا يعتد به، ومددا مغذيا للذاكرة الفلسطينية.