طنجة

دوزيم تسوق سلعتها في المهرجان الوطني للفيلم

بيت الفن

أفلحت القناة الثانية في وضع بصمتها على الأفلام الفائزة في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، وتسويق منتوجها من خلال رضا بنجلون نائب مديرة قسم الأخبار، الذي حضي خلال الدورة العشرين بعضوية لجنة التحكيم، ورضا بنجلون صحافي ومنتج له المسؤولية المباشرة في اختيار وانتقاء الأفلام الوثائقية ودعمها من خلال شبكة العلاقات والشراكة التي تجمع دوزيم بصناديق الدعم الفرنكوفونية أو العربية، وهو ما يعني تعارض أخلاقي بين موقع القناة من خلال رضا بنجلون كمنتج منافس وحكم في الآن نفسه، في مثل هذه اللحظات تختلط الأمور فكيف لمخرج مغربي حتى ولو كان رئيسا للجنة التحكيم ألا يأخذ بالاعتبار وجهة نظر ممثل قناة عين السبع، وهو يلقي بجمرته الحارقة في المجمع، فقبل التعقيب عليه أن يتذكر أنه إذا خرج عن الخط الأحمر سيكون محظورا عليه الاقتراب من الكيلومتر سبعة، فلا غرابة إذن أن تحظى الأفلام المدعمة من طرف القناة بأبرز الجوائز التي جاءت مفصلة على المقاس، نتائج خلفت استياء في صفوف المخرجين والمنتجين، وبعض أطر المركز السينمائي المغربي.

وإن كنا لا نحط من قيمة الأفلام المتوجة، من حيث سويتها الفنية أو ما تناولته من قضايا، غير أن هذا لا يعني أنها تفوقت على أفلام لحقها الظلم كما هو الحال لفيلم “نذيرة” لكمال كمال، الذي حظي بإشادة النقاد وإعجاب الجمهور، حيث كان مرشحا بقوة للجائزة الكبرى، أولا لتناوله لموضوع دو أبعاد كونية، يحمل رؤية فلسفية ثقافية سياسية اجتماعية جمالية، لم تسقط في المباشرة أو التعقيد، بل سعت إلى تمرير خطابها بروح جمالية تثير الإدهاش والفرجة وتشد نفس المشاهد، مع أن الحكاية تدور في فضاء واحد وهو الزنزانة لكنه متعدد الأزمنة، وفق بناء درامي شديد التركيز خالي من الحشو والإطناب، ويمنح المشاهد أفقا للتأويل تبعا لمرجعيته الخالصة، مع التحليق به في عوالم استعارية اعتمادا على اللقطات التركيبة التي تمتح من اللغة الرقمية وتحويلها إلى لغة سنيمائية معبرة، بديعة التصاميم تحيل على عوالم الكوابيس والحلم والفانتازيا وأحلام اليقظة، ولم تسقط في استعراض مهارات تقنيات الإبهار التقني على مستوى الإنارة والمؤثرات التقنية التي سارت فيها بعض الأعمال دون أن تقول شيئا، أو تقدم معنى.

المخرج كمال كمال، استطاع أن يدمج المشاهد في دواخل الشخصية، الممثلة جيهان كمال التي حملت على أكتافها الفيلم، وكانت الأحق بأحسن دور نسائي أول ولا ثاني، لأن لجنة التحكيم كان لها رأي آخر أزاح أسماء أخرى لترضية الراضي والمرضي، وهذا هو المطلوب في تسويق منتج لسلعته.

لن نناقش مجمل العروض، التي حظيت برضا اللجنة، ونكتفي بالفيلم الوثائقي الفائز بالجائزة الكبرى للمهرجان “نبضالأبطال” للمخرجة هند بنصاري، الذي سبق أن قدمته القناة الثانية، وحصل على دعمها إلى جانب مؤسسات كبرى كالمكتب الشريف للفوسفاط، ويتناول الفيلم قصة مؤثرة عن معاناة بطلين في رياضة رمي الجلة، من ذوي الاحتياجات الخاصة، يقاومان الفقر والإعاقة وغياب الرعاية اللازمة، في طريقهما للمشاركة في الأولمبياد الخاص. نعم هو فيلم ذو عمق إنساني اجتماعي، ومحبوك بطريقة جيدة، جعلته ينفذ إلى قلب المشاهد، يعكس جهدا فكريا وماليا ووقت طويلا على مستوى الإنجاز، وقد يؤهله للحصول على بعض الجوائز، لكن وفي المقابل ألا يحظى فيلم وثائقي آخر “حياة مجاورة للموت” المتوج في مهرجان العيون بالجائزة الكبرى وجائزة الإخراج والمونطاج، ولو بتنويه، مع أنه لم يحصل إلا على 70 مليون سنتيم، وتطلب إنجازه ثلاث سنوات من البحث، ووظف أرشيفات نادرة، وكشف عن وثائق حصرية، واعتمد على إعادة بناء المشاهد التمثيلية، والرسوم البيانية بأبعاد ثلاثية، وحاول اعتماد معالجة مركبة، تاريخية، سياسية، حقوقية خالية من الدعاية المجانية، فإن ذلك يثير الإحباط لمن يرغب في إنتاج أفلام وثائقية مستقلة.

جائزة الإنتاج، كان من الأولى أن تقدم لمنتج استثمر من أمواله، خارج صندوق الدعم حتى ولو أن الفيلم ظل يتراوح في معالجته بين الدراما والكوميديا، مما جعله يفقد البوصلة، لكن هذا لا يمنعه من الحصول على جائزة الإنتاج مقارنة بأفلام وفر منتجوها المال من صناديق الدعم.

ما قيل عن الفيلم الطويل يمكن قوله عن الفيلم القصير، فالفيلم المتوج وبالعودة إلى الجهة الداعمة نجده يحمل توقيع “أستديو أورونج”، من ضمن داعميه، وهذه المؤسسة كانت ممثلة في عضوية لجنة التحكيم عن طريق ممثلتها في المغرب، هنا نسد القوس ونقول و”كفى المؤمنين شر القتال”.

عن بيت الفن

شاهد أيضاً

وداعا عاشق السينما وصديق الجميع.. عبد الحق المبشور

الراحل المبشور قد اجتمعت فيه خصال تفرقت في غيره.. فقد كان خدوما لكل الناس بلا …