باعتباره فيلما سينمائيا يعنى بنشر ثقافة حقوق الإنسان
بيت الفن
في ثالث نشاط له خلال موسمه الرابع، ينظم النادي السينمائي الحقوقي التابع لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، عرضا خاصا للشريط السينمائي المغربي “باسطا” لمخرجه حسن دحاني.
ويتميز اللقاء، الذي يحتضنه المقر المركزي للجمعية بالرباط بعد عصر يوم غد الجمعة فاتح فبراير 2019 بمناقشة الشريط السينمائي، الذي يكشف تناقضات المجتمع المغربي، بحضور مخرج الفيلم وثلة من الحقوقيين، والسينفيليين والإعلاميين.
وتم إدراج عرض فيلم “باسطا”، الذي يعد أول تجربة سينمائية طويلة لمخرجه حسن دحاني، ضمن أنشطة الجمعية لعرضه باعتباره منتوجا فنيا يعنى بنشر ثقافة حقوق الإنسان.
ففيلم “باسطا” من التجارب السينمائية المغربية الجادة التي تناولت التناقضات، التي يعيشها المجتمع المغربي، في قالب درامي يزيل الأقنعة ويعري الواقع ليقرب المشاهد من معاناة الشباب مع البطالة والفقر والمخدرات والقمع، الذي يولد العنف.
كما أنه فيلم يخاطب كل فئات المجتمع فهو يلامس عدة قضايا اجتماعية راهنة تخص الجميع، بطريقة بعيدة عن الإثارة المجانية، التي تسيء للمغرب وللإنسان المغربي، وعن الكليشهات المستفزة والكلام الساقط، رغم أن موضوع الفيلم يغوص في العوالم السفلية للمجتمع (تعاطي المخدرات والمتاجرة فيها، والعلاقات اللاشرعية…).
المغرب كمثله من بلدان العالم، خصوصا العالم النامي، يعيش جملة من المشاكل، لكن هذا لا ينفي أنه بلد حداثي يعيش حراكا، ويشق طريقه نحو الأفضل، من خلال التحولات الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها. لذلك حاول مخرج الفيلم أن يكون منصفا وموضوعيا، بإبراز الانتقال الديمقراطي والتعايش والمصالحة، من خلال رجل السلطة الشرطي، الذي يحاول التقرب من جارته الثورية التي تقود المظاهرات، إلى درجة أنه أهداها وردا بعد إصابتها في إحدى الوقفات الاحتجاجية، معبرا عن التصالح، الذي عاشه المغرب من خلال ما عرف بالإنصاف والمصالحة.
فالفيلم الذي يستمد عنوانه من كلمة إسبانية “باسطا” متداولة في المغرب وتعني “انتهينا” أو “صافي باراكا” شريط يتوغل في خبايا الواقع المغربي.
لقد قدم دحاني فيلما حابلا بسلسلة من التناقضات الاجتماعية المتداخلة في ما بينها، في تيمة واحدة، حاول دحاني تبسيطها وتقديمها بلا مساحيق أو (رتوشات).
يأخذنا دحاني من خلال الفيلم إلى العوالم السفلية عبر (فاروق بارون المخدرات وعصابته، وضحاياه نوفل وسعاد..)، وعمق مدينة الرباط، حيث يعشعش الفقر بين سكان الكاريانات والبناء العشوائي، الذين تقطعت بهم سبل العيش بعد قدومهم من البوادي المجاورة. والمظاهرات، التي باتت أمرا طبيعيا مع رياح الربيع العربي.
شكلت بداية الفيلم لغزا حقيقيا، فكه دحاني عبر تقنية الـ(فلاش باك)، يتعرض بارون المخدرات فاروق للسطو من قبل عصابة من ثلاثة شباب، شابان جمعهما الإدمان. وشابة في ربيعها السادس عشر، اضطرتها ظروفها إلى الارتماء في أحضان (نوفل) المدمن، الذي وجدت فيه الخلاص من واقعها المزري.
رغم جهود والده في إعادته للطريق الصحيح يتمادى (نوفل) في ارتكاب جرائمه ويدخل السجن، وبعد خروجه يطرده والده من البيت.
حاجة الشباب الثلاثة إلى المال دفعتهم إلى تكوين عصابة، حيث سيتم السطو على بارون مخدرات، بعد خداعه والإجهاز عليه وسلبه مبلغا كبيرا تحصل عليه من عملية تهريب ضخمة، أثناء تنفيذ العملية يسترد (فاروق) وعيه ويطلق النار على (نوفل) و(سعاد)، بينما يلوذ صاحبهما بالفرار بعد استيلائه على المبلغ كله.
الفيلم من بطولة فهد لشهب، ورانيا التاقي، وعبد اللطيف شوقي، ولطيفة أحرار، والعديد من الوجوه الفنية الجديدة التي قدمها حسن دحاني للسينما.
يشار إلى أن الفيلم صور في أماكن متفرقة من المغرب من بينها الصحراء المغربية وتحديدا مدينة الداخلة التي اختارها المخرج لعدة أسباب أولها أن الأب كان يريد التقرب أكثر من الابن، الذي لم يعد يعرفه، لذلك اختار سفرا طويلا بالسيارة كمكان مغلق يفرض على الإبن البقاء أطول مدة ممكنة مع والده.
كما أراد المخرج أن يعيد الاب إلى الجذور (الأصل)، مختارا التوجه إلى الصحراء كمكان بكر معروف بنقائه وطبيعته التي لم تتغير ولم تتأثر بالمد العمراني، بعدما سلبت منه المدينة بمتناقضاتها أغلى ما لديه الابن.