بيت الفن
دعا خبراء سينمائيون، على هامش فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، النقد السينمائي الكلاسيكي إلى استثمار وسائل الإعلام الجديدة بهدف ضمان استمرارية الشغف بالفن السابع، في ظل انتشار ما يسمى بثقافة “البوز” (الإثارة) التي تفرضها شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الصدد، قال رئيس مؤسسة مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، نور الدين الصايل، في مداخلة في إطار الندوة الرئيسية لهذه الدورة تحت عنوان “النقد السينمائي في عصر شبكات التواصل الاجتماعي”، إن “النقد السينمائي، الذي يمثل عملا أدبيا له علاقة مباشرة بالفيلم، يعيش نوعا من الركود وقد يصبح متجاوزا”.
وأكد الصايل أنه في ظل “القوة” المؤكدة اليوم لشبكات التواصل الاجتماعي، أصبح في الإمكان مشاهدة فيلم أو تقييمه حتى قبل عرضه الرسمي، بسبب سرعة انتشاره على شبكات التواصل، مؤكدا أن مواقف النقاد في مهرجان ما يمكنها أن تؤثر اليوم في مسيرة أي عمل.
كما أبرز أن مفهوم سرعة الانتشار لم يكن له وجود قط في النقد التقليدي، وهو ما يمكن أن يحمل مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي على “التحدث بلغة مختلفة بهدف إثارة ما يسمى بـ”البوز”.
أما الأكاديمي بوبكر الحيحي، فيرى أن الوسائط الورقية لم تعد هي المجال الوحيد للنقد السينمائي، الذي بات يتطور أكثر على الإنترنت، مثلما لم تعد د ور السينما مكانا حصريا لعرض الأفلام التي أصبحت متاحة في المنزل على وسائط رقمية.
وأضاف رئيس نادي سينما الأطلس بمراكش أن هذا التحول يجعل السينما تتطور بعيدا عن إطارها التقليدي، ولذلك يجب على النقاد الكلاسيكيين أن يعملوا على استثمار الوسائط الرقمية التي يمكن أن تستوعب النص والصوت والصورة وأن يتخلصوا من الحنين إلى الماضي لضمان استمرارية الولع بالسينما.
من جانبه، أشار الناقد السينمائي السنغالي بابا ديوب إلى أنه قبل البدء في العمل النقدي، يجب أن يكون الناقد على بينة من مختلف التيارات والحركات السينمائية، وذلك لامتلاك الأدوات اللازمة للدفاع عن السينما التي تتجاوز التسلية، مبرزا مدى تشعب العناصر التي تكون هيكل الفيلم، ولكل منها لغته الخاصة.
وقال ديوب إنه سواء تعلق الأمر بالإضاءة أو الموسيقى أو الملابس، فإن السينما هي ملتقى للفنون الأخرى ولمختلف العناصر التي تسهم في إنتاجه، معربا في الوقت ذاته عن أسفه لعامل السرعة الملازم للشبكات الاجتماعية، ما يعني أن النقاد لم يعد لديهم ما يكفي من الوقت للحكم على العمل.
وأضاف أن النقد أولا وقبل كل شيء هو التفكير في عمل الآخرين والرغبة في جعل الأشياء مفهومة وفي تقاسمها، بعيدا عن ثقافة “البوز” التي تسود في الوقت الحالي.
من جهته، أوضح الناقد الفرنسي سيرج توبيانا، الذي حضر الدورة الأولى من مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة سنة 1977، أنه قبل ظهور عصر الرقمنة، كان الناقد يأخذ مكانه بين الشاشة والمشاهد، مبرزا أن عمله يقوم على ثلاث كلمات بسيطة: شاهدها واكتب وأرسل.
وشدد عضو لجنة تحكيم مهرجان “كان” سنة 1992 على أن الفيلم أصبح في الآونة الأخيرة موضوعا افتراضيا منتشرا على العديد من الوسائط، ما أدى إلى تعديل الرابط بين المشاهد والفيلم، ومن ثم تحويل الناقد إلى متلق.
وتتواصل فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، المنظم إلى غاية الـ22 دجنبر الجاري تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث يتنافس على الجائزة الكبرى لهذه الدورة التي تحتفي بالسينما الأنغولية، 15 فيلما تمثل إلى جانب المغرب 13 دولة إفريقية هي الكاميرون والجزائر والبنين ورواندا وكينيا وجنوب إفريقيا وتونس وزامبيا ومالي والكونغو برازافيل والكوت ديفوار وتنزانيا وغانا.