كان من أبرز المهتمين بتراجم أعلام الغرب الإسلامي
بيت الفن
فقدت الساحة الثقافية المغربية والعربية الأديب والباحث والأكاديمي محمد بنشريفة، الذي توفي مساء أمس الخميس بإحدى مصحات العاصمة الرباط عن عمر يناهز 88 عاما، بعد مسيرة حافلة بالعطاء.
ويعد الراحل، الذي ولد سنة 1930 بإقليم الجديدة، من أوائل الحاصلين على الإجازة من كلية الآداب بالرباط سنة 1960، كما نال على دكتوراه الدولة في الأدب بمرتبة الشرف الأولى من جامعة القاهرة عام 1969. وعمل أستاذا للأدب الأندلسي من عام 1970 إلى حين تقاعده عام 1995.
وباعتباره من أبرز المهتمين بتراجم أعلام الغرب الإسلامي، وأحد المؤسسين للدراسات الأندلسية، شغل منصب محافظ الخزانة الكبرى بجامعة القرويين بين 1976- 1978، كما كان عضوا في أكاديمية المملكة المغربية منذ تأسيسها، ومقررا للجنة التراث فيها، وعضوا بالأكاديمية الملكية للتاريخ في إسبانيا، وعضوا بمجمع اللغة العربية بدمشق.
اتخذ بنشريفة من تراجم الأعلام وسيلة لترسيخ هوية الغرب الإسلامي، وحضوره في معترك الحضارة الإسلامية بصورة فعالة، كما اتخذها وسيلة لضبط حركية تاريخ هذا الجناح من الغرب الإسلامي، بعد إحساسه بتقصير المغاربة في التعريف بأعلامهم، حيث لاحظ وهو يهيئ رسالته حول ابن عميرة أن الآداب المغربية، لم تحظ إلا بالنزر اليسير من جهود الباحثين، كم لاحظ أن الأدب الأندلسي لا يزال يفتقر إلى العناية، وأن الدراسات عن أعلام هذا الأدب ظلت “مقصترة على طائفة مشهورة… بينما بقيت شخصيات أدبية جديرة بالدراسة في حاجة إلى من يعنى بها”.
وتميز محمد بن شريفة بمهارة تشهد له بالاطلاع الواسع، والمعاشرة الدائمة للمخطوطات، وقدرته الفائقة على قراءة النصوص واستنطاقها، وكيفية الاستفادة منها في إجلاء ملامح الشخصيات. ومهما كانت الأخبار شحيحة، فإنه يحاصرها بتساؤلاته، ويخضعها لآلياته الاستكشافية، فيستخلص منها إفادات تفتح آفاقا للبحث.
ترك الراحل عدة مؤلفات وتحقيقات قيمة تعكس أسلوبه في البحث والاستقصاء منها “البسطي آخر شعراء الأندلس”، و”أبو المطرف أحمد بن عميرة المخزومي”، أما تحقيقاته فتشمل”الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي”، و”ترتيب المدارك للقاضي عياض”، و”روضة الأديب في التفضيل بين المتنبي وحبيب، لابن لبال الشريشي” و”ديوان ابن مركون”.
وحصل على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب سنة 1988، عن دراسته التي تناولت الأدب العربي في الأندلس ، وجائزة المغرب للكتاب عام 1987 عن دراسته “أبو تمام وأبو الطيب في أدب المغاربة”.